قال رشيد حموني، رئيس فريق التقدم والاشتراكية بمجلس النواب، إن المجهود الاستثماري الذي عرفه المغرب خلال السنوات الأخيرة لا يزال لحد الآن لم يحقق العدالة الاجتماعية والمجالية المطلوبة.
وأضاف حموني، في معرض تعقيبه على رئيس الحكومة، خلال الجلسة الشهرية المخصصة لمناقشة السياسة العامة، أول أمس الاثنين، والتي خصصت للسياسة العامة في مجال تشجيع الاستثمار، أن منطق النمو الاقتصادي ليس نقيضا للعدالة الاجتماعية، معتبرا أن العمليتين متلازمتان، والعمل بهما معا هو ما سيعطي مناعة أكبر للبلاد في مواجهة الصدمات، مشيرا في هذا الصدد، إلى أن المؤشرات تؤكد على مقاربة التقدم والاشتراكية التي لا تشاطر فكرة أن آليات السوق قادرة لوحدها تلقائيا على أن تحقق التوازن الاجتماعي.
وبعدما أعرب عن الاعتزاز بالتصنيف الذي وضع المغرب في المرتبة الثالثة، حاليا، من حيث جذب الاستثمار الأجنبي المباشر، والذي اعتبره مؤشرا قويا على أن المغرب يتميز بالمقومات التي تجعل منه بلدا قادرا على احتلال مواقع ريادية، سجل حموني أن الاستثمار يظل بدون معنى إذا كان يؤدي فقط إلى ملء الأرصدة المالية للمستثمرين دون أثر اجتماعي ومجالي.
وأردف حموني أنه “لا مستقبل للاستثمار إذا كان يستنزف الموارد الطبيعية بلا حسيب ولا رقيب”، على حد تعبيره، متابعا أن الاستثمار يظل بدون قيمة، أيضا، إذا لم يستحضر الإنسان كمحور في التنمية، بالإضافة إلى كونه بدون جدوى إذ لم يكن منتجا ويعزز السيادة الاقتصادية الوطنية، ويحقق الأمن الاستراتيجي والاكتفاء الذاتي، ويخلق فرص الشغل القار.
في هذا الصدد، شدد رئيس فريق التقدم والاشتراكية بمجلس النواب على أن السياسة الاستثمارية ينبغي أن ترتكز على قطاع عمومي كقاطرة للتنمية، إلى جانب قطاع خصوصي قوي ومسؤول اجتماعيا وبيئيا وجبائيا.
وأكد حموني على أنه من الجيد أن تطمح الحكومة لاستهداف بلوغ مساهمة الاستثمار الخصوصي بالثلثين مِنْ مجموع الاستثمارات بالمغرب، “لكن على أساس الحفاظ على حجم ومكانة الاستثمار العمومي، وبالمقابل تحقيق قفزة كـبرى بالنسبة للاستثمار الخصوصي”، وفق تعبير المتحدث.
وبخصوص توجهات الحكومة، ساءل حموني رئيس الحكومة عن مدى شروع هذه الأخيرة وتقدمها في بلورة التعاقد الذي دعا إليه جلالة الملك بين الحكومة والقطاع الخاص والقطاع البنكي، والمتعلق بتعبئة 550 مليار درهم من الاستثمارات، في أفق إحداث 500 ألف منصب شغل، في الفترة بين 2022 و2026. معربا في هذا الصدد، عن تطلع فريق التقدم والاشتراكية أن يتم، بالسرعة والنجاعة اللازمتين، تفعيل صندوق محمد السادس للاستثمار، من أجل أن يلعب أدواره الأساسية المنتظرة.
وقال حموني “إن فريق التقدم والاشتراكية، من موقع المعارضة البناءة والمسؤولة، برهن دوما على حرصه، مع كافة مكونات المؤسسة التشريعية، أغلبية ومعارضة، على أن تخرج كافة التشريعات ذات الصلة بالاستثمار، وذلك بروح إيجابية عالية”. مضيفا “وعليه، فإن الحكومةَ مطالبة، اليوم، بالمرور إلى مرحلة الفعل الميداني، من خلال اتخاذ القرارات الملموسة، لتفعيل كل التشريعات ذات العلاقة بالاستثمار، والتي صادق عليها البرلمان”.
ولفت حموني إلى أنه من غير المعقول أن يظل المغرب في انتظار إعادة هيكلة المؤسسات والمقاولات العمومية، والتي قال “إن أغلبها يمتص ميزانية الدولة، والعديد منها غارقة في المديونية وضعف الحكامة”. بالإضافة إلى اعتباره أن التأخر في الأجرأة الشاملة للإصلاح الجبائي أمر غير مبرر وغير مقبول.
وفي إطار الحديث عن تشجيع الاستثمار والارتقاء بمختلف القطاعات، توقف حموني عند القطاع غير المهيكل، حيث دعا الحكومة إلى ضرورة إيجاد الحلول التحفيزية، لأجل التشجيع على اندماج القطاع غير المهيكل في النشاط الاقتصادي المـنظم.
كما أكد المتحدث، أن السياق لم يعد يقبل الحديث عن آليات تحفيز الاستثمار، في حين ما تزال هناك نقائص كبيرة في نجاعة المراكز الجهوية للاستثمار، والتي قال إن بعضها تحـول إلى عائق عوض أن يكون عـنصـر تيسير للاستثمار.
وجدد حموني التأكيد على أن تحسين مناخ الأعمال لا يجب أن يختزل فقط في تبسيط المساطر الإدارية والرقمنة، “بل على الحكومةِ ضمان مقومات دولة الحق والقانون في المجال الاقتصادي، من خلال تحسينٍ فعلي للحكامة، والحرص على التقائية السياسات العمومية، وتوفير شروط التنافس والشفافية، ومحاربة كل أشكال الريع والاحتكارات”، وفق تعبيره.
محمد توفيق أمزيان