كلمة وزير الصحة البروفسور الحسين الوردي في افتتاح المناظرة الوطنية الأولى حول الدواء والمواد الصحية

حملت المناظرة الوطنية الأولى حول الدواء والمواد الصحية إعلان البروفيسور الحسين الوردي وزير الصحة عن اتخاذ حزمة من إجراءات وقرارات جريئة مجددا، ويتعلق الأمر هذه المرة بخفض أثمنة أكثر من 1000 مستلزم طبي مكلف والأكثر استعمالا من طرف المرضى، والعمل على تصنيع أدوية خاصة ببعض الأمراض المزمنة بالمغرب، حيث سيتم الشروع أوليا في تصنيع حوالي 10 أدوية مضادة للسرطان على غرار ما تم القيام به بالنسبة للدواء الخاص بعلاج التهاب الكبد الفيروسي «س» الذي كان يكلف 800 ألف درهم للعلاج الكامل وأصبح لا يتجاوز حاليا 9 آلاف درهما.
وقال الوردي، في كلمة بمثابة حصيلة عمل وزارة الصحة في مجال تنفيذ السياسة الدوائية الوطنية بالأخص، ألقاها خلال افتتاحه، رفقة عبد الإله بنكيران رئيس الحكومة ومولاي حفيظ العملي وزير الصناعة والتجارة والتكنولوجيات الرقمية، وممثل منظمة الصحة العالمية بالمغرب، أشغال هذه المناظرة الأولى من نوعها، «إن المغرب قام بخفض ثمن 2000 دواء حيث تراوحت النسبة ما بين 20 و80 في المائة، فيما سيتم اتخاذ إجراءات وتدابير خاصة بقطاع الدواء ستشمل، فضلا عن خفض أثمنة أكثر من 1000 مستلزم طبي، التصنيع المحلي للأدوية التي تهم بعض الأمراض المزمنة والمكلفة، خاصة مرض السرطان»، وانطلاق التأمين الصحي للمستقلين، وإعادة هيكلة مجالس الهيئات الصيدلية لدعم الهيئة الوطنية للصيادلة والصدليات، وذلك بإنشاء 12 هيئة جهوية جديدة مواكبة  لنظام الجهوية الموسعة الذي دخل حاليا حيز التنفيذ، مراهنا في هذا الصدد على تطوير الحوار الاجتماعي مع مهنيي القطاع خاصة الصيادلة الذين وصفهم بالشريك المتميز لتنزيل السياسة الدوائية الوطنية»، بالإضافة إلى العمل على إقناع الحكومة والقطاعات المعنية من أجل إحداث «الوكالة الوطنية للدواء والمواد الصحية» لتضطلع بدور تقنين القطاع. وفيما يلي النص الكامل لكلمة الوزير:

بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين
السيد رئيس الحكومة
السيدات والسادة الوزراء في الحكومة وفي الدول الأفريقية الشقيقة والصديقة
  السيدات والسادة السفراء
السيدات والسادة النواب
السيدة رئيسة الكونفدرالية العامة لمقاولات المغرب
السيدات والسادة الكتاب العامون
السيدات والسادة ممثلو جهاز الأمم المتحدة والتعاون الدولي
السيدات والسادة رؤساء ومدراء ممثلو المؤسسات الوطنية والدولية
السادة رؤساء الهيئات الوطنية والجهوية للطبيبات والأطباء والصيادلة وأطباء الأسنان
السيد رئيس الفيدرالية الوطنية لنقابات صيادلة المغرب
السيد رئيس الجمعية المغربية للصناعات الصيدلية
السيدرئيس جمعية مقاولات الدواء بالمغرب
السيد رئيس الجمعية المغربية للأدوية الجنيسة
السيدات والسادة الخبراء
السيدات والسادة أيها الحضور الكريم
يشرفني أن أحضر معكم هذه الجلسة الافتتاحية لـ “المناظرة الوطنية الأولى حول الدواء والمواد الصحية” والتي تنظمها وزارة الصحة تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله والتي تتمحور أساسا حول “السياسة الدوائية الوطنية” كإطار مشترك لضمان الولوج العادل للأدوية والمواد الصحية بالمغرب.
واسمحوا لي بداية أن أرحب بالسادة الوزراء الأفارقة وكذا بضيوفنا الدوليين الذين أتمنى لهم إقامة طيبة في بلدهم الثاني المملكة المغربية؛ كما أرحب أيضا بجميع الحضور من خبراء ومشاركين وطنيين ودوليين الذين وافقوا على المشاركة في هذا الحدث الهام والأول من نوعه في بلادنا.
إن حضوركم اللافت اليوم شاهد على بالغ الأهمية الخاصة التي تولونها لموضوع هذه المناظرة ومكانة الفرصة التي يتيحها لديكم للتفكير والمناقشة سويا حول القضايا الدوائية والصيدلانية ذات الاهتمام المشترك.
لذا اسمحوا لي بالتعبير عن امتناني الصادق لحضوركم معنا.

