كيف نجح الـيميـن المـتطـرف فـي الصــعـودبــــــأوروبا؟.. وهذه أكثر الدول التي يتركز بها

يبدو تقدُّم الأحزاب اليمينية المتطرفة جلياً، حيث بدأت في كسب عدة مناطق داخل القارة العجوز، خصوصاً مع مطلع سنة 2001. وقد نشرت صحيفة “لوفيغارو” الفرنسية قرابة 250 قائمة انتخابية توضح التطور الذي شهدته الأحزاب اليمينية في أوروبا على امتداد 15 سنة.
وقد صعدت هذه الأحزاب إلى الواجهة السياسية الأوروبية حديثاً، وفقاً لما أكدته استطلاعات الرأي. وقامت صحيفة لوفيغارو ” بالتركيز على أكثر المناطق الأوروبية تعاطفاً مع برامج الأحزاب اليمينية. وفي المقابل، لا يعكس تقدم هذه الأحزاب بأي شكل من الأشكال هيمنتها على السلطة في أوروبا، رغم بروزها في الساحة السياسية.
من جهة أخرى، هناك تساؤل مهم يجب الإجابة عنه: لماذا اخترنا سنة 2001 تحديداً كتاريخ لانطلاق وبروز الأحزاب اليمينية؟ تتمثل الإجابة ببساطة في أن المجتمعات الأوروبية شديدة الارتباط، والانفتاح على المجتمع الأميركي الذي اهتز على وقع هجمات 11 سبتمبر/أيلول سنة 2001.
مثّلت هذه الأحداث فرصة حقيقية للأحزاب اليمينية الأوروبية التي تعمل على بث خطابها السياسي المعادي للوجود العربي والإسلامي داخل أوروبا، خاصة بعد اتهام العرب المسلمين بالوقوف وراء هجمات 11 سبتمبر 2016.
ومن جانب آخر، تتعدد الهياكل والتشكيلات السياسية للأحزاب اليمينية المتطرفة في أوروبا، حيث يميل بعضها إلى إحياء زمن الثورات الأوروبية، لكن لا تشكل هذه الأخيرة سوى أقلية محدودة. أما بالنسبة لأغلب أحزاب اليمين، فإنها تتبنى دعوات للتطور والتجديد والاندماج مع التحولات الجيوسياسية الكبرى. وترتكز أغلب هذه الأحزاب على منهجين سياسيين؛ فإما أن تكون شعبوية وطنية وإما شعبوية متجددة.
ويبقى هدف اليمين المتطرف دائماً، هو تكوين إنسان ومجتمع جديد يتماشى مع مقتضيات النصف الأول من هذا القرن، وتأسيس دولة رفاهية مطلقة تتصل بالماضي الأوروبي وتعارض التعددية الثقافية والاختلاف في الهويات.
لو لم يكن هناك نظام فاشي عالمي، لما اتحدت الأحزاب المتطرفة في أوروبا. وتتفق أغلب أحزاب اليمين حول نقطة واحدة، وهي أن المجتمع عبارة عن جسد واحد يعيش على أيديولوجية “الوطنية المطلقة”، قبل أن تُضاف إليه فيما بعد أيديولوجيات جديدة؛ مثل: الليبرالية، والدولانية، ومعاداة الاختلافات الثقافية والعرقية، ووضع حدّ للهجرة.
ولكي نفهم هذه الأيديولوجيات بطريقة أفضل، فإن هذا التقرير عمل على فكّ شيفرتها وتبسيطها بفضل جهود الباحث في مرصد التطرف السياسي، والمختص في دراسة اليمين المتطرف، نيولا لوبور.

