برمجت القنوات التلفزية المغربية مجموعة من الانتاجات الوطنية التي تدخل في خانة ما يسمى بالسيتكوم، أي تلك السلسلات المرتكزة على المواقف الفكاهية، لأجل بثها خلال شهر رمضان، بمعنى أن هذه الإنتاجات أعدت خصيصا للعرض خلال هذا الشهر الكريم، وهي عادة سنوية دأبت عليها تلفزتنا منذ سنوات عديدة، إلى حد أنه بات من غير الممكن خلو خريطة برامجها من هذا الصنف من الإنتاجات، خلال الشهر المشار إليه.
هناك تكثيف لعرض الإنتاجات الوطنية الجديدة خلال هذا الشهر بالذات، خاصة تلك التي تدخل في نطاق المسلسلات الدرامية، وهي مسلسلات يغلب عليها الطابع الفكاهي.
ينطلق هذا العرض قبل ساعة الفطور بقليل ويمتد طيلة الليل، ما أن تنتهي حلقة مسلسل ما حتى يتم إتباعها بحلقة مسلسل آخر شبيه له، إلى حد أن المكلفين بالبرمجة يبادرون إلى إشعار المشاهد بعنوان المسلسل الذي سيتم عرضه لاحقا، عند الاقتراب من نهاية حلقة المسلسل المبثوث على الشاشة، مسلسل ينسيك مسلسلا آخر، وطبعا يتخلل هذه الإنتاجات كم لا بأس به من الوصلات الإشهارية، لا بل يتم توقيف الحلقة عدة مرات لعرض المنتوج الإشهاري. وكما نقول بتعبيرنا الدارج: روينة صافي.
هنا يصير الإشهار الخاص بالمنتوجات الاستهلاكية أهم من الإنتاج الفني الذي غالبا ما يكون سلسلة درامية فكاهية.
وقد تنبه إلى ذلك مخرجو الوصلات الإشهارية وصاروا يحرصون على تقديمها في قالب فني، وتكليف ممثلين معروفين بتشخيصها.
الممثلون أنفسهم الذين نجدهم يؤدون أدوار البطولة في المسلسلات المبرمجة في الفترة في نفسها، إلى حد أن هناك من يعتقد أن الشركات المنتجة للإشهار هي التي تفرض على إدارة التلفزة الفنانين المشاركين في إنتاجاتها المبرمجة خلال المدة المذكورة.
هناك إذن كثافة ملحوظة على مستوى الإنتاجات الوطنية التي يتم عرضها خلال رمضان، وهي إنتاجات كما سبقت الإشارة إلى ذلك، يغلب عليها الطابع الفكاهي: سيتكومات، عروض ساخرة، كاميرا خفية.. إلى آخره. يجري عرضها بشكل مسترسل، دون فواصل ما عدا الفواصل الإشهارية.
كما تقوم بتشخيص أدوار البطولة في تلك الأعمال، وجوه بعينها، تتكرر في أكثر من منتوج.
لماذا هذا الوضع؟ المسؤولون عن قنواتنا التلفزية، يضعون في اعتبارهم أن نسبة المشاهدة تبلغ ذروتها خلال هذا الشهر الأبرك، خاصة في ساعة الفطور، الشيء الذي يجعلهم حريصين على عرض إنتاجات وطنية جديدة، ذات جاذبية، ولا شك أنه ليس هناك ما هو أكثر جاذبية من العروض التي تبعث على الضحك والمرح.
وبالنظر إلى أن المشاهد أو الإنسان بصفة عامة ميال إلى كل ما يرفه عليه، خاصة بعد نهار كامل من الانقطاع عن شهوات البطن والفرج، فإنه ليس هناك أفضل من المسلسلات الفكاهية أو ما يصطلح على تسميته بالسيتكوم.
لكن، لكي لا نبخس البرمجة التي تعدها قنواتنا التلفزية، لا بد من الإشارة إلى وجود برامج جادة تستحق المشاهدة، غير أنها تشكل نسبة جد ضئيلة أمام الكم الوافر من البرامج الترفيهية الهزلية.
كما أن تلك الإنتاجات الجادة عادة ما يتم عرضها خارج أوقات ذروة المشاهدة التي تقترن أساسا بساعة الفطور.
إذا أردنا اختزال البرمجة الرمضانية بقنواتنا التلفزية، نجد أنها لا تخرج عن نطاق المسلسلات المغربية الفكاهية والوصلات الإشهارية وقليل جدا من البرامج المفيدة والجادة.
هذا الوضع من شأنه أن يدفع بالعديد من المشاهدين إلى التحول نحو قنوات أجنبية، سيما مع الإمكانيات الهائلة التي باتت تتيحها التكنولوجيا الرقمية، فبعد أن تم التخلص من الهوائيات التقليدية، صار اليوم ممكنا التخلص من الصحون المقعرة، ومن ثم التحرر من القيود التي كان يفرضها البث التلفزي على امتداد أعوام عدة.
> عبد العالي بركات