أصحاب السعادة، سيداتي وسادتي،
كما لا يخفى عليكم، فالدواء بغض النظر عن كونه منتجا صحيا يلعب دورا رئيسا في تتويج الفعل الطبي والعلاقة بين الطبيب والمريض، فهو مورد استراتيجي لأي نظام صحي سواء في البلدان المتقدمة أو النامية.
ويعد من بين التجسيدات الأكثر موضوعية للحق الأساسي في الولوج للعلاجات، كما يعد واحدا من الدوافع الرئيسية للتنمية الصناعية ووسيلة قوية لتنظيم التأمين الصحي والانفاق على الصحة بشكل عام، بل هو أيضا دافع رئيسي للبحث والابتكار في المجال الصحي.
ويمكننا القول بأنه لا صحة في غياب الولوج للأدوية، فالحكومة التي تعطي أولوية للصحة يجب عليها الاهتمام أولا بالأدوية.
إن هذا الحدث بالنسبة لنا تتويج لعملية وطنية قوامها التشاور وتقريب وجهات النظر ومقترحات العمل التي أدت، لأول مرة في المغرب، الى صياغة سياسة دوائية وطنية سمحت لنا بتأطير رؤيتنا المستقبلية وفق ورش إصلاح واسع في قطاع الصيدلة.
واقتناعا منا بضرورة وضع رؤية جديدة تنطوي على مقاربات مبتكرة لحكامة أفضل في الميدان الصحي، انخرطت بلادنا في عدة مشاريع لإصلاح النظام الصحي لتكون قادرة على تلبية تطلعات المواطنين وضمان حقهم في الولوج إلى العلاجات كما هو منصوص عليه في الدستور الجديد لسنة 2011.
هذه المشاريع الإصلاحية شملت أولا وضع نظام التغطية الصحية الأساسية من خلال تعميم نظام المساعدة الطبية RAMED الذي أعطى انطلاقة تعميمه صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله بتاريخ 13 مارس 2012، ثم من خلال تعميم التغطية الصحية الأساسية على الطلبة AME وكذا من خلال مشروع التغطية الصحية للمستقلين IMA الذي تم وضع اللمسات الأخيرة عليه، وسيقدم قريبا إلى مجلس الحكومة.
وبذلك تم تعميم التغطية الصحية على 62 % من الساكنة؛ ويأمل المغرب، بتنفيذه للتغطية الصحية للمستقلين، أن يتجاوز  90 % من عدد السكان المستفيدين بحلول سنة2020 ، وذلك لتحقيق التغطية الصحية الشاملة كما أوصت بها منظمة الصحة العالمية في سنة 2005 والأمم المتحدة في سنة 2012.
وشملت مشاريع الإصلاح أيضا توفير وتنظيم عرض العلاجات، وتشجيع الاستثمار في الميدان الصحي وتطوير الشراكة بين القطاعين العام والخاص، وذلك من خلال صياغة ونشر ترسانة قانونية تضم القانون والمرسوم المتعلقين بالخريطة الصحية، والقانون 131-13 المتعلق بمزاولة مهنة الطب وفتح رأس المال لغير الأطباء، والقانون 86-12 المتعلق بعقود الشراكة بين القطاعين العام والخاص.
في نفس السياق، فإن الحكومة منكبة على توسيع وتأطير عرض العلاجات من خلال إنشاء أربعة مستشفيات جامعية جديدة في كل من طنجة وأگادير والرباط والعيون. كما تم تنظيم سلسلة المستعجلات الطبية الاستشفائية والقبل استشفائية بصفة كاملة ومتطورة؛ أضف إلى ذلك تعبئة الموارد البشرية الضرورية والصحة بالعالم القروي التي كانت في قلب برنامج الصحة المتنقلة.
ولمرافقة هذه المشاريع، نفذت وزارة الصحة أيضا إصلاح نظام “LMD” (إجازة- ماجستير- دكتوراه) بالمعاهد التابعة للوزارة (المعاهد العليا للمهن التمريضية والتقنيات الصحية ISPITS) والمدرسة الوطنية للصحة العمومية ENSP)) مما مكننا من الارتقاء بهذه المؤسسات إلى مصاف مؤسسات التعليم العالي غير التابعة للجامعات وتعزيز مستوى تكوين وإعداد مهنيي الصحة من مدبرين وأطر شبه طبية.

