كشف النجم البرتغالي لنادي يوفنتوس الإيطالي كريستيانو عن الدوافع الحقيقية التي دعته إلى مغادرة نادي ريال مدريد الإسباني بعد 9 سنوات قضاها بالعاصمة، وحققها في العديد من الإنجازات سواء على المستوى الفردي أو الجماعي.
وأوضح رونالدو في حوار خاص أجراه مع مجلة “فرانس فوتبول” الفرنسية، أن تغير نظرة رئيس ريال مدريد فلورونتينو بيريز له، لعبت دورا كبيرا في تفكيره في مغادرة النادي الملكي، مبرزا أنه أحس بأنه لم يعد مرغوبا فيه، ومجرد علامة تجارية لا غير.
واعترف النجم البرتغالي بأن قرار انتقاله للعيش بتورينو قد يكون غريبا، لكنه كان قرارا جيدا وانتقالا ناجحا نظرا لقيمة يوفنتوس كناد كبير، مضيفا أنه من نوعية اللاعبين الذين يبحثون عن تحد جديد بعد فترة طويلة حققها فيها كل شيء بمدريد.
وأبرز رونالدو الذي رفض ربط رحيله برحيل الفرنسي زين الدين زيدان، أنه ما يزال يتعلم خصوصيات الكرة الإيطالية وعلاقته بزملائه والمدرب ماسيمليانو أليغيري، مضيفا أن الدوري الإيطالي أقوى دفاعيا من بطولتي إنجلترا وإسبانيا.
وشدد اللاعب الذي أبدى صموده أمام اتهامات اغتصاب فتاة أمريكية، أنه يستحق الفوز بالكرة الذهبية لسنة 2018 ولو أنها لا تشكل هاجسا له، مؤكدا أنه اللاعب الوحيد بجانب الأرجنتيني ميسي، القادر على البقاء في قمة مستواه لـ 10 سنوات.
> من الغريب جدا أن نشاهدك هنا (تورينو)، بعد كل تلك السنوات التي قضيتها بمدريد، كيف تم الانتقال من مدينة إلى أخرى؟
< أظن أني قمت باختيار جيد وهو انتقال ناجح. حققت الكثير من الأشياء الجيدة بمدريد وقضيت أوقاتا لا تصدق مع لاعبين بمستوى عال للغاية وأيضا مع المشجعين، وسأظل أتذكرها على الدوام. لكن أظن أنه بعد 9 سنوات هناك، جاء الوقت بالنسبة لي لكي أغير النادي وأنتقل. اليوفي واحد من أكبر الأندية في العالم، ولهذا كان للانتقال معنى. بطريقة كان الأمر صعبا، وفي نفس الوقت كان سهلا نسبيا.
> ماذا تقصد بهذا؟
< الانتقال من الريال إلى اليوفي قد يكون غريبا في النظر الكثير من الأشخاص. لكن مرة أخرى أؤكد أن لانتقالي معنى. وأنا سعيد به.
> هو أمر غريب لأن الكل اعتقد أنك سنتهي مشوارك بمدريد …
< نعم. أطفالي ترعرعوا هناك، ولدي الكثير من الأصدقاء ومنزل وأيضا أعمالي. لن أخفي أن الأمر كان صعب قليلا، ولكن، في بعد المرات، التغيير ضروري. كما تعلمون، أنا شخص يحب التحديات. لا أحب التواجد في منطقة مريحة. أفضل اقتحام تحديات جديدة والبحث عن الأدرينالين الذي يمنحك الإثارة.
> ما هي نقطة التحول التي جعلتك تقول: سوف أغادر؟
< دعنا من نقطة البداية، إذا كنت لا تمانع. كما قلت، بعدما قضيت 9 سنوات في مدريد، لقد فزت بكل شيء، بالألقاب الجماعية والفردية. لبعض الوقت، قلت إنه من الأفضل الذهاب إلى مكان آخر. أحسست داخل النادي، خاصة من لدن الرئيس (فلورونتينو بيريز)، بأنه لم يعد يعاملني كما كان الحال في البداية، وتحديدا في السنوات الأربعة أو الخمسة الأولى. كان لدي شعور بأني كريستيانو رونالدو. لاحقا، الرئيس أصبح يراني بعينيه ويريد قول شيء ما، كأنني لم أعد ضروريا له. هذا ما جعلني أفكر في إمكانية الرحيل. أحيانا كنت أرى الأخبار التي تقول إني أنا من طلب المغادرة. هناك جزء صحيح من ذلك، لكن الحقيقة أني شعرت بأن الرئيس لن يحتفظ بي. لذلك قررت مواصلة حياتي في مكان آخر والاستماع لعروض أندية أخرى. وشيئا فشيئا، أصبحت الفكرة أكثر واقعية.
