في لقاء مشترك نظمته الشبيبة الاشتراكية وشبيبة حزب العدالة والتنمية

قال خالد الناصري وزير الاتصال السابق، عضو الديوان السياسي حزب التقدم والاشتراكية، إن التجربة الحكومية الحالية التي تشرف على نهايتها بينت عن قدرة الطبقة السياسية التي خولتها صناديق الاقتراع مسؤولية تدبير الشأن العام، في الاحتكام إلى مرجعية تنطلق من الاستقرار والإصلاح ومن أجل الاستقرار “.
وأوضح خالد الناصري، في لقاء مشترك نظمته الشبيبة الاشتراكية التابعة لحزب التقدم والاشتراكية وشبيبة حزب العدالة والتنمية، احتضنه المركب الثقافي الملكي بمدينة سلا، والذي وصفه باللقاء الهام والذي يحمل دلالات سياسية قوية، “أن النخبة التي تحملت مسؤولية وعبء ممارسة الشأن العام، تمكنت من إعطاء مدلول للاستقرار في شقه سواء الاجتماعي، السياسي وحتى المؤسساتي”.
وأضاف الناصري، خلال هذا اللقاء الذي تمحور حول موضوع” ما بعد الربيع العربي، سؤال الجبهة الديمقراطية في مواجهة تحديات الإصلاح السياسي”، وهو اللقاء الذي امتد لأكثر من ثلاث ساعات، وشارك فيه كل من عبد العالي حامي الدين عضو الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية، ونزهة الوافي البرلمانية عن ذات الحزب، ومحمد عبد الوهاب العلالي عضو اللجنة المركزية لحزب التقدم والاشتراكية، أنه على خلاف ما يروجه الآخرون باتهام الحزبين على أنهما بممارساتها يعرضان الاستقرار للمخاطر”، فإن حزبي ، تماشيا مع المنطق الذي أسس له الخطاب الملكي ل 9 مارس 2011 ،  بوضع التوجهات الأساسية التي” كنا متفقين عليها “والتي تضمنها دستور متقدم جديد .
وأكد أن الحزبين الذين جمعهما تحالف في إطار الحكومة، واللذين ينطلقان بمرجعيات مختلفة، سبق أن اصطدما في الماضي لكن لم يصطدما حول الأساسي، وكلاهما حاليا يلح على “المعقول “وعلى جدلية الإصلاح في ظل الاستقرار، على اعتبار أن الحزبين يؤمنان بأن «الاستقرار دون إصلاح مؤداه جمود والإصلاح دون استقرار مؤداه مخاطرة، قائلا ” ونحن نرفض “الجمود والمخاطرة “.
وأبرز الناصري ،أن الحزبين جمعتهما تجربة فريدة، في سياق إقليمي تغيب عن عديد من دول المنطقة خاصية الاستقرار والإصلاح، مضيفا أن “الحديث عن قيمة الإصلاح خلال هذه الولاية، لم يتم أبدا في تاريخ الممارسة السياسية المغربية بهذا الزخم، واستهجن في هذا الصدد  بعض الأطروحات والنعوت التي تصوب إلى حزب التقدم والاشتراكية والتي تصف تحالفه مع العدالة والتنمية بالانتهازية، قائلا”  نحن بعيدين كل البعد عن التوجه الانتهازي وأبعد ما نكون عن الدوغمائية الذين قطعنا معهما منذ سنين ، لأننا نعتبر أن السياسة قبل أن تكون ممارسات هي أخلاق، ومن يتعامل مع الشأن السياسي بعيدا عن  مرجعية الأخلاق فهو خاطئ في مرجعيته وخطابته وتحركاته “.
كما اعتبر أن مروجي أطروحات وجود صراع بين التيار الإسلامي وما بين التيار العلماني أو التقدمي، بـأنه مجرد صراع متوهم، مؤكدا أن الصراع الحقيقي يتمحور في الصراع الدائر ما بين جبهة الدفاع عن الديمقراطية وغير الديمقراطيين”
وبالنسبة لمحاولة إسقاط قراءة تجربة حزب العدالة والتنمية التركي على التجربة المغربية فيما يخص حزب العدالة والتنمية المغربي، والتي أبدا المشاركون حيال ما شهدته تركيا مؤخرا رفضا تاما للانقلاب كآلية للوصول إلى السلطة، قال الناصري،” لا يجب الخلط بين التجربة المغربية وبعض التجارب في بعض البلدان العربية الإسلامية، والعدالة والتنمية بالمغرب ليس مرادفا للإخوان المسلمين في مصر أو حزب النهضة في تونس أو حزب العدالة في تركيا، إذ يجب أن تكون الأمور مميزة حتى لا يختلط الحابل بالنابل “.
ورد على مروجي ربط خروج الحزبين وحديثهما عن التحكم بمحاولة استفزاز الدولة بشأن الانتخابات القادمة إذا لم يحصلا على نتائج متقدمة، على أنه مجرد كلام صادر عن أطراف لا تفقه شيئا في السياسة، بل وعاجزة حتى عن فهم خطابنا، وأن ما يتم ترويجه بعيد عن مرجعية وثقافة وأخلاق الحزبين الذين يطمحان لبناء دولة الحق والقانون وسيبذلان كل ما في وسعهما من جهود لتكون محطة انتخابات التشريعية ل 7 أكتوبر، محطة مثالية يتمكن من خلالها الشعب المغربي من أن يدلي برأيه بكل حرية ومسؤولية “.
وسجل أن الحكومة تتألف من أربعة أحزاب وهي تتقاسم برنامجا سياسيا تعمل على تنزيله، لكن الضربات التي توجه للحكومة والأغلبية توجه عمليا لحزب التقدم والاشتراكية، مبرزا أن الحزبين يقصدان من خلال احتجاجهما السياسي تفادي  كل ما قد يمس بالعملية الانتخابية، وتحمل مسؤولياتهما السياسية بالتنبيه إلى الانحرافات التي تظهر بعض مؤشراتها في الأفق، وذلك قبل فوات الأوان، قائلا “إن  كل من يلجأ إلى كل هذه المناورات، عليه أن يفهم أن مصلحة المغرب ومصلحة البناء الديمقراطي ومصلحة استمرار ثنائية الاستقرار والإصلاح يقتضي الابتعاد عن كل ما قد يمس بهذا المسار، وأنه  في حال المس بالمسار فإن الحزبين سيلجآن لكل الإمكانيات التي توفرها الاليات القانونية والدستورية ،وفق مقومات الدفاع عن حقوقهما كحزبين والبناء الديمقراطي “.
 ومن جانبه اعتبر عبد العالي حامي الدين القيادي بحزب العدالة والتنمية، “أن المغرب حسم اختياره الديمقراطي دستوريا، والملك أعلن لمرات عديدة أن المغرب اختار طريق البناء الديمقراطي بشكل لا رجعة فيه”، وأعطى إشارات قوية في هذا الباب لا تقبل أي استعمال أو تأويل، مبرزا أن معركة الحزبين مع التحكم ممثلا “في تلك الدوائر النافذة التي لها مصالح سياسية واقتصادية وتحول دون الوصول إلى الديمقراطية “.
وشدد على أن حزب العدالة والتنمية تجربة محلية مغربية، حيث أنه فهم البيئة المغربية وتمكن من التكيف معها، وهو يقوم بمراجعات دائمة، ذلك أن الأحزاب المغربية لها تاريخ متفرد بالمقارنة مع الأحزاب السياسية في العالم العربي الإسلامي، حيث أنه في الحالة المغربية تكون حريصة على الخصوصية المحلية.
واعتبر الانتخابات التشريعية القادمة بأنها مفصلية، إذ ستؤكد إما على الاستمرار في الإصلاح في ظل الاستقرار، أو السقوط في نهج التحكم والسلطوية، مؤكدا على ترسيخ المسار الديمقراطي وتنظيم انتخابات حرة ونزيهة، منتقدا حزب الأصالة والمعاصرة التي حسب قوله يدعي قربه من محيط الملك للتأثير في النخب السياسية الضعيفة أو الخائفة.
وبشأن الدعوة للتسجيل في اللوائح الانتخابية التي أطلقها حزبه أفاد أنها ليست عملية تقنية، بل أمر مهم لأنه يندرج ضمن حث المواطنين على المشاركة في العملية السياسية، وأبرز بخصوص بعض الشكاوي من التشطيب من القيد في اللوائح بالنسبة لأشخاص سجلوا أسماؤهم في اللوائح عبر الموقع الإلكتروني، أن سيتم طرح الأمر مع وزارة الداخلية.
وقال فيما يتعلق بإعداد البرنامج الانتخابي الخاص بالاستحقاقات القادمة، على أنه يبقى مهم وسيتضمن معطيات دقيقة حيث اطلع الحزب على التعقيدات التي تحيط بالشأن العام بعد أن مارس العمل الحكومي، لكن الأهم يتمحور أساسا في  المشاركة الانتخابية للمواطنين، خاصة وأن المشاركة المكثفة أصبحت لها قيمة كبيرة بعد دستور 2011، وتختلف عما كان من قبل، حيث لها رهانات سياسية حقيقية “فرئيس الحكومة يختاره المواطنون عبر صناديق الاقتراع، والملك يعينه من الحزب الأول، كما أنه اصبحنا أمام حكومة لها صلاحيات تتمثل في مهمة التعيين لمسؤولين على رأس عدد من المؤسسات، ووضع السياسة العامة للدولة “، حسب المتحدث.
وبخصوص التحالفات إبان الاستحقاقات التشريعية القادمة، أكد حامي الدين أن جميع احتمالات التعاون مع حزب التقدم والاشتراكية ممكنة ومفتوحة ، وأن الحزبين خلال اللقاء الذي جمعهما قبل أسابيع، قررا أنه بعد نتائج الانتخابات  وما ستسفر عنه، إما أن يكونا في الحكومة أو في المعارضة ، قائلا” إذا أراد المغاربة أن نكون في المعارضة سنخضع لإرادتهم ، لكن لن نكون معارضة  تجر للخلف كالمعارضة الحالية التي لم تقدم للمغاربة ما ينبغي أن تقدمه لهم، وعلى عكس ما تروجه، فهي  لاتدافع عن المؤسساتن بل تحاول الحد من اختصاصات رئيس الحكومة ، كما لاتقوم بالتأويل الديمقراطي للدستور  ، وفي عدد من المحطات كانت أداة في يد التحكم “.
واعتبر بالنسبة لحصيلة الحكومة، أن أهم مؤشر على نجاح الحكومة أنها تمكنت من الاستمرار لخمس سنوات عمر ولايتها رغم محاولات تفجيرها من الداخل، كما حافظت على شعبيتها واستمرت في أدائها، ، مضيفا أن الحكومة حققت الكثير بالرغم مما واجهته في بدايتهما طيلة سنة كاملة من احتجاجات وإضرابات سماها بالعشوائية والتي كانت تصيب بالشلل بعض المرافق العمومية، قائلا” لا أقصد المس بالإضراب كحق دستوري ، ولكن لأن التوقف عن العمل كان يتم الدعوة له كل يومين ، هذا دون أن تكون للنقابة الداعية للإضراب التمثيلية الكافية للقيام بذلك.
أما محمد عبد الوهاب العلالي، عن حزب التقدم والاشتراكية، فقد اعتبر مسألة تركيا ترخي بظلالها على العالم العربي، وتحث الفاعلين إلى جعل التحدي الكبير الذي يجب العمل من أجله هو الوصول إلى ديمقراطية عادية، بمعنى أنه ينبغي عدم استعمال سلاح الانقلاب للوصول إلى السلطة والحكم، وبدلا عن ذلك ينبغي استعمال سلاح صناديق الاقتراع والتوافقات الإيجابية بين القوى السياسية ذات المصداقية العالية في المجتمع، والتي يمكن أن تعبد الطريق نحو الاستقرار “.
وقال موضحا ” هذا هو التحدي الكبير الذي يمكن أن يبعد عنا ما يسمى بكل أشكال التحكم، سواء كانت أشكال التحكم عن طريق الانقلابات العسكرية أو العسكر أو ببعض العسكر في زي مدني «، مقرنا هذا التحدي وارتباطه بالحاجة إلى بناء ثقافة جديدة داخل جسم القوى السياسية في المجتمعات العربية.
وأضاف على أن “عهد الاستئصال أو الاستئصال المتبادل انتهى اليوم، وأن العيش المشترك هو الحقيقة الوحيدة التي يمكن أن تعطينا مجتمعات بمؤسسات قوية يمكن أن تقدم الأجوبة الضرورية على الشعارات التي رفعها المتظاهرون مختلف مناطق البلدان العربية والتي تمحورت حول “خبز حرية، وكرامة”، يشدد العلالي.