أصحاب السعادة، السيدات والسادة،
في خطابه السامي الموجه الى المشاركين في المناظرة الوطنية الثانية حول الصحة التي انعقدت بمراكش بتاريخ 1 يوليوز 2013، سطر صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله الأهمية التي يكتسيها الولوج الى الدواء بالنسبة للمواطنين المغاربة مهيبا بالحكومة لاتخاذ الإجراءات الضرورية لمراجعة أثمنة الأدوية من خلال تحيين الإطار القانوني المتعلق بها. وقد نبه جلالته إلى المكانة التي يحتلها الولوج إلى الأدوية كواحدة من الدعامات الماكرو – اقتصادية لتطوير قطاع الصحة واقتصاد البلاد بصفة عامة. وقام جلالته بهذه المناسبة كذلك بتسليط الضوء على خاصية “البحث والتطوير” المتعلقة بهذا المورد الاستراتيجي مع الإلحاح على ما يلي: “إنه من الضروري كذلك…. تشجيع البحث والابتكار في ميادين الطب وعلم الأدوية والصناعة الدوائية الوطنية” (مقتبس من خطاب صاحب الجلالة).
وتنفيذا لهذه التوجيهات الملكية السامية، فإن استراتيجيتنا القطاعية 2012-2016، من خلال جملة من التدابير، تترجم جيدا هذه الإرادة الملكية التي تطمح إلى تحسين ولوج المواطنين إلى الأدوية والعلاجات ذات الجودة.

أصحاب السعادة، السيدات والسادة،
يمكن للمغرب اليوم الافتخار بتوفره على ترسانة قانونية غنية تمكنه من تقنين وهيكلة قطاع الأدوية بفعالية وعقلانية. ففي هذا الإطار، قمنا مؤخرا بإنجاز ونشر ما مجموعه 20 نصا قانونيا وتنظيميا خاصا بالدواء والصيدلة (3 قوانين و4 مراسيم و13 قرارات) أذكر من جملتها:
< القانون 84-12 المتعلق بالمستلزمات الطبية.
< القانون 28-13 المتعلق بحماية الأشخاص المشاركين في الاأحاث البيوطبية.
< القانون 92-12 المتعلق باستيراد، تسويق، حيازة واستعمال المواد السامة.
< المرسوم 2-13-852 المتعلق بشروط وقواعد تحديد الأثمنة العمومية لبيع الأدوية.
< المرسوم 2-14-841 المتعلق برخصة تسويق الأدوية.
< والمرسوم 2-12-198 المتعلق بالتكافؤ الحيوي للأدوية الجنيسة.
< القرار 787.14 المتعلق بمراجعة أثمنة البيع العمومية للأدوية الأصلية والجنيسة والبيو – متكافئة، المسوقة بالمغرب… وغيرها من النصوص القانونية…