> أفضل لاعب في العالم، والذي قرر تغيير النادي لأنه لم يعد مرغوبا فيه، يعترف بأنه أمر غريب …
< أعلم. ولهذا تكلمنا كثيرا عن هذا وتم انتقادي أيضا. لكن هذا جزء من مساري في الحياة. لا أحد غيري يعلم الحقيقة. أجري حوارات قليلة. نادرا ما أتوقف بالمنطقة المختلطة بعد مباريات دوري أبطال أوروبا للإدلاء برأيي. كانت هناك الكثير من الأكاذيب التي نشرت عني. الحقيقة أن الرئيس أرادني، لكن في نفس الوقت، يعلمني بأن رحيلي لا يشكل أي مشكلة.
> لم تعد تشعر بأنك محبوب، أليس كذلك؟
< لا أعتقد أن كلمة الحب تصلح لمثل هذه العلاقة. أفضل استخدام مصطلح الاهتمام أو الرعاية. الحب بالنسبة لي، هو موجه أكثر للعائلة والأطفال والزوجة. في هذه الحالة، ليس الكلمة المناسبة، لأنه في النهاية أصبح الرئيس يراني كعلاقة تجارية. عرفت ذلك. كحد أقصى، أستطيع فهم إذا ما كنت صادقا معي وتشرح لي الأمور، وهذا هو تصور كرة القدم.
> ماذا تقصد؟
< شخصيا، أقول دوما ما أظنه بنسبة 99% ونسبة 0,01% المتبقية أحتفظ بها سرا، لأنه من الجيد أحيانا أن تخفي بعض الأمور. أتكلم طبعا عن كرة القدم وعن المحادثات الشخصية مع المدرب والزملاء …
> هل لعب رحيل زيدان عن الفريق قبلك بشهر دورا في اتخاذك هذا القرار؟
< تعلمون أني أحب كثيرا زيدان سواء الإنسان أو المدرب. لكن قراري لا علاقة له برحيله. إنها واحدة من تلك الأشياء الصغيرة التي جعلتني أشعر بالرضا عن الوضع في النادي. لو يطلب مني أحد المغادرة، لكني كنت عازما على ذلك.
> ما الفرق بين مغادرتك لنادي مانشستر يونايتد قبل الإنجليزي قبل 9 سنوات ورحيلك عن مدريد الصيف الماضي؟
< مانشستر كان بداية مساري. إنه فريق رائع حيث تعلمت فيه الكثير من مدرب أدين له بالشيء الكثير السير أليكس فيرغسون. كانت الصحوة على أعلى مستوى وبداية حياتي كلاعب كرة قدم. الذهاب لريال مدريد أكبر أندية العالم، كان تقدما منطقيا وواحدا من التحديات التي -كما قلت لكم قبل قليل- بأنها تحمسني. الريال هو التاريخ هو دوري الأبطال وتحقيق حلم اللعب له. اليوم هذا الفصل أغلق وفتح آخر بتورينو هو أيضا مهم، خصوصا أن الفريق يؤدي بشكل جيد والموسم قد بدأ بشكل جيد، وأن المشجعين -كما كان الحال مع مشجعي الريال- يدعمونني بشكل تام. هنا الأنصار يظهرون لي الكثير من المودة والتعلق بي. إنهم بجانبي كأنصار الريال في اللحظة التي أعلنت فيها رحيلي عن النادي. هذا ما أثر في كثيرا، لكنه لم يكن كافيا لبقائي هناك.
> لماذا لاعب بعمر 33 سنة يحتاج إلى تحد جديد وهو يملك رصيدا كرصيدك ويتواجد في القمة؟
< السن ليس عاملا مهما. ربما لبعض الأندية، وليس لي أنا. صحيح أنه كان بمقدوري البقاء حيث كنت وبأريحية، ومواصلة الفوز بالألقاب مع أحد أكبر الأندية في العالم. حسنا، لكن بالتأكيد هذا ليس مناسبا لي. وليس ما أبحث عنه إذا لم أعد أشعر بأني مدعوم ومطلوب ومرغوب فيه. أنا أفضل الحركة مهما كان عمري أو قيمة راتبي. كما تعلمون قالوا إني غادرت بسبب المال، لكنها ليست الحقيقة. لدي مال كاف، ولا يشكل لي هاجسا. طبعا المال مهم لتعيش بشكل جيد، كما هو الشأن معي. عندما أستقيظ صباحا للذهاب إلى التداريب، هل تعتقدون أن ما يحفزني هو بيان راتبي الشهري؟ أنا أحب اللعبة والتحدي. وهذا ما يثيرني. لو أردت أن أجعل من انتقالي مسألة مال لانتقلت إلى الصين حيث سأحصل على راتب يضاعف 5 مرات راتبي هنا أو في الريال. لم آت لليوفي من أجل المال. كنت أحصل على نفس الراتب بمدريد مع امتيازات. الفرق هو أني هناك باليوفي مرغوب بصدق. لقد قالوا لي هذا وأظهروه في الواقع.
