عبد الحفيظ ولعلو: استقلالية السنوار عن ايران ستعجل بحل للعدوان الإسرائيلي على غزة

 عبر عبد الحفيظ ولعلو، نائب رئيس الجمعية المغربية لمساندة الكفاح الفلسطيني، عن مخاوفه من أن تؤدي التطورات المتسارعة في غزة إلى اتساع دائرة الحرب في المنطقة، رغم مساعي التوصل إلى اتفاق بوقف إطلاق النار لازالت جارية. ويرى عبد الحفيظ ولعلو، في هذا الحوار الذي أجرته معه بيان اليوم، والذي يسلط فيه الضوء على  التطورات والأحداث الأليمة التي تشهدها القضية الفلسطينية، ويقدم فيه تحليله للمستجدات، أن المشهد قد يحمل تغيرات في ظل  التطور المتسارع للأحداث، وأن الحل السياسي يمكن أن يأتي من السنوار الذي تم انتخابه على رأس حماس بعد اغتيال اسماعيل هنية..

فيما يلي نص الحوار:

*باعتباركم نائب رئيس الجمعية المغربية لمساندة الكفاح الفلسطيني وبحكم مواكبتكم الدائمة لملف القضية الفلسطينية، ماهو تعليقكم على التطورات الأخيرة والمتسارعة التي تشهدها الحرب في غزة بعد اغتيال إسماعيل هنية زعيم حركة حماس؟

أشكر في البداية جريدة بيان اليوم لتمكيني عبر هذا الحوار من  تقديم مجموعة من الأفكار  بخصوص التطورات والأحداث الأليمة التي تشهدها القضية الفلسطينية، وتقديم تحليل للمستجدات والتي يحتمل أن تتغير قراءتها مع التطور المتسارع لما يجري.

وبخصوص السؤال، أعتبر التطورات التي تشهدها الحرب في غزة  خطيرة للغاية، عنوانها الأبرز الاعتداءات وجرائم الحرب ضد الإنسانية التي تقترفها إسرائيل والتي كانت محط إدانة واسعة من طرف دول العالم وضمنها المغرب، كما كانت محط إدانة جميع القوى في العالم والتي ما فتئت تدعو إلى الوقف الفوري للعدوان الذي أودى لحد الآن بحياة آلاف الضحايا من الأطفال والنساء والشيوخ، ناهيك عن الجرحى و المشردين والنازحين .

إنها حرب مدمرة تلك التي تقوم بها إسرائيل وحكومة نتانياهو بدعوى الرد على عملية السابع من أكتوبر الماضي والتي سميت بطوفان الأقصى، علما أنه يجب التأكيد أن عملية طوفان الأقصى سبقتها استفزازات وانتهاكات متواصلة من الاحتلال الإسرائيلي، وهي استفزازات جد خطيرة تم فيها المس عنوة بالمقدسات من ضمنها  اقتحام المسجد الأقصى، والاستمرار في التوسع بالسماح للمستوطنين بإقامة المستوطنات، فضلا عن باقي الانتهاكات التي كانت إسرائيل تهدف من ورائها محاصرة المقاومة وإحباط أي تهديد باندلاع انتفاضة ثالثة.

فحرب غزة أطلقها الاحتلال كانتقام لما جرى في السابع من  أكتوبر والتي أظهرت للعالم بشكل جلي مخططات اليمين المتطرف في إسرائيل والتي تنفذها حكومة نتانياهو التي تتأسس على رفض أي وجود فلسطيني، بل ورفض كل القرارات الأممية التي تقر بحل الدولتين، وقد وصل العدوان الإسرائيلي إلى مدى خطير غير عابئ بنداءات  وقف حرب، حيث لم يسلم من نيرانه أي شبر في غزة، وامتدت إلى اعتماد الاغتيال في حق قيادات سياسية وعسكرية لحركة المقاومة، حيث اغتالت بطهران اسماعيل هنية زعيم حركة حماس، كما اغتالت  فؤاد الشاطر قائد الجناح العسكري لحزب الله اللبناني.

وقد كانت هذه الاغتيالات محط تنديد شديد واستنكار قوي من طرف بلدان العالم العربي والإسلامي من ضمنها المغرب والهيئات والتنظيمات السياسية والحقوقية، وقد نددت  الجمعية المغربية لمساندة الكفاح الفلسطيني من جانبها بشدة بهذه الجريمة النكراء التي تم تنفيذها في وقت كان يتم فيه التفاوض من أجل التوصل لتفاهمات بشأن وقف إطلاق النار في غزة.

وفي اعتقادي أن كل الاحتمالات ممكنة أمام هذا الوضع الخطير . فغزة تشهد حرب إبادة، وحربا  عشوائيا تقوم بها آلة الحرب الإسرائيلية وتصعيدا يطال الإنسان والبنية التحتية من مستشفيات ومساكن وطرق وغيرها، في ضرب بعرض الحائط لكل القوانين والاتفاقيات الدولية التي تنشد حماية المدنيين في الحرب.

*على ضوء المستجدات الأخيرة،هل لازال ممكنا استمرار المفاوضات من أجل وقف إطلاق النار في غزة أم أن ما جرى سيكون الشرارة لتوسيع الحرب في المنطقة؟   

أمام  الوضع والتطورات الخطيرة بعد اغتيال كل من اسماعيل هنية قائد حركة حماس وفؤاد الشاطر قائد الجناح العسكري لحزب الله اللبناني، وتوعد كل من إيران وكل من والاها من حركات وحزب الله بالانتقام والقيام بعمليات نوعية للرد على هذه عمليات الاغتيال، تتزايد المخاوف بشكل رهيب من أن يؤدي ما جرى إلى اتساع دائرة الحرب في المنطقة، هذا علما أن مساعي التوصل إلى اتفاق بوقف إطلاق النار لازالت جارية، حيث يعمل الوسطاء العرب أي كلا من مصر وقطر إلى جانب الولايات المتحدة الأمريكية على هذا المسار للتوصل إلى اتفاق .

