في لقاء عن بعد نظمته جمعية خريجي المعهد العالي للتجارة وإدارة المقاولات

قال محمد نبيل بنعبد الله الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية إن هناك من يسعى لترويج خطاب تبخيسي للعمل السياسي، واتهام الأحزاب بالكسل والتشابه في البرامج وغيرها من الأوصاف، معتبرا أن هذا الخطاب خطير ويجب التصدي له.
وأضاف بنعبد الله الذي كان يتحدث مساء الخميس الماضي، في لقاء عن بعد نظمته جمعية خريجي المعهد العالي للتجارة وإدارة المقاولات، أن وجود الأحزاب السياسية ضروري في أي بلد ديمقراطي، ولا يمكن لأي دولة أن تتقدم بدون قوى سياسية حقيقية حاملة لمشروع مجتمعي.
وتابع بنعبد الله أنه مزامنة مع هذا التبخيس، يتم الترويج لبعض الأحزاب على أنها البديل، في حين أنها أحزاب ضعيفة وغير مستقلة وغير قادرة حتى على الدفاع عن توجهاتها، مشيرا إلى أن هناك نوعا من السطو على شعارات اليسار من قبل أحزاب يمينية وليبرالية، ما يعطي صورة مشوهة عن العمل السياسي، خصوصا، يقول المتحدث، “وأن هذه الأحزاب غير قادرة على تحمل المسؤولية والجهر بأفكارها والتوجهات الحقيقية التي تؤمن بها”.
وأشار بنعبد الله إلى أن الشجاعة لا تتمثل في تبخيس الفضاء السياسي، وضرب الأحزاب السياسية الجادة، بل في كشف المسؤول الحقيقي عن إغلاق لاسامير، وعن الخروقات التي تشوب قطاع المحروقات.
وشدد الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية على أن الأحزاب السياسية ليست متشابهة كما يحاول البعض الترويج له، بل هناك أحزاب ضعيفة أو أحزاب معروفة النشأة، وأحزاب أخرى جاءت من رحم الشعب والمجتمع، وهي أحزاب وطنية تشتغل بقوة وبدينامية، ومنها حزبنا حزب التقدم والاشتراكية الذي أنتج وثائق قوية ومهمة.
في هذا السياق، أوضح بنعبد الله أن حزب “الكتاب” انصب في جميع المراحل المهمة التي تمر منها البلاد على إنتاج وثائق قوية، والتي من ضمنها مخطط وطني للإقلاع الاقتصادي، بعد رفع الحجر الصحي، للقضاء على الهشاشة والفقر بمساهمة خبراء ومختصين في مختلف المجالات، مبرزا أنه جرى إعداد هذه الوثيقة وإرسالها إلى رئيس الحكومة وجميع الجهات المعنية، فضلا عن نشرها للعموم للاطلاع عليها، وتضم الإجراءات التي يمكن القيام بها لمواجهة آثار كورونا في جميع المجالات وعلى جميع المستويات.
 كما، كشف زعيم حزب “الكتاب” أن الحزب منصب منذ يناير الماضي على إعداد البرنامج الانتخابي بمساهمة كفاءات في مجالات مختلفة من داخل وخارج الحزب، ويعمل على إنتاج برامج خاصة بكل جهة وبرامج خاصة بالمدن الكبرى، مشددا على أن الحزب يعتمد على الجدية في هذا الورش، الذي سيعمل على إخراجه للجميع في الوقت المناسب، ليطلع عليها الجميع “وليرى حينها دعاة تبخيس العمل السياسي جدية الأحزاب المستقلة”، وفق تعبيره.
ولفت بنعبد الله إلى أن الحزب كان دائما ما يبادر إلى الاقتراح والعمل وإبراز الكفاءات سواء خلال مشاركته في الحكومة، أو بعد الخروج منها والاصطفاف في المعارضة، وبالرغم من كونه أدى ثمنا لذلك خلال مشاركته في الحكومة السابقة.
وزاد المتحدث أن حزب التقدم والاشتراكية ظل صامدا رغم كل الضربات، وظل دائما ينادي وينبه لمصالح الوطن، ويعتبر أن المصالح الوطنية فوق أي اعتبار آخر، بما في ذلك خلال خروجه من الحكومة وتنبيهه إلى توالي الصراع بين مكونات الأغلبية وإهدار الزمن السياسي وزمن الإصلاح الذي يهم المغاربة.
في هذا الإطار، جدد بنعبد الله التأكيد على أن الحكومة الحالية تبقى حكومة ضعيفة جدا، في ظل تناحر مكوناتها، كما أثبتت فشلها في تدبير أزمة جائحة كورونا، وخلقت فراغا هائلا في الوسط العام، وفي المشهد السياسي، مشيرا إلى أن المعارضة كانت أكثر دينامية وساهمت في النقاش العمومي والسياسي وفي تقديم الاقتراحات.
ونوه بنعبد الله، في هذا الصدد، بالإجراءات الملكية لمواجهة آثار الجائحة التي غطت على الفراغ الحكومي، وشكلت محطة مهمة في محاربة الهشاشة والفقر والوقوف على الإشكاليات التي تعيشها فئات واسعة من المجتمع، ,آخر هذه الإجراءات ورش الحماية الاجتماعية الذي أطر لمرحلة جديدة للنهوض بالأوضاع الاجتماعية للمغاربة.
ونبه الأمين العام للحزب إلى إشكالية ضعف الحكومة، والعديد من الهفوات التي طبعت عملها، والتي من ضمنها ترك المقاولات الاقتصادية لحالها أمام شبح القروض دون أي إجراءات للدعم والمواكبة، وبدون تنزيل عديد من الإجراءات التي دعا لها جلالة الملك حينها.
كما، نبه المتحدث من زيف شعارات بعض الأحزاب اليمينية ذات التوجه الليبرالي، التي لا تستطيع الدفاع عن أفكارها مقابل تبني شعارات اليسار لاستمالة المواطنين، فيما مشروعها يقوم على عكس ذلك، مشيرا في هذا الصدد، إلى أن جائحة كورونا أبانت عن عجز النظام الليبرالي، وأن من أنقذ المواطنات والمواطنين ليس البنك الدولي ولا السوق الحرة ولا كبريات الرساميل، “بل الدور الذي لعبته الدولة، والذي كنا ننادي به، خصوصا في مجال الاستثمار العمومي”، يخلص المتحدث. 
إلى ذلك، وفيما يتعلق بالمشكل المطروح على مستوى المعبر الحدودي بين مدينة الفنيدق ومدينة سبتة المحتلة، قال بنعبد الله “إن الصور التي رأيناها في سبتة المحتلة لنساء وشبان وأطفال صادمة ومقلقة، وتبرز الهشاشة والفقر التي تعاني منها المنطقة”.
وأوضح بنعبد الله أن القرار السياسي الذي اتخذه المغرب بإغلاق المعبر الحدودي “باب سبتة” لقطع الطريق أمام التهريب المعيشي، كان من الضروري أن تصاحبه إجراءات اقتصادية وبدائل أخرى لمئات الأسر بالمنطقة التي تعاني الهشاشة اليوم واختارت المغامرة بهذه الصورة المؤسفة في البحر.
ودعا بنعبد الله الحكومة إلى تفعيل البرامج التنموية التي وعدت الحكومة بتنزيلها خلال الاحتجاجات الأخيرة، بمدن الشمال وأساسا بالمدن الحدودية، وذلك تجنبا لتكرار هذه السيناريو الصادم.
بالمقابل، سجل بنعبد الله التجاوزات التي تقوم بها اسبانيا والاتحاد الأوروبي، مدينا تعاملها مع المغرب بقلة احترام، وأدب دبلوماسي، خصوصا في ما يتعلق بالقضايا الوطنية، وأساسا منها قضية الوحدة الترابية، وذلك بعد استقبال اسبانيا للمدعو إبراهيم غالي رئيس الجبهة الانفصالية على ترابها.
وقال بنعبد الله “إن إسبانيا تعامل المغرب كتلميذ مجتهد في محاربة الإرهاب والهجرة السرية، وتمعن في ضرب مصالحه ومصالح وحدته الوطنية، وهذه المعاملة نرفضها بشكل قاطع”.
وذكر بنعبد الله بمواقف المغرب الرافضة للمس بالوحدة الترابية الإسبانية خلال أحداث كتالونيا، فيما بالمقابل تعمل إسبانيا على معاداة المغرب ودعم جبهة البوليساريو الانفصالية واستضافة مجرم مطلوب للعدالة الدولية على أراضيها.
وأكد بنعبد الله أن المغرب اليوم غير مستعد للصمت عن التجاوزات الدبلوماسية لإسبانيا والاتحاد الأوروبي وغير مستعد لأن يكون مجرد دركي لحماية مصالح إسبانيا وأوروبا، داعيا إلى وضع النقاط على الحروف والارتقاء بالأداء الدبلوماسي من طرف إسبانيا لجارها المغرب والحفاظ على التعاون المشترك عوض هذه التصرفات غير المقبولة.

< محمد توفيق أمزيان 

Related posts

Top