عبر عدد من الممثلين بالأقاليم الجنوبية للمملكة عن إدانتهم الشديدة للحكرة التي يتعرضون لها من طرف شركات الإنتاج التي يسند لها تنفيذ إنتاج مسلسلات درامية لقناة العيون التابعة للشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة.
ووجه فنانون الصحراء نداء لجلالة الملك من أجل التدخل لوضع حد لمعاناتهم من قلة فرص العمل والإجحاف الذي يتعرضون له من طرف شركات الإنتاج، وأوضح هؤلاء أنه وبعد أن أغلقت جميع الأبواب أمامهم فإن ملاذهم الأخير هو جلالة الملك محمد السادس باعتباره أعلى سلطة في البلد والحريص على رعاية الفنانين حيث أكد في خطاب الذكرى الثانية والأربعين للمسيرة الخضراء على تكريم أهل الفن والثقافة والإبداع.
وأطلق فنانون معروفون بالأقاليم الجنوبية حملة عبر مواقع التواصل الاجتماعي لفضح سلوكات بعض شركات الإنتاج وإجهازها على حقوق الفنانين واحتقراها لهم من خلال منحهم أجور ضعيفة.
واعتبر هؤلاء، في فيديوهات بثت على حساباتهم بمواقع التواصل الاجتماعي، أن شركات الإنتاج ظلت طيلة السنوات العشرة الماضية تجهز على حقوق الممثلين والتقنيين من أبناء الأقاليم الجنوبية. وتمثل هذا التعامل السلبي في الأجور الزهيدة التي لا تتعدى مائة درهم للحلقة الواحدة في أحد المسلسلات الدرامية التي تم تصويرها قبل سنتين وتم بثها على شاشة قناة العيون. كما ترفض عدد من هذه الشركات عن منحهم نسخ من عقود العمل وشهادات العمل ولا تسلمهم بيانات الأجور التي يتلقوها.
وطالب الفنان مصطفى التوبالي (الداخلة) بضرورة تدخل الرئيس المدير العام للشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة لتفعيل لجان مراقبة ظروف إنتاج هذه الأعمال والأجواء التي تمر فيها والتي تنعدم فيها أدنى شروط العمل، ومنها عدم التوفر على تأمين عن حوادث الشغل، فضلا عن ساعات العمل التي تتجاوز العدد المحدد في قانون الشغل.
ومن جانبها أكدت الفنانة فضيلة الهامل (العيون) أن الممثل يجد نفسه في حالة عطالة دائمة، إذ أنه ينتظر طيلة سنة للاشتغال في عمل درامي سيبث في شهر رمضان، لكن شركات الإنتاج تتفادى الاشتغال مع الفنانين المعروفين بكونهم يطلبون أجورا ملائمة، ويفرضون شروط الاشتغال تحترم مسيرتهم وعطاءهم الفني..
وطالبت الممثلة فضيلة الهامل، في فيديو مسجل، بتدخل المسؤولين لإيقاف هذا العبث، ودعت الفنانة التي سبق أن شاركت في عدد من الأعمال الدرامية والكوميدية تم بثها على شاشة قناة العيون، إلى فتح تحقيق حول ظروف اشتغال الممثلين والتقنيين التي اعتبرتها مزرية وتعد وصمة عار، كما دعت لزيادة عدد ساعات بث قناة العيون وبرمجة مسلسلات درامية ومسرحيات وأفلام تلفزيونية طيلة السنة وهو ما سيضمن للفنانين، بحسب رأيها، فرص شغل ويساهم في إشاعة والتعريف بالثقافة الحسانية.
فيما اعتبر الفنان سيدي أحمد شكاف (الداخلة) أن مصدر رزق الفنان يبقى هو الأعمال التلفزيونية والسينمائية التي يتم إنتاجها بالأقاليم الجنوبية، غير أنه في ظل الأوضاع الحالية فقد أغلق باب الرزق في وجههم. ودعا المنتجين للكف عن الاستهتار بالفنانين. وأوضح شكاف أنه حان الوقت لكي تكف شركات الإنتاج عن الجري وراء الربح المادي السريع وعن هذه المعاملة المجحفة، مطالبا بتوفير ظروف اشتغال ملائمة تحترم كرامة الفنان سواء من حيث الأجور المتعاقد بها أو من حيث ساعات العمل المحددة والتأمين.
وطالبت الفنانة فاطمة الغالية الشرادي (الداخلة) القيمين على القنوات الوطنية وخاصة الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة بإنتاج مسلسلات وأفلام سينمائية ناطقة باللهجة الحسانية لبثها لعموم مشاهدي القناة الأولى والقناة الثانية.
واستنكرت الفنانة فاطمة الغالية الشرادي، قيدومة المسرح الحساني بمنطقة الصحراء، تغييب الفنانين من أبناء جهة الداخلة وادي الذهب عن المشاركة في الأعمال الدرامية والكوميدية التي يتم بثها على شاشة قناة العيون الجهوية لأزيد من عشر سنوات. كما تساءلت الشرادي، العضو باللجنة الجهوية لحقوق الإنسان الداخلة وادي الذهب، عن الكيفية التي يمكن للفنان بالصحراء المغربية الاشتغال فيها وهو يطلع على الأجور المهمة التي تخصص لباقي الفنانين المغاربة في أعمال تلفزيونية وسينمائية بينما هو محروم منها.