> كيف يسير تأقلمك مع الكرة الإيطالية؟
< ما أزال في فترة التأقلم. كما تعلمون فأن تتطور ببطولة كالليغا طيلة 9 سنوات وتنتقل بعدها لـ “السيري أ”، ليس بالأمر السيء. إنها ثالث أكبر بطولة أمارس فيها، وهي مختلفة عن البطولتين الأخرتين. أود أن التكيف مع زملائي وأسلوبهم التكتيكي والبدني وتموقعهم على أرضية الميدان بـ “السيري أ” وإيطاليا واللغة الإيطالية. هذا ليس سهلا، لكنه أمر محفز، خصوصا أن الكل في العالم يساندونني. لا أعتقد أنني عملت كما أعمل هنا باليوفي الذي يعد ناديا كبيرا من حيث المهنية. أنا مبارك لأنهم أتاحوا لي هذه الفرصة. مع تجربتي ولعبي، سأفعل الآن كل شيء لأساعد الفريق للذهاب بعيدا بقدر الإمكان.
> دورك مختلف هنا عن دورك عندما كنت في الريال؟
< مرة أخرى، نحن نتعلم تقدير بعضنا، خاصة مع زملائي الذين لا يعرفونني بشكل جيد. في مدريد كان التواصل داخل الملعب يمر بشكل أوتوماتيكي بيني وبين مارسيلو أو مودريتش كمثال. هنا أعلم أن هذا سيحدث. بالفعل، أنا أحب هذا المحيط الجماعي. إنه شيء مهم.
> لكن هل ترى في أعين زملائك شيئا مختلفا، والتي تشير إلى الإعجاب أو الاحترام؟
< في أي مكان، هنا وكما في مدريد، هناك أشخاص يحبونك كثيرا، وأشخاص أقل. وهذا ليس شيئا غريبا. باليوفي أحس بتقدير كبير. اطلعت على الحوارات التي أجراها زملائي وتحدثوا خلالها عني كلاعب عادي وانسجم داخل المجموعة دون مشاكل، وليس كنجم. أظن أنه من المهم أن أشعر بهذا، لأنه يؤكد أن المجموعة متحدة. نحن نسير على موجة متناغمة ولدينا نفس الدفاع لتحقيق النجاح.
> ما هي طبيعة العلاقة التي تجمعك مع المدرب ماسيمليانو أليغيري؟
< جيدة جدا. إنه شخص كفء، وأيضا جد مرح، وهو ما لا أشك فيه. ومحترف للغاية كما شأن النادي ككل. وأكر على هذه النقطة لأني أنا أيضا من هذه النوعية. هذه البيئة توافقني تماما. نفكر ونتجه في نفس الطريق. الآن يجب علينا أن نفوز، وهذا هو سبب قدومي هنا.
> ما هي الفوارق بين اللعب في الدوري الإيطالي والدوريين الإنجليزي والإسباني؟
< لم أخض حتى الآن سوى 9 مباريات، ولهذا من الصعب نسبيا علي أن أعقد مقارنة من هذا النوع. أظن أن الفرق الأكبر يتجلى في الجانب الدفاعي بـ “السيري أ”. هنا يدافعون بشكل أفضل. إنه دفاع أقوى. هناك مساحات أقل من إسبانيا أو إنجلترا. أريد أن أقول إنها مختلفة بمعنى أنها لا تشغل أرضية الميدان بنفس الطريقة. الجانب التكتيكي مهم، وهو ما تحس به. ولهذا أنا ما أزال أتعلم خصائص الكرة الإيطالية.
> كرة ذهبية سادسة ستضعك فوق الجميع في تاريخ كرة القدم؟
< قلت أكثر من مرة، الفوز بالكرة الذهبية السادسة ليس هاجسا بالنسبة لي. ولا أطرح الأسئلة بهذه الطريقة. أعلم مسبقا وفي داخلي، أني واحد من أفضل اللاعبين في التاريخ. بطبيعة الحال أرغب في الفوز بكرة ذهبية سادسة. سأكون كاذبا لو قلت العكس. أنا أعمل من أجل ذلك، كما أعمل عل تسجيل الأهداف والفوز بالمباريات دون أن يشكل هذا هاجسا لي. أعتقد أني أستحق الكرة الذهبية لهذه السنة. وأعمل جاهدا ليتحقق نفس الشيء في كل السنوات. أعلم ما أقوم به وما أجمع من إحصائيات بانتظام على مدار السنة، وما فزت به على مستوى الألقاب. وأنتم تعلمون ذلك أكثر مني. لكني أعلم أنه هناك آخرين يستحقونها وأحترمهم بشكل كبير. إذا لم أفز بالكرة الذهبية سأنام كالعادة.
