يواصل فيروس كورونا حصد الأرواح ونشر الرعب في العالم في الوقت الذي تسعى فيه الدول جاهدة إلى رفع مستوى تأهبها إلى الدرجة القصوى لمواجهة فيروس “شيطان” كما وصفه الرئيس الصيني، “شيطان” انبعث من مدينة ووهان، بؤرة تفشي الفيروس، ليصل إلى ما يقرب 20 دولة إلى حدود يوم أمس الأربعاء.
وسجلت السلطات الصحية في الصين، يوم أمس، 5974 إصابة بفيروس كورونا المستجد، بزيادة قدرها 1400 عن اليوم السابق، بينما ارتفع عدد الوفيات إلى 132، حسبما ذكرت “فرانس برس”.
وتخطى هذا الرقم عدد الإصابات عند انتشار فيروس سارس (متلازمة الالتهاب التنفسي الحاد) الذي طال 5327 شخصا في 2002 و2003 وأدى إلى وفاة 774 شخصا في العالم بينهم 349 في البر الصيني.
وتركزت الإصابات بفيروس كورونا المستجد في الصين، غير أن إصابات سجلت أيضا في قرابة 20 دولة أخرى إلى حدود يوم أمس الأربعاء.
وفي مؤشر مقلق، أفادت اليابان وألمانيا الثلاثاء عن أولى حالات انتقال الفيروس من شخص إلى آخر خارج الصين.
وفي أول إصابة مثبتة بالفيروس في الشرق الأوسط، أعلنت دولة الإمارات العربية المتحدة الأربعاء تسجيل أول إصابة بالفيروس بين أفراد عائلة قادمة من ووهان، من غير أن توضح عدد الإصابات تحديدا.
وكانت اليابان والولايات المتحدة، الأربعاء، أول دولتين تباشران إعادة قسم من رعاياهما العالقين في مدينة ووهان التي ظهر فيها المرض الجديد في دجنبر.
وعزلت السلطات الصينية هذه المدينة ومحافظة هوباي بكاملها تقريبا عن باقي الصين على أمل احتواء الوباء. ويشمل هذا الطوق الصحي 56 مليون نسمة وآلاف الأجانب.
كذلك أعلنت الولايات المتحدة أن طائرة أقلعت الاربعاء وعلى متنها حوالى 200 شخص لإجلاء موظفي قنصليتها في ووهان ورعايا أميركيين أخرين.
من جهتها، أعلنت باريس أن طائرة ستحط الخميس في ووهان لإعادة أول دفعة من الرعايا الفرنسيين “الجمعة على الأرجح”، وقالت وزيرة الصحة أنييس بوزين أن العائدين سيخضعون للحجر الصحي 14 يوما لدى عودتهم.
ويواصل الوباء الانتشار خارج الصين مع تسجيل إصابات جديدة بالفيروس في عدة دول، حيث تم يوم أمس تسجيل أولى الحالات في كل من منطقة الشرق الأوسط (الإمارات) والقارة الأفريقية (ساحل العاج)، وتواصل تسجيل الحالات أيضا في كل من القارة الأوربية والامريكتين، بينما نفت روسيا ظهور أي حالة على أراضيها.
ورفعت منظمة الصحة العالمية تقييمها للخطر العالمي الذي يمثله ذ “كورونا” من مخاطر متوسطة إلى عالية، دون الإعلان عن أن تفشي المرض يشكل حالة طوارئ عالمية. وأعلنت المنظمة إرسال خبراء دوليين “بأسرع وقت ممكن” إلى الصين لتقاسم المعلومات حول الفيروس وتقديم “رد عالمي” لمواجهته.
وقال الرئيس الصيني شي جينبينغ لدى استقباله مدير منظمة الصحة العالمية تادروس أدناهوم غيبريوس “الوباء شيطان، ولن نسمح للشيطان بأن يختبئ”.
وقال كريستيان ليندمار مسؤول المنظمة للصحفيين في جنيف “أن الفيروس يمثل خطرا مرتفعا على المستويين الإقليمي والعالمي، وبالنسبة للصين فالخطر مرتفع للغاية ويتعين الاستعداد لاستجابة دولية منسقة”.
خبراء: الأزمة ستستمر لشهور
وبموازاة ذلك، يعمل باحثون من معاهد الصحة الوطنية الأميركية على تطوير لقاح ضد الفيروس، لكن العمل عليه قد يستغرق عدة أشهر، فيما أعلن علماء في معهد دوهرتي في ملبورن بأستراليا التوصل إلى استنساخ الفيروس في المختبر، في مرحلة تعتبر أساسية لمكافحته.
ويرى خبراء في علم الأوبئة بناء على المعطيات الأولية المتاحة أن فيروس كورونا المستجد الذي ظهر في الصين مؤخرا سيتسبب بإصابة ما لا يقل عن عشرات آلاف المرضى وستستمر أزمة انتشاره شهورا عدة في أحسن الأحوال.
وقال ديفيد فيسمان، الأستاذ في جامعة تورونتو ومؤلف نشرة للجمعية الدولية للأمراض المعدية، لوكالة فرانس برس إن “أفضل السيناريوهات سيكون أن يستمر ذلك في الربيع والصيف وبعدها يتراجع”.
من جهته، يؤكد الأستاذ في جامعة نورث إيسترن الأميركية أليساندرو فيسبينياني وهو منسق مجموعة باحثين تنشر تحاليل بشكل آني حول الوباء، في حديث لفرانس برس أن المرض “لن يتوقف الأسبوع المقبل ولا الشهر المقبل”. وأضاف “لا نخاطر بالقول إن ذلك سيستمر فترة طويلة”.
لا يمكن للباحثين في مجال الأوبئة التنبؤ بما سيحصل ويشددون على أنهم لا يملكون إلا معلومات مجزأة حول الفيروس الجديد الذي ظهر في دجنبر الماضي في الصين. ويستخدمون نماذج حسابية لتقدير عدد الحالات الحقيقية حتى تاريخ اليوم وللمقارنة بالأوبئة السابقة، لكن الكثير من الفرضيات لا تزال غير مؤكدة.
وحتى نهاية الأسبوع الماضي، كان يعتقد أن الأشخاص المصابين لا ينقلون المرض قبل ظهور العوارض عليهم (حرارة وصعوبات في التنفس والتهاب رئوي) لكن السلطات الصينية أعلنت الأحد أن ذلك ممكن، الأمر الذي لم تؤكده بعد منظمة الصحة العالمية.