ومن جهته أكد توفيق شرف الدين، رئيس فرع النقابة المغربية لمهنيي الفنون الدرامية وعضو مكتبها الوطني، أن النقابة نبهت منذ سنوات للأوضاع الكارثية التي يتم فيها تصوير الأعمال الدرامية، والاستخفاف بحقوق الممثلين والتقنيين من طرف شركات الإنتاج والتي تجهز على حقوقهم وتفرض عليهم ظروف اشتغال غير مهنية. وأكد شرف الدين أن النقابة أصدرت بيانات وبلاغات في حينه في الموضوع، كما عملت على تنظيم حملات لتحسيس الفنانين بحقوقهم وواجباتهم. ودعا رئيس نقابة الفنانين المسؤولين سواء وزير الثقافة والشباب والرياضة والرئيس المدير العام للشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة للتدخل وحماية الممثلين والتقنيين من شطط وتجبر شركات الإنتاج.
وأوضح توفيق شرف الدين أن النقابة المغربية لمهنيي الفنون الدرامية ستتفاعل مع حملة التضامن التي أطلقها الفنانون وبلورتها في أشكال نضالية سيتم الإعلان عن صيغها في حينه.
يذكر أن قناة العيون دأبت خلال كل شهر رمضان على عرض مسلسل درامي وسلسلة كوميدية ناطقة باللهجة الحسانية يتم إسناد تنفيذ إنتاجها لشركات إنتاج خاصة بناء على طلب عروض تطلقه الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة قبل أشهر من حلول الشهر الفضيل.
**********
في بيان لفرع جهة العيون الساقية الحمراء للنقابة المغربية لمهني الفنون الدرامية:
أطلق مؤخرا عدد من الفنانات والفنانين، لاسيما المشتغلين في مجال الدراما التلفزيونية، صيحات غير مسبوقة يستغيثون فيها من الظلم الذي يلحقهم من أرباب العمل والاستغلال البشع الممارس من قبل ثلة من المنتجين على جيش من الفنانين وأساسا الممثلات والممثلين.. ومنهم الممثلة فضيلة الهامل والممثل مبارك بنعمر من العيون، والممثل سيدي أحمد الشكاف والفنانة دستورة والمخرج محمد التوبالي من الداخلة.. وآخرون.. حيث بلغت درجة الجشع والاستغلال إلى حد تشغيل الفنانين بدون عقود شغل وبأجور زهيدة لا تكفي حتى لتغطية مصاريف التنقل لبلاطوهات التصوير، والحال أن الميزانية المخصصة لإنتاج الدراما التلفزيونية مرصودة من مالية الدولة وليست مالا خاصا يستثمره المنتجون الذين ليسوا سوى منفذين للإنتاج..
وكان الفنان توفيق شرف الدين، رئيس الفرع الجهوي بالعيون للنقابة المغربية لمهنيي الفنون الدرامية وعضو مكتبها الوطني، قد أدلى للصحافة، في وقت سابق، بموقف نقابته من هذه الممارسات مذكرا أنها نبهت منذ سنوات للأوضاع الكارثية التي يتم فيها تصوير الأعمال التلفزيونية الدرامية بالجنوب والاستخفاف بحقوق الممثلين والتقنيين من طرف بعض شركات الإنتاج التي تمعن في الإجهاز على حقوقهم وتفرض عليهم ظروف اشتغال غير مهنية بتاتا.. الشيء الذي يستدعي تدخل كل من وزير الثقافة والرئيس المدير العام للشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة لإعادة الأمور إلى نصابها وفق القوانين الجاري بها العمل في هذا الميدان، وحماية الفنانين من شطط وتجبر شركات الإنتاج..
على إثر هذه الصرخات المنبثقة من قلب الأقاليم الصحراوية، والتي انتشرت عبر وسائل التواصل الاجتماعي، بادر الفرع الجهوي للنقابة المغربية لمهنيي الفنون الدرامية بجهة العيون الساقية الحمراء إلى إصدار بيان استنكاري يشجب فيه هذه المعاملات الاستغلالية ويطالب فيه بإنصاف الفنانين المتضررين.. كما يطالب الدولة بالتسريع بتنزيل النصوص التنظيمية لقانون الفنان والمهن الفنية ومنها المرسوم المتعلق بالحدود الدنيا للأجور والعقد النموذجي وغيرها من المراسيم…
وفيما يلي نص البيان النقابي كما توصلت به الجريدة:
عقد الفرع الجهوي للنقابة المغربية لمهنيي الفنون الدرامية بجهة العيون الساقية الحمراء اجتماعا من أجل تدارس مجموعة من القضايا والمستجدات التي تهم الفنان المغربي عامة وبالأقاليم الجنوبية خاصة..