وبخصوص التحالف بين الحزبين خلال المرحلة القادمة، اعتبر أن تطور التحالف القائم بين حزب التقدم والاشتراكية يفترض نوعا من التطور الذي يمكن أن يتخذ أوجه متعددة، بحيث أن العمل على بعض الجوانب المشتركة أو على دوائر مشتركة أو صيغ متعددة للتعاون والتحالف خلال التشريعيات القادمة يبقى مسألة طبيعية، معبرا عن آمله في أن يتم التطور في هذا الاتجاه لأنه يمكن بمثابة حصانة للمسار الحالي وضمانة لدخول فاعلين آخرين ضمن هذا التحالف”.
وأبرز أنه بالنسبة للذين يطرحون مسألة ماذا لو جاءت النتائج مخالفة لتوقعات الحزبين، على أن الانتخابات إذا تمت بشكل طبيعي لا يشوبها أية خروقات من أي نوع تنتقص من قيمتها ، فما على الحزبين إلا أن يرحبا بالنتائج ويقدما النقد الذاتي والتساؤل عما الذي دفع المغاربة للتصويت بهذه الطريقة، والقيام بالمراجعة، لكن إذا الانتخابات غير طبيعية وعادية فحينما يجب القيام بجميع أشكال الطعن التي يسمح بها القانون ، مشددا على “أن طريق البناء الديمقراطي ليس دائما مفروشا بالورود أو أنه عبارة عن طريق السيار “أوطوروط ” مفتوحة تنتفي عنها المنعرجات “.
وقال “بضرورة الحرص على الابتعاد من نوع من الشعبوية حتى لا يتم السقوط في بعض المطبات، هذا مع وجوب الحرص على كل الجوانب المؤسساتية التي توصل إلى السلطة بأغلبية معينة أو المعارضة، كما هو الشأن في كل الديمقراطيات التي تنظر للبناء الديمقراطي لخمسين سنة القادمة وليس فقط لفترة لا تتجاوز الخمس سنوات”
ومن جانبها، نبهت نزهة الوافي البرلمانية عن حزب العدالة والتنمية، إلى أطروحة فزاعة الإسلاميين والتي نجح في ترويجها من لا يريد الديمقراطية وله مصالح اقتصادية، على حد تعبيرها، وقالت “يجب أن نكون يقظين حتى لا نسقط في فخ كان يتم ترويجه قبل الربيع الديمقراطي بتغليف المعركة من أجل الديمقراطية والمواطنة بعباءة دينية، حيث كان يتم ترويج فزاعة الإسلاميين، نجح فيها من لايريد فيها الديمقراطية والذي له مصالح اقتصادية.
واعتبرت أن المغرب في ظل هذه الحكومة حقق ربحا سياسيا ، إذ تمكن من إقرار التوافق حول عدد من الملفات التي تخص الإصلاح كانت تراوح مكانها ، مثل ملف صندوق المقاصة ، وصناديق التقاعد، مقرة في ذات الوقت بالصعوبات التي لم تمكن من القيام بالمزيد بالنظر حسب قولها” إن التجربة اتسمت بقوتها في الطرح  والنقاش ومصالحة المواطنين مع السياسية ، لكنها لم تكن لها شروط للتقدم في مجموعة من الإصلاحات ومعالجة عدد من الملفات ، وذلك مرده للعرقلة التي يحدثها تنازع إرادتين إرادة جبهة الدفاع عن المسار الديمقراطي ، وجبهة التراجع عن المسار ، علما أن هناك أوضاع اقتصادية و لا يمكن النجاح في تغيير ما كان منذ خمسين سنة”.
وبالنسبة مدى توفر الضمانات لإجراء انتخابات ديمقراطية ونزيهة، أبرزت أن الضمانات تتمثل في الواقع الملموس على الأرض، وتتمحور حول ثلاث متغيرات، حيث أن المتغير الأول يتمثل في وجود حكومة يترأسها حزب حصل على الأغلبية مطلقة في عدد من المدن، وهذا أمر أثيره بشكل موضوعي وليس لأن الأمر يخص حزب العدالة والتنمية “تردف المتحدثة، مضيفة أن المتغير الثاني يتمثل في مصالحة المواطن مع الشأن السياسي، فيما المتغير القوي والذي يؤطر المعطيين السابقين يتمثل في الإرادة الملكية السامية التي تحمي التميز المغربي.
وأبرزت أن مسألة العتبة التي تم اعتمادها تعد تميزا مرنا في إطار سياق معقد، خاصة وأن تبنيها تم بالتوافق الذي شكل أهم دعامة.

 فنن العفاني

Related posts

Top