فرنسا: الجبهة الشعبية تحطم أرقاماً قياسية
يُعتبر تاريخ أوروبا الغربية مع اليمين المتطرف تاريخاً غير متناسق، حيث تمتاز كل دولة بخاصياتها المحددة وبواقعها المميز. ولقد شهدنا خلال 15 سنة الأخيرة تقدماً لليمين المتطرف في دول عديدة من أوروبا الغربية.ومن بين هذه الدول، فرنسا التي وجد فيها حزب الجبهة الشعبية أرضاً خصبة لنشر خطاباته السياسية المتطرفة منذ سنة 2001 إلى حدود سنة 2016. وخلال هذه المرحلة، نجحت زعيمة الجبهة الشعبية، مارين لوبان، في تخطي المرحلة الأولى من الانتخابات الرئاسية الفرنسية، وقد انتقلت قيادة هذا الحزب المتطرف إليها عن طريق والدها، جان مارين لوبان.
حققت الجبهة الشعبية تقدماً خلال 15 سنة رغم بعض النقائص. وكانت فترة رئاسة ساركوزي إحدى أهم الفترات التي احتكر فيها حزب الجبهة الشعبية المشهد السياسي الفرنسي، عندما تقدمت الجبهة في الانتخابات البلدية، وفازت بأصوات إقليمية وإدارية داخل فرنسا. وقد أضفت مارين لوبان ديناميكية على الحزب بفضل خطابها السياسي المتطرف ضد المهاجرين والإسلام والإتحاد الأوروبي.
ليس حزب الجبهة الشعبية الفرنسية الممثل الوحيد للفكر اليميني المتطرف في فرنسا، فقد انشقت مجموعة من اليمينيين من الجبهة لتعلن تأسيس الحركة الوطنية الجمهورية بقيادة برونو ميغري، لكن هذا المولود الجديد كان تأثيره هامشياً في المشهد السياسي، ولم يحظَ منذ تأسيسه سوى بما يعادل نسبة 3.1% من الأصوات. أما الحركة الثانية، فهي رابطة الجنوب، التي أسسها جاك بومبار الذي يُعتبر أحد أبرز قادة الجبهة الشعبية سابقاً. وقد حققت هذه الرابطة نتائج جيدة في السنوات الأخيرة، سمحت لها بتمثيل 3 بلديات، والحصول على مقعد في البرلمان الفرنسي.

هولاندا: حزب “غيرت فيلدرز” يدعم من شعبيته

نجح حزب “غيرت فيلدرز” المتطرف في التغلغل داخل المشهد السياسي الهولندي. ولم يحقق هذا الحزب سابقاً سوى أرقام هامشية في صناديق الاقتراع، قبل أن يترأسه المتطرف بيم فورتين، الذي جعله قوة سياسية مؤثرة في البلاد.
يتمتع بيم فورتين بمسار سياسي استثنائي، فقد اتخذ من العدائية ضد الإسلام، وخوف الشعب من النخبة السياسية حجر الأساس لنشر خطاباته المتطرفة. وبعد اغتياله سنة 2002 من قِبل أحد أعضاء اليسار المتطرف، تقدمت قوائم حزبه السياسية بنسبة 17% في الانتخابات. وقد ظهر حزب غيرت فيلدرز المتطرف أكثر على الساحة السياسية بعد النجاح الذي حققه “الحزب من أجل الحرية”، الذي يمثل أحد أبرز الأحزاب التي تبناها حزب “غيرت فيلدرز”.

ألمانيا: حزب “البديل من أجل ألمانيا”
اعتقدنا في الماضي أن الكثير من الدول الأوروبية كانت في منأى عن هذا التدفق السياسي المتطرف، قبل أن تستسلم بعض الدول في وجه الدعوات المتطرفة لبعض الأحزاب اليمينية في عدد من الدول الأوروبية، وتحديداً ألمانيا.
لم يحقق “النازيون الجدد”، الذين ينتمون إلى الحزب الوطني الديمقراطي الألماني، سوى نتائج ضعيفة جداً في الساحة السياسية. وفي المقابل، حقق هذا الحزب نسبة 1% على الصعيد السياسي الأوروبي، ما سمح له بدخول برلمان “ستراسبورغ”.
يتفرع اليمين المتطرف الألماني إلى عدة مجموعات من الجماعات المتطرفة التي تتميز سياساتها غالباً بالعنف الشديد، فقد كانت ألمانيا منذ سنوات فضاءً حراً للنازيين الجدد.