بالإضافة إلى هذه الترسانة القانونية المهمة، يمكن لبلادنا الافتخار كذلك بصناعتها الدوائية الوطنية التي تعتبر جوهرة اقتصادنا وباكورة تكنولوجيتنا الوطنية.
فالمغرب يتوفر حاليا على 45 وحدة صناعية لإنتاج الأدوية والمستلزمات الطبية، تمكننا من تغطية 65 بالمائة من حاجيات النظام الصحي الوطني، بينما توجه 10 بالمئة من هذا الإنتاج نحو التصدير خاصة للدول الأوربية، الاسكندنافية، ودول الخليج وكذلك الدول الإفريقية الشقيقة والصديقة.
من جهة أخرى، تتوفر بلادنا على 50 شركة لتخزين وتوزيع الأدوية، وهي التي تقوم بتموين 10.000 صيدلية خاصة بصفة منتظمة.
ومن جهتها، تتوفر وزارة الصحة على مركزية للتموين خاصة بها (قسم التموين) وهو الذي يقوم بتزويد الصيدليات الجهوية والإقليمية بصفة منتظمة حسب نظام مضبوط يعطي الأولوية لمبدأ عقلنة استعمال هذا المورد الاستراتيجي. كما نتوفر على مرصد وطني للأدوية ومنتجات الصحة والذي يعتبر أداة فعالة لمراقبة وتتبع القطاع.

أصحاب السعادة، السيدات والسادة،
من أهم نتائج الإصلاحات سالفة الذكر نجد السياسة الدوائية الوطنية والتي تمت بلورتها بتعاون مع المنظمة العالمية للصحة بناء على مقاربة تشاركية وتشاورية.
إن الهدف العام لهذه السياسة الدوائية الوطنية هو المساهمة في التطبيق الفعلي لحق كل المواطنين المغاربة في الولوج إلى العلاج كما هو منصوص عليه في الدستور الجديد، وذلك بتأمين ولوجهم العادل والشامل للأدوية الأساسية ذات الجودة العالية وبأثمنة مناسبة وبضمان الاستعمال العقلاني لها.
وبالفعل، فإن السياسة الدوائية الوطنية حددت لنا 10 أهداف محورية تتعلق خاصة بأثمنة الأدوية والاستعمال العقلاني لها. وهذه الأهداف العشرة تمت ترجمتها إلى 35 التزاما سياسيا تحرص وزارة الصحة على تحقيقها بالتدريج، وقد قمنا بتحقيق البعض منها.
فقد قام المغرب مؤخرا بخفض ثمن 2000 دواء بنسبة انخفاض تتراوح ما بين 20 بالمائة و80 بالمائة. وفي هذا الإطار، هنأت المديرة العامة للمنظمة العالمية للصحة السيدة مارگاريت تشان المغرب خلال الجمع العام السابع والستين لمنظمة الصحة العالمية، هنأت المغرب على سياسته الدوائية معتبرة إياها كتجربة ممتازة يجب على الدول الأخرى الاقتداء بها. وصرحت كذلك بأن المقاربة الدوائية للمغرب تتماشى مع إحدى أولويات المنظمة العالمية للصحة وهي ضمان ولوج الجميع للدواء.
وقام بنفس الشيء المدير التنفيذي لمنظمة الأمم المتحدة للسيدا والذي هنأ بدوره المغرب على سياسته الدوائية الفعالة مسطرا على أن المغرب هو “المرشح الأكبر للعب دور الصيدلية الكبرى اتجاه القارة الإفريقية برمتها” حيث أننا قمنا بخفض التكلفة السنوية لأدوية علاج السيدا بمؤسسات الخط الأول من 24.000 درهما للمريض إلى 960 درهما،أي بـ 25 مرة مقارنة مع التكلفة الأولية.
لكن ستبقى إحدى منجزاتنا الأخيرة مرسخة في ذاكرة الوزارة والمواطنين كإنجاز تاريخي سيطبع لمدة طويلة المشهد الصيدلي الوطني والمشهد الوبائي لداء التهاب الكبد الفيروسي c. ويتعلق الأمر بالتصنيع حديث العهد للدواء الجنيس لمادة “سوفوسبيفير” التي تم ترخيصها في السوق المغربية البارحة بثمن 3000 درهم للعلبة، أي 9000 درهما للعلاج الكامل عوض 800.000 درهم بالنسبة للدواء الاصلي، مما يشكل كلفة منخفضة بـ 89 مرة مقارنة مع الثمن الأصلي، وهو ما سيساهم بلا شك في القضاء على داء التهاب الكبد الفيروسي “س” بصفة نهائية في أفق سنة 2020 ببلادنا.