لكن المعطيات الميدانية تفيد أن كل البلدان في المنطقة اتخذت كامل الاستعدادات تحسبا للرد الإيراني، حيث حشدت الولايات المتحدة أسطولا بحريا يضم حاملتين للطائرات وعددا من الآليات الأخرى، هذا فضلا عن إعلان الأردن والمملكة العربية السعودية عن اتخاذ كافة الاحتياطات لمنع استعمال أجوائها في أي هجوم إيراني على إسرائيل، هذا علما أن الوسطاء العرب والغربيين أساسا الولايات المتحدة الأمريكية تعمل  بشكل مواز على الآلية الدبلوماسية من أجل تهدئة التوتر بالمزيد من الضغط على إسرائيل للقبول بوقف النار لعل ذلك يدفع في اتجاه ثني إيران عن تنفيذ توعدها بالانتقام.

*هناك من يعتبر أن ارتماء حركة حماس في حضن إيران لن يزيد الوضع إلا تعقيدا ويسبب المزيد من العراقيل أمام إطلاق مفاوضات جدية بين الطرف الفلسطيني والإسرائيلي، على اعتبار أن إيران لا تسعى إلا لخدمة مصلحتها وأجندتها في المنطقة، ما رأيكم؟

لإيران مصالح جيو استراتيجية في المنطقة ولها أهداف منذ أن قامت  الثورة الإيرانية بزعامة الخميني حيث تم حينها الإعلان عن الهدف الرئيسي من السياسة الإيرانية والذي جاء على لسان الخميني، ألا وهو تصدير الثورة الإيرانية الشيعية  إلى أكثر من دولة في المنطقة وحتى في إفريقيا.

بطبيعة الحال إيران الآن متواجدة في كثير  من الدول.  في اليمن عبر الحوثيين، و الحركات الشيعية في العراق، والمجموعات المسلحة الشيعية في سوريا، كما لها منفذ كبير في لبنان عبر حزب الله الذي يسيطر على جنوب لبنان ويهيمن على السياسة الداخلية في هذا البلد،

فإيران  تتواجد عبر كل هذه المنافذ وهي تستغل كل الأوراق في منطقة الشرق الأوسط أولا للدفاع عن مصالحها الحيوية والجيواستراتيجية  كباقي الدول في العالم، بل وتسعى في هذا الصدد إلى الخروج من أزمتها مع الولايات المتحدة فيما يخص الملف النووي بعقد اتفاق جديد بخصوص هذا الملف وإسقاط العقوبات الاقتصادية لمفروضة عليها والتي أثرت بشكل كبير على السياسية الداخلية في إيران وعلى مسار تحقيق التنمية، ولكن تسعى كذلك إلى استعمال القضية الفلسطينية  لصالحها ولفرض هيمنتها على ملف القضية عبر مساندتها ودعمها العسكري والمالي والإيديولوجي لبعض الفصائل الفلسطينية كحركة حماس والجهاد الإسلامي ، مستغلة الوضع المعقد في هذه المنطقة  التي يطبعها تداخل وتفاعل بين المصالح القومية ومصالح الدول العظمى .

شخصيا أرى ان استشهاد إسماعيل هنية بعد اغتياله في طهران، أي في عمق إيران، والذي يعد استفزازا كبيرا لإيران، والذي قررت على إثره الرد  بشكل أو بآخر كما فعلت سابقا، وصعود يحيى السنوار بانتخابه على رأس حركة حماس، يمكن أن يؤدي إلى نوع من التهدئة، خاصة وأن السنوار بالرغم من أن إسرائيل تعتبره هو المدبر والمهندس لعملية “طوفان الأقصى”، فإنه هو من  يفاوض بصفة مباشرة إسرائيل حول إنهاء العدوان وتحرير الأسرى الفلسطينيين وتحرير الرهائن. وحسب بعض المعطيات فإن الزعيم الجديد لحماس، ليس بذلك الزعيم الفلسطيني الذي له ارتباطات قوية مع إيران بل على العكس  يتمتع بالاستقلالية في اتخاذ القرار.

في اعتقادي، وبناء على هذه المعطيات من الممكن والمحتمل أن يأتي الحل السياسي من السنوار بالرغم من أنه يعتبر عدوا لإسرائيل التي هددت باغتياله في الأيام المقبلة، كما سبق وقامت بذلك مع عدد من الزعماء الفلسطينيين آخرهم إسماعيل هنية.

والقول بأن الحل السياسي يمكن أن يأتي على يد السنوار، يستند على اعتبار أن هذا الأخير يتمتع ب”الاستقلالية” بها في اتخاذ القرار الفلسطيني بعيدا عن التأثير المباشر لإيران في المنطقة.

 وهذا ما نتمناه وهو أن لا تتوسع الحرب وأن يصل الطرفان الفلسطيني والإسرائيلي إلى اتفاق إما في قطر أو مصر أو مكان آخر لإنهاء العدوان في غزة وفسح المجال لآفاق جديدة للحل السياسي المتمثل في حل الدولتين الذي ترفضه إسرائيل وترفض  معه الاعتراف بالدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس .

 أجرت الحوار: فنن العفاني

Top