فيصل بنكيران: المرأة بالنسبة لي هي منبع الجمال.. والإرث الحضاري لتطوان ألهمني كثيرا

احتضنت صالة «إيدن آر كالري» بمدينة الدار البيضاء، معرضا فنيا للفنان التشكيلي فيصل بنكيران، الذي اختار له عنوان «إرث»، ومن خلال العنوان، يتضح أن الفنان التشكيلي أراد أن ينبش في لوحاته عن إرث الأجداد الزاخر بتراث غني.
يتمثل هذا المعرض الذي افتتح يوم الخميس 21 نونبر الجاري، ويستمر إلى غاية 14 دجنبر المقبل، تجارب مجموعة من الفنانين التشكيليين المعنيين بالتيمات التي يشتغل عليها فيصل في لوحاته. والتي تهتم أساسا بالمرأة، فهي تارة تحمل طبقا من حلوى «الغريبة» أو جالسة تتأمل وهي ترتدي «القفطان» المغربي وبعض الحلي الثمينة، بالإضافة إلى إيحاءات لفنانين مغاربة وأجانب عالميين، مثل المليحي ونيكي دو سانت فال وجيف كونز..
ولإبراز المواضيع التي يشتغل عليها فيصل في لوحاته، يقول: «تأثرت في بداياتي كثيرا بـL’art figuratif ، وبعد ذلك مررت بمراحل أخرى اشتغلت فيها بمجموعة من الحركات الفنية، والآن أشتغل على تطور الفن التشكيلي المعاصر، وأحاول توظيف ثلاثة أشياء: المفهوم، التقنية والإبداع».
يضيف فيصل في تصريح خص به جريدة «بيان اليوم»: «في هذا المعرض «إرث» اشتغلت على الموروث الثقافي الذي يزخر به المغرب، والذي عرف حداثة أو عصرنة بسبب العولمة. كما أركز في أعمالي بالأخص على المرأة. لأن المرأة عبر التاريخ كانت دائما ملهمة لعدة فنانين تشكيليين. وأنا بالنسبة لي هي منبع الجمال، والفنان دائما يبحث عن الجمال في أعماله، فهي تخلق رونقا وجمالية عن طريق لباسها وحليها داخل اللوحة».

                      لوحة للفنان فيصل بنكيران

وفي جوابه عن سؤال يتعلق بالتركيز في لوحاته على النساء ذوات البشرة السوداء يقول الفنان فيصل بنكيران: «بالنسبة للنساء اللواتي لديهن بشرة سوداء، أجد متعة في الاشتغال عليهن». قبل أن يضيف: «أنا أنتمي لمدرسة تطوان، وتطوان هي حضارة أندلسية عريقة. والمدينة تمتاز باللباس التقليدي (القفطان) وكذلك الصناعة التقليدية. عشت في المدينة القديمة مع أجدادي، وقد كانت جدتي تخيط القفطان وترتديه في المناسبات والأعياد، وقد أثرت مرحلة الطفولة على أعمالي لاحقا (…) بدأت منذ سنة أشتغل على هاته التيمة في لوحاتي، التي تسبر أغوار تراثنا المغربي، كما أركز على (القفطان) في أعمالي كي لا تدعي دولة أخرى أنه تراث ينتمي لها، كما أحاول أن أعطيه بعدا عالميا».
أما مديرة المعرض، فاطمة الزهراء الطاهري، فقد قالت في حديثها مع الجريدة: «معرض إرث يركز على المرأة وجذورها.. أي ثقافتها وماضيها، ومن خلاله نكتشف عملية انتقال هذا الإرث الذي حاول فيصل بنكيران أن يظهره بطريقة بسيطة يمزج فيها بين ألوان ناعمة أظهرت عمق التقاليد وجمالية الحداثة».
وحول ارتسامات الحضور عن معرض فيصل بنكيران، قال الفنان التشكيلي عبد الكريم الأزهر: «أنا جد سعيد بمعرض هذا الفنان الأصيل والمتفرد بأسلوبه الذي تناول فيه لمسات لونية هادئة، ذات إيقاع شاعري، كما أن الوجوه التي يشتغل عليها، مختارة بانتقاء وعناية، والجميل فيها هو التركيز على الرؤية التي تبدو متفحصة. فيصل أعطى رؤية أخرى للواقعية دون تشويهها. هناك أيضا جانب التكريمات في لوحاته لمجموعة من الفنانين مثل سعد بن سفاج والمليحي ومليكة أكزناي الذين دمجهم مع البورتريهات التي رسمها.. وفي ذلك اعتراف لهم. كما أنه وظف التراث وما هو تقليدي بطريقة أعطته قيمة وليس بشكل مجاني».


فيما قال الناقد الفني أحمد فاسي: «فيصل بنكيران مبدع ظل وفيا لقيم فن النهضة من حيث التشبث بقواعد التشخيص الواقعي مع بعض التصرف، وكأني برافايل أو دافينشي بعثا في زمن الذكاء الاصطناعي، فلم يعبثا بلعبة عصر لا يمت لذواتهم بصلة».
وزاد المتحدث قائلا: «فيصل بنكيران فنان يغازل زمن الكبار من كل العصور، وريث تقنيات يتجاوزها أحيانا لتكريم أساتذة طبعوا تاريخ الفن ببلده، أو يتلهى أحيانا بمحاورة بعض تقنيات الفن المعاصر ببعض من الدعابة. تشكيلي برع في نقل الشفافية مثلما تفوق في مساءلة السمراوات، في تكريم جلي للمرأة ذات البشرة عير البيضاء في الغالب، ولا الشقراء، وهي ترفل في أبهى حلل تراثية وكأني بها أخذت من متحف».
واختتم فاسي تصريحه بالقول: «فيصل صان عبق التراث برؤية معاصرة في تشبث بقيم الموروث، وانفتاح بلا قناع، على الوسط والمستقبل … منصف عرفته مذ كان في البدايات، واستضفته في برامج إذاعية وقاربت أسلوبه بلغة موليير، في معرض جماعي تحت عنوان «الفن التشخيصي: الرجوع الأكبر». وعد تقنيا فوفى ولا يزال يعد بالكثير».
جدير بالذكر، أن فيصل بنكيران حصل على البكالوريا في الفنون البصرية عام 1995. كما انخرط بعد تخرجه من المعهد الوطني للفنون الجميلة بتطوان في سلك التدريس، وبدأ يعرض لوحاته منذ تسعينات القرن الماضي.

متابعة: سارة صبري

تصوير طه ياسين شامي

Top