المملكة المتحدة: تركز حزب الاستقلال
بقيت المملكة المتحدة، تماماً مثل ألمانيا، بعيدة عن مرمى الأحزاب المتطرفة، قبل أن تتمكن الجبهة الوطنية والحزب القومي البريطاني من حصد أصوات انتخابية مهمة، ذكرتنا بالنتائج التي حققتها الجبهة الشعبية في فرنسا. وفي السياق نفسه، حقق حزب الاستقلال المتطرف مؤخراً تقدماً ملحوظاً بنسبة 12% في الانتخابات التشريعية. وقد وعد قادته ناخبيهم بإجراء تغييرات جذرية. ويمكن ملاحظة نقاط تشابه عديدة بين برنامج هذا الحزب، وسياسة الجبهة الشعبية في فرنسا، خصوصاً فيما يتعلق بطرد المهاجرين وتحميلهم مسؤولية الأزمات الاجتماعية في أوروبا.
ويتفق الحزبان حول الدعوة إلى تطبيق نظرية “عدم التسامح”، وعدم التساهل مع المهاجرين، دون أن ننسى الدور الفعال الذي لعبه حزب الاستقلال في انسحاب المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي.

إيطاليا: حقل تجارب
لم تعرف إيطاليا انتشاراً لحركات فاشية جديدة رغم هزيمتها خلال الحرب العالمية الثانية. وفي المقابل، تأسست الحركة الاشتراكية الإيطالية على أنقاض الحزب الفاشي المنحل. وقد حصدت هذه الحركة نسبة 9% من الأصوات خلال سنة 1970، وحافظت بذلك على حضورها داخل مجلس النواب لأكثر من 40 سنة متتالية.
لكن خلال سنة 1990، تغيّر اسم الحركة لتتخذ توجهاً يمينياً كلاسيكياً تحت قيادة جيانفرنكو فيني الذي تحالف مع حركة سلفيو برلسكوني، وهي عبارة عن كتلة مكوّنة من عدة حركات سياسية مجتمعة، تشارك فيها حركة القوة الجديدة والتحالف الوطني، والجبهة الوطنية والعمل الاجتماعي. وقد نجح هذا التحالف السياسي في إعادة إحياء الفاشية الجديدة، دون تحقيق نتائج سياسية مؤثرة.
وفي السياق نفسه، مثلت إيطاليا خلال السنوات الأخيرة مهداً لولادة حركتين سياسيتين مؤثرتين. ففي الشمال، تأسست حركة إقليمية متطرفة تحت اسم “رابطة الشمال” التي تحظى بشعبية في كل المدن الشمالية لإيطاليا، تحت اسم “بادانيا”. ويرتدي أعضاء رابطة الشمال القميص الأخضر الذي يمثل زياً رسمياً للحركة المتطرفة.
ومع مرور الوقت، ظهرت في إيطاليا حركة جديدة تحت اسم “حركة الخمس نجوم”. ويصعب تحديد أيديولوجية هذه الحركة، لكن يمكن اعتبارها ضمن حركات الشعبويين الجدد، وهو ما يمكن استنتاجه من خلال خطابات قادتها التي تنادي بمعاداة المهاجرين، ضمن خطابات تشبه إلى حد كبير خطابات اليمين المتطرف.
وتدعو هذه الحركة إلى الزيادة في الأجور، والخروج من منطقة اليورو، ومحاربة الفساد، لكن طبيعة الخطاب السياسي الذي تعتمد عليه هذه الحركة في المناداة بمطالبها تدفعنا لاعتقاد أن حركة الخمس نجوم تميل إلى التطرف والشعبوية.

اليونان: هل يدوم عصر “الفجر الذهبي”؟
خلال السنوات الأخيرة، لعب اليمين المتطرف -رغم تراجعه السياسي بعد سقوط نظام الكولونيل- دور الناطق الرسمي باسم اليونان داخل أوروبا، قبل أن تشهد سنة 2000 انطلاقة جديدة للفكر اليميني المتطرف.
وقد شاