تميزت مقابلة كأس السوبر الإفريقي التي أقيمت الأسبوع الماضي بالعاصمة القطرية الدوحة، بحدثين يحملان الكثير من الدلالات، أولا تتويج نادي الأهلي المصري على حساب فريق نهضة بركان المغربي، هذا الأخير ورغم الخسارة، إلا أنه ميز حضوره بهذا الموعد السنوي الرمزي، بتقديم كل ما لديه.
الحدث الثاني، يتجلى في المبادرة الرائعة التي قام بها لاعبو الأهلي لحظة تسلمهم ميداليات التتويج، حيث قاموا تباعا، ومباشرة أثناء مراسيم الحفل الختامي، بتقليد عنق رئيس النادي الكابتن محمود الخطيب، بميداليات الاستحقاق.
تعتبر هذه المبادرة ذات البعد الإنساني والأخلاقي، فوزا آخر للاعبي النادي، فوز يظهر القيم النبيلة والأسس الصلبة التي يرتكز عليها كيان هذه القلعة المعطاءة على مر التاريخ، مبادئ وركائز تشكل خارطة طريق، يؤمن بها، ويعمل على أساسها كل من يدخلها آمنا مطمئنا.
تسليم الميداليات تباعا لمحمود الخطيب، يعتبر عربون اعتراف ووفاء، اتجاه شخصية جد محترمة، فهو قبل أن يكون رئيسا يحظى بالتقدير ومبادئ الاحترام، فهو نجم واسم كبير حمل ألوان النادي والمنتخب المصري، وقدم طيلة سنوات طويلة، عطاءات تفتخر بها الأجيال، وبعد الاعتزال ظل أيضا اسما محترما يحظى بتقدير الجميع.
والأكيد أن مسار الخطيب يعد مثالا يحتذى بالنسبة لكل ممارس، سواء بالنسبة للاعبي كرة القدم، أو باقي الرياضات، فقد استطاع أن يرسم لنفسه طريقا متوازنا، طور إمكانياته ونسج علاقات واسعة، من موقع آخر يختلف عن موقعه كلاعب، بل كشخصية مسؤولة محترمة، وعندما وجد الأهلي نفسه في حاجة إلى خدماته من موقع آخر، كان في مستوى الثقة، وفي مستوى المسؤولية، التي أنيطت به، وهذه المرة كمسؤول أول بهرم التسيير الإداري.
التساؤل الحارق هو، من بإمكانه أن يكون “الخطيب المغربي”، أي لاعب كرة القدم السابق، والذي يتم اختياره كمسؤول أول عن تدبير شؤون ناد رياضي، كما هو الحال مثلا بالنسبة لنادي بايرن ميونيخ الألماني، حيث يتحمل هناك كارس هاينز رومينغيه مهمة رئيس المكتب التنفيذي، والبايرن كما هو معروف واحد من أعرق وأقوى الأندية ليس فقط بألمانيا، بل على الصعيد الأوروبي، وحتى الدولي.
المؤكد أن الواقع المغربي مختلف تماما، وأوجه الاختلاف تكمن في صعوبة الوصول إلى مستوى وجود لاعب سابق يتحمل مسؤولية تدبير ناد من الأندية الرياضية المغربية، والسبب هنا يعود لعاملين أساسيين:
أولى الأسباب تعود إلى العقلية المسيطرة على الأندية، والتي لا تؤمن قطعا بفتح المجال نهائيا أمام اللاعبين السابقين، قصد تحمل المسؤولية، بل هناك حاجز حتى أمام إمكانية الولوج مجال الانخراط، فبالأحرى تحمل كامل المسؤولية.
ثاني الأسباب تتعلق باللاعبين السابقين أنفسهم، ففي غياب تطور المستوى الفردي والشخصي، والسعي الدائم للتكوين وتقوية المدارك، من حيث التدبير والتسيير، والتمتع بكاريزما من نوع خاص، وطغيان الهاجس النفعي والآني والتفكير في أساليب “اللعب الصغير” في الكثير من الأحيان، يصعب حقيقة من مهمة تحقيق هذا الاختيار.
وفي ظل هذا الواقع غير والمشجع تماما، نأمل أن نرى على الأقل بالأمد القريب واحدا من نجوم كرة القدم المغربية على رأس أحد الأندية الوطنية.
>محمد الروحلي