أصحاب السعادة، السيدات والسادة،
إلى هذه الإنجازات، نطمح، خلال سنة 2016، إلى المضي قدما في مسارات واعدة ومهيكلة للنظام الصحي الوطني، وبالأخص قطاع الدواء والصيدلة بالمغرب.
إن الانطلاقة الوشيكة للتأمين الصحي للمستقلين، خلال الأسابيع المقبلة إن شاء الله، تشجعنا عل ىبذل كل جهودنا سواء منها القطاعية أو المشتركة بين القطاعات، من أجل إنجاح هذا المشروع الوطني الهام الذي سيرتقي بالمغرب إل ىمستوى البلدان التي حولت نظامها الصحي وحققت التغطية الشاملة.
والنتيجة الطبيعية لهذه الأخيرة ستكون دون شك ارتفاعا في الطلب على الأدوية والمواد الصحية ذات الجودة، ولذلك وجب اقتراح بعض الإجراءات والتدابير الخاصة بقطاع الدواء والمتضمنة في سياستنا الوطنية الدوائية، وذلك من أجل الوفاء بالتزاماتنا الجديدة، وأذكر منها باختصار أننا سنعمل على:
<عادة هيكلة مجالس الهيئات الصيدلية، لكي تدعم الهيئة الوطنية للصيادلة والصيدليات وذلك بإنشاء 12 هيئة  جهوية جديدة للصيادلة والصيدليات، مواكبة للجهوية الموسعة المعتمدة حاليا في المغرب.
< تعزيز دور المرصد الوطني للأدوية والمنتجات الصحية، مع تركيز خاص على تجنب انقطاع المخزون.
< إصدار مرسوم جديد في الأسابيع المقبلة (والذي تم عرضه على الأمانة العامة للحكومة) والمتعلق بتحديد أثمنة أكثر من 1000مستلزم طبي مكلف والأكثر استعمالا في التكفل بمرتفقي مؤسساتنا الصحية.
< تشجيع المصنعين الوطنيين فيما يخص التصنيع المحلي للأدوية،على غرارما أنجزناه بخصوص علاج التهاب الكبد الفيروسي “س”، وذلك بتصنيع أدوية بعض الأمراض المزمنة والمكلفة. وفي هذا الإطار، توجد 10 أدوية مضادة للسرطان على لائحتنا الأولية للتصنيع المحلي.
< إقناع الحكومة والقطاعات المعنية بضرورة إحداث “الوكالة الوطنية للدواء والمواد الصحية” التي سيكون لها دور فعال في تقنين هذا القطاع.
< مواصلة تطوير الحوار الاجتماعي مع مهنيي القطاع وكافة الفرقاء والمتدخلين، مع تركيزخاص على علاقتنا النوعية بنقابات الصيادلة التي نعتبرها شريكنا المتميز في سياستنا الدوائية الوطنية الطموحة.
•وبطبيعة الحال سنمضي قدما في تطوير التعاون “جنوب – جنوب” مع القطاعات الصيدلية للدول الإفريقية الشقيقة والصديقة، كما أراد له جلالة الملك محمد السادس نصره الله.