> من هم أكثر المنافسين الذين يشكلون خطورة عليك؟
< كالمعتاد، ولو أني لا أدري إذا ما كان ميسي سيتواجد على المنصة هذه المرة. يمكن أن نقول صلاح ومودريتش وغريزمان وفاران ومبابي وجميع الفرنسيين لأنهم فازوا بكأس العالم. لكن سأنتظر إذا ما كان هؤلاء جميعا قادرين على البقاء في القمة خلال السنوات العشرة القادمة، كما فعلت أنا وميسي وسنستمر في فعله. دائما كنا متواجدين في منصة التتويج قبل أكثر من 10 سنوات…
> ألا ترى أنها نهاية سيطرة وملحمة؟
< تودون أن تكون نهاية مرحلة. لكن هذا لن يتحقق. أنا موجود وسأظل دائما متواجدا. وأستحق ذلك. قدراتي تتحدث عني. ولا يمكنني لأحد أن يضعني في الخارج.
> هل تفكر بالكرة الذهبية في كرة مرة تدخل أرضية الملعب؟
< أبدا. لا أقول إنه يتوجب علي أن أسجل في المباراة لأفوز بالكرة الذهبية. عندما تفوز بدوري أبطال أوروبا وتسجل في المباراة النهائية، قد تقول إن حظوظك ترتفع في الفوز بواحدة أخرى. أعتقد أن على الأمور أن تسير بشكل طبيعي. عموما هاجسي الوحيد هو كرة قدم.
> هل تعتقد أن الاتهامات الأخيرة القادمة لاس فيغاس قد تؤثر على حظوظك؟
< اسمعني .. لن أتجنب هذا السؤال أو أكذب عليك. طبعا هذه القصة تتدخل في حياتي. لدي رفيقة و4 أطفال. ووالدتي وشقيقاتي وأخي وأسرة جد مقرب منها. دون الحديث عن سمعتي كشخص مثالي. بالنسبة لزملائي وعائلتي والمحبين الذين يدعمونني، هذه الحكاية لن تنتهي بدون نتائج. أنا قوي ذهنيا. وأعلم أني رجل ولاعب محترف. تخيل معي ماذا سيقع لك لو اتهمك أحد بأنك مغتصب .. أنا أعلم من أكون وما أفعله الحقيقة ستظهر في واضحة النهار ومن ينتقدونني ويتعرضون لي حياتي الشخصية سيرون. سوف أرى إذا كان هؤلاء سيضعون صورتي في الصفحة الأولى في الصحف ويقولوا إني بريء أسرتي وأصدقائي يعلمون من أنا، ولكن الأمر يبقى مزعجا للغاية.
> هل تعتقد أنك ضريبة تدفعها مقابل المجد الكروي الذي بلغته؟
< أعلم أني واحد من أشهر الشخصيات في هذا الكوكب. أعلم أيضا أن كل ما يقال عني في الصحف يساعدهم على بيعها سواء كانت أخبارا جيدة أو مسيئة لي. ولو أنه يتم تسويق الأشياء السيئة أكثر. عدد من الخبراء في الإعلام شرحوا لي ذلك. أحاول أن أتحمل ذلك وأظل هادئا.
> هل فكرت يوما عندما غادرت ملعب “أولد ترفورد” أو خرجت مبكرا من نهائيات كأس العالم، في أنها آخر مرة تلعب في هذه المنافسة أو تلك؟
< على الإطلاق. أنا أعيش الوقت الحاضر فقط. المستقبل لا أعلمه ولا أستطيع التحكم فيه. من يدري قد ألتقي بمانشستر يونايتد في نهائي دوري أبطال أوروبا؟ في كرة القدم كل شيء ممكن. تذكر منتخب البرتغال خلال كأس أمم أوروبا 2016، لم يتوقع أحد ما وقع.
> ماذا يعني لك أنك لن تواجه ميسي مجددا؟
< من الرائع مواجهة أفضل اللاعبين في العالم. وميسي واحد منهم. لكن الحياة تستمر. الكلاسيكو حتى بدوني ودون ميسي يظل الكلاسيكو. هناك لاعبون آخرون يخوضونه. أعتقد أنه من القاسي لدى البعض أني لم أعد لاعبا في الريال النادي الذي سيظل دوما في قلبي، وفي نفس الوقت ميسي يغيب بسبب الإصابة ..
* عن مجلة «فرانس فوتبول» الأسبوعية
عدد 3781 الثلاثاء 30 أكتوبر 2018
> ترجمة: صلاح الدين برباش *