عيد الاستقلال.. ذكرى للعبرة والإلهام للمضي قدما على درب الحرية والديمقراطية والتقدم

يخلد الشعب المغربي، يومه الأربعاء 18 نونبر، الذكرى الستين لعيد الاستقلال الذي توج الملحمة البطولية للمغرب قيادة وشعبا ضد المستعمر الفرنسي.
ويعيد الاحتفال بذكرى عيد الاستقلال  تلك الأحداث العصيبة التي عاشها الشعب المغربي، طيلة أربع وأربعين سنة، كرس فيها تمسكه بملكه محمد الخامس، وتشبثه بمطلب الاستقلال التام عن القوات المستعمرة، التي اجتاحت البلاد شمالا وجنوبا ووسطا. ومن أبرز تلك الأحداث العصيبة تقديم عريضة المطالبة بالاستقلال، في 11 يناير 1944، وما تلاها من مواقف بطولية، أظهر فيها جلالة الملك محمد الخامس ثباته على المبدأ، وتمسكه القوي بمطالب شعبه التي سيعلن عنها صراحة ودون مواربة في خطاب طنجة سنة 1947. خطاب مهد لثورة الملك والشعب، في غشت 1953. أحداث قاسية ومتتالية لكنها مترابطة من حيث المسعى المتمثل ليس فقط في جلاء المستعمر، بل في البناء لمغرب ما بعد الحماية والحجر. أحداث لا يجب استعراض ما وثقه التاريخ عنها من أجل تبجيل مرحلة، بل للمضي الحقيقي نحو ما يعرف بمعركة الجهاد الأكبر، في بعديه الاقتصادي والاجتماعي والسياسي، وبما تعنيه المعركة من تعبئة شاملة لكل مكونات المجتمع، لبناء الدولة المغربية الحديثة، على أسس ديمقراطية وتشاركية وتنموية، ولصون ترابها من أطماع النظام الجزائري.
ولعل الخطاب الذي ألقاه جلالة الملك محمد السادس، في السادس من نونبر الجاري، بالعيون، بمناسبة الذكرى الأربعين للمسيرة الخضراء، يعد خارطة طريق لمرحلة فاصلة من هذا الجهاد الأكبر الذي يقتضي تنزيل كل مقتضيات الدستور المغربي، ووضع استراتيجية تنموية شاملة تهدف إلى تحقيق نمو اقتصادي مزدهر ينعكس إيجابا على مختلف فئات المجتمع المغربي وجهاته متنوعة الموارد والروافد لتحقيق الترابط الوحدوي بين شمال المغرب وجنوبه وبين المغرب ودول جنوب الصحراء.
إن عيد الاستقلال يعتبر، من دون شك، جزء هاما من تاريخ المغرب. وعلينا أن نجعل هذا الجزء الرائع من تاريخنا موضوعا للعبرة والإلهام، لا للتبجيل الاحتفالي الذي ينقضي بانقضاء يوم الذكرى.
فالجهاد الأكبر لا يمكن أن يحمل معناه الكامل دون تنزيل كل مقتضيات الدستور، وإنجاح مشروع الجهوية الموسعة، ومواصلة المنجزات التنموية والأوراش الكبرى، خاصة في مجالات التعليم والصحة والبنيات التحتية والتنمية الاجتماعية والاقتصادية، بما يعود على الشعب المغربي بالنفع العميم، ويرفع مستواه المعيشي، ويقلص من بطالة أبنائه في الشمال كما في الجنوب.
والجهاد الأكبر لن يكتمل معناه ومدلوله دون صون الوحدة الترابية، ليس فقط دبلوماسيا من خلال الدفاع عن مقترح الحكم الذاتي الذي حظي بإشادة وإجماع دوليين، بل أيضا وأساسا من خلال تنزيل ما جاء في خطاب ذكرى المسيرة الخضراء من قرارات استراتيجية وتنموية، تلح على ضرورة القطع مع الريع والتوظيف المسؤول والعقلاني لموارد مالية ضخمة غايتها النهوض بأقاليمنا الجنوبية.

*

*

Top