أصحاب السعادة، السيدات والسادة،
إن تنظيم هذه التظاهرة يكتسي أهمية بالغة وخاصة بالنظر إلى الفرص الاقتصادية المتعددة التي تتيحها وتوفرها القارة الإفريقية والتنافسية المتزايدة للقوى العالمية العظمى للاستثمار في إفريقيا. وبالفعل، فإن هذه القارة الشابة تغدو، سنة بعد أخرى، أكثر جاذبية بفضل تنوع مواردها الطبيعية وقدراتها البشرية الكبيرة ورأسمالها اللامادي المهم، وكذا بالنظر إلى الإصلاحات المؤسساتية التي تحققت بها، مما يفرض علينا، نحن الدول الإفريقية، بذل جميع المجهودات الضرورية وتظافرها من أجل النهوض بالتعاون “جنوب – جنوب” وتعزيزه على كافة الأصعدة.
وفي هذا الصدد، ووعيا منا بالتجذر التاريخي للمملكة المغربية في قلب القارة الإفريقية، فقد جعل المغرب، خصوصا خلال العقدين الفارطين، من التعاون “جنوب – جنوب” إحدى أولويات سياسته الخارجية.
واليوم كما بالأمس، تضل المملكة المغربية ملتزمة، تحت التوجيهات السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، بتبادل الخبرات والدراية مع الدول الإفريقية الصديقة والشقيقة من أجل تعاون “جنوب – جنوب” ديناميكي ومتزايد، يشمل جميع المجالات مع تسليط الضوء على قطاع الصحة وبالأخص في مجال الأدوية والصيدلة.
ففي خطابه السامي أمام المشاركين في القمة الثالثة “لمنتدى الهند – إفريقيا”، أبى صاحب الجلالة إلا أن ينتهز الفرصة لمعاودة الدعوة إلى توطيد هذا التعاون. فقد سلط جلالته الضوء على ذلك بقوله “إن التعاون جنوب – جنوب الذي نطمح إليه، ليس مجرد شعار أو ترف سياسي بل هو ضرورة ملحة تفرضها حدة وحجم التحديات التي تواجه بلداننا، بحيث لا يمكن معها الاعتماد على أشكال التعاون التقليدية، التي أصبحت غير قادرة على الاستجابة للحاجيات المتزايدة لشعوبنا…
ونود كذلك فتح آفاق أوسع أمام التعاون بين بلداننا، خاصة في مجالات الفلاحة والصناعة الدوائية والبحث العلمي والتكنولوجي وتكوين الأطر. إننا أيضا حريصون على وضع هذا التعاون في خدمة الشعوب الإفريقية” (مقتبس من خطاب صاحب الجلالة).

أصحاب السعادة، السيدات والسادة،
لقد شهدنا خلال العقدين الماضيين ارتفاعا تدريجيا للاستثمارات المباشرة للمغرب في الخارج وللفاعلين الاقتصاديين المغاربة في القارة الإفريقية بالخصوص وكذا تطور المبادلات التجارية مع الدول الإفريقية. وهمت هذه الاستثمارات عدة قطاعات استراتيجية لتنمية البلدان الإفريقية سيما في ميدان صناعة الأدوية. كما عرفت المبادلات التجارية بين المغرب والدول الإفريقية جنوب الصحراء تطورا مهما.
وتحقيقا لهذه الغاية، بينت الدراسة المعمقة لبنية الصادرات المغربية ميلها إلى التنويع والارتفاع القوي للمنتجات ذات القيمة العالية على غرار المعدات الصناعية وآليات النقل الزراعية والمواد الصيدلانية.
كما قام المغرب بتوفير الدعم التقني المتميز للدول الإفريقية عبر توقيع أكثر من 80 اتفاقية خاصة بالتكوين والتعاون وذلك خلال الزيارة الملكية الأخيرة للدول الإفريقية جنوب الصحراء.
إن التزام المملكة المغربية مع الأشقاء والأصدقاء الأفارقة لتطوير التعاون “جنوب – جنوب” لا سيما في مجال الصحة وخاصة في الميدان الصيدلي، مثال مليء بالوعود ويحتذى به. وعود بقارة إفريقية فخورة بتراثها ومتوجهة بعزم نحو المستقبل؛ قارة إفريقية تؤمن بذاتها وبالتالي قادرة على تحويل مواردها الطبيعية محلياً لدعم إقلاعها الاجتماعي والاقتصادي؛ قارة إفريقية يكون رأسمالها غير – المادي في تناغم تام مع ثروتها الوافرة بفضل مبادئ الحكامة الجيدة ومحطات التعاون وتبادل الخبرات.