وفي مستهل الاجتماع سجل الفرع باعتزاز العناية الملكية السامية التي ما فتئ جلالة الملك يوليها للفنان وتأكيد جلالته في خطبه السامية على ضرورة تكريم الفن والفنانين المغاربة من طنجة إلى الكويرة وحرصه وعنايته المولوية الخاصة بالثقافة الحسانية باعتبارها مكونا أساسيا من مكونات الهوية الوطنية متعددة الروافد.
كما ثمن مكتب الفرع العديد من المكتسبات الوطنية في مجال حقوق المؤلف والحقوق المجاورة ومشروع تنزيل الحماية الاجتماعية للفنانين وفق مقتضيات قانون الفنان والمهن الفنية، في إطار المبادرة الملكية السامية لتعميم الحماية الاجتماعية على كل المواطنين المغاربة، معربا عن دعمه للمكتب الوطني للنقابة في كل الترافعات التي يجريها في هذا الصدد.
كما توقف مكتب الفرع عند الشكايات والتظلمات التي عبر عنها عدد من الفنانين الدراميين من تعسف بعض شركات تنفيذ الإنتاج الدرامي والاستغاثات التي أطلقها مجموعة منهم على مواقع التواصل الاجتماعي ضد استغلال عمل الفنانين بأجور بخسة مقارنة مع المبالغ المرصودة من قبل الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة، ناهيك عن قلة فرص الشغل وعدم احترام شروط ومعايير العمل الدنيا المتعارف عليها، زيادة على جملة من الاختلالات التي همت عقود العمل المبرمة مع الفنانين، وظروف الاشتغال المتسمة بانعدام المهنية والإجهاز على حقوق الفنان المادية والمعنوية.
وبعد النقاش المستفيض يعلن الفرع الجهوي لجهة العيون الساقية الحمراء عما يلي:
> شجبه الشديد لكل السلوكات الريعية المتبعة من قبل بعض شركات تنفيذ الإنتاج على حساب حقوق الفنانين بالأقاليم الجنوبية ومنها تشغيلهم بأجور زهيدة مقابل حصولهم على فرصة عمل؛
> تضامنه المطلق مع كل الفنانين الذين عبروا بشجاعة عن تضررهم ووقوفه إلى جانبهم من أي محاولة للإقصاء نتيجة تعبيرهم الحر عن مطالبهم المشروعة في ظل دولة الحق والقانون.
وباعتبار الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة هي المنتج الفعلي للأعمال الدرامية والمالكة لحقوقها، فإن المكتب الجهوي للنقابة يدعوها لتحمل مسؤوليتها في هذا الصدد بالعمل على:
> التحقيق في مدى احترام منفذي الإنتاج للعقود الشغلية المبرمة مع الفنان والتأكد فيما إذا كانت هذه الأجور البخسة التي يتلقاها الفنانون بالأقاليم الجنوبية هي فعلا المحتسبة في تكلفة الإنتاج التي تخصصها للدراما الحسانية؛
> زيادة عدد الأعمال الدرامية المخصصة لقناة العيون على مدار السنة وعدم اقتصارها على شهر رمضان فقط وذلك تثمينا للتطور المهني المضطرد والإشعاع الاجتماعي الذي أصبحت تحظى به الدراما الحسانية؛
> اقتناء الأعمال المسرحية من الفرق المحترفة وبثها على شاشة قناة العيون والقنوات التابعة للشركة كما كان معمولا به سابقا؛
> إعطاء الأولوية في العمل لحاملي بطاقة الفنان والفنانين المكرسين تجنبا لكل السلوكات غير المهنية المبنية على جلب عمالة فنية رخيصة غير مؤهلة طمعا في تخفيض التكلفة بشكل سافر ومفضوح..
ختاما يعلن الفرع الجهوي للنقابة عن دعوته لضرورة التسريع بتنزيل النصوص التنظيمية لقانون الفنان والمهن الفنية ومنها المرسوم المتعلق بالحدود الدنيا للأجور والعقد النموذجي وغيرها من المراسيم لكونها الضامن الحقيقي لحماية كل الفنانين المغاربة من العديد من مظاهر الاستغلال المتبعة من قبل مؤسسات تنفيذ الإنتاج بأموال تعود للدولة أو مؤسساتها.
كما تهيب النقابة بكل الفنانين بالأقاليم الجنوبية لرص الصفوف والعمل على فضح السلوكات التي تقوم بها بعض شركات الإنتاج في حقهم وتدعوهم إلى التعبئة وراء إطارهم النقابي، ورفض كل العقود أو الشروط التي لا تحترم كرامتهم كفنانين، والوقوف صفا واحدا لمواجهة كل ما يمس حقوقهم المشروعة التي يضمنها لهم الدستور والقوانين المنظمة للعلاقات الشغلية، وقانون الفنان.
كما تحتفظ النقابة المغربية لمهنيي الفنون الدرامية بحق اللجوء لكل الأشكال النضالية التي يخولها القانون للوقوف في وجه التجاوزات التي يتعرض لها الفنان.
حرر بالعيون،
في: 28 يونيو 2021