أصحاب السعادة، السيدات والسادة،
آمل أن يكون هذا الاجتماع رفيع المستوى، الذي هو تجسيد لإرادة رؤساء الدول في مجال التعاون، خطوة حاسمة في سعينا المشترك لتطوير شراكة ذات منفعة متبادلة قوية ودائمة، وأن تترجم هذه الرؤيا المشتركة إلى أعمال ملموسة ومشاريع قابلة للتطبيق من خلال التعاون “جنوب – جنوب” في الميدان الصيدلي.
وهنا أناشد القدرات القيادية لزملائي وزراء الصحة في الدول الشقيقة والصديقة الحاضرين من أجل إدامة هذه المبادرة المغربية وتنصيبها كتقليد يجعل من المناظرة حول الدواء والمواد الصحية موعدا حقيقيا تستضيفها كل سنتين إحدى الدول الإفريقية التي قامت بإصلاحات تستحق التشاركية والإفادة في هذا المجال بهدف تعزيز الروابط وتشجيع الطموحات المشتركة.
وقبل أن أختم كلمتي أتوجه بالشكر الحار إلى السيد رئيس الحكومة، الأستاذ عبد الاله بنكيران، على دعمه المتواصل لقطاع الصحة وسنده القوي لبرامجنا ومخططاتنا التي تهدف إلى الرقي بالقطاع من خلال تقديم خدمات صحية في مستوى انتظارات المواطنات والمواطنين. إن هاجسكم هذا، السيد رئيس الحكومة، يشحذ عزائمنا في سبيل بذل المزيد من العطاءات وتحقيق أهداف استراتيجيتنا الصحية المنبثقة عن البرنامج الحكومي في هذا المجال.
كما أتوجه بخالص الشكر والتقدير إلى كل شركائنا المحليين والدوليين الذين يسهمون إلى جانبنا في تطوير المنظومة الصحية ببلادنا.
وأشكر أيضا بهذه المناسبة كل مهنيي قطاع الصحة، أطباء وممرضين وإداريين وتقنيين،على المجهودات التي يبذلونها، كل حسب مجال تخصصه، من أجل ضمان جودة واستمرار الخدمات الصحية في المرفق العمومي، رغم الظروف الصعبة وضعف الإمكانيات التي سنعمل جاهدين على تطويرها بما يضمن ظروف عمل أحسن. وهنا أخص بالذكر كل مسؤولي وأطر مديرية الأدوية والصيدلة التي سهرت على التنظيم المحكم لهذه المناظرة الوطنية الأولى من نوعها وأقول لكم بكل افتخار إنكم تقومون بعمل جيد.
كما أُحيي بحرارة شركاءنا المتميزين مصنعي الأدوية على مواكبتهم القيمة لنا في إطار تفعيل السياسة الدوائية الوطنية.
كل الامتنان والتقدير للهيئات النقابية الصيدلية للقطاعين العام والخاص، والتي لا يمكننا تطوير المنظومة الصيدلانية والدوائية بدون مشورتهم ودعمهم ومساندتهم. أؤكد لكم أننا سنعمل، يدا في يد، لما فيه مصلحة القطاع ومن أجل تطوير ظروف عمل مهنيينا خصوصا منهم العاملين في مجال الدواء ومنتجات الصحة.
وختاما، أجدد الترحاب بجميع ضيوفنا وخصوصا أعضاء الوفود الإفريقية الشقيقة والصديقة، وأتمنى لكم إقامة طيبة بالمملكة المغربية، كما أشكركم على حسن استماعكم.
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.

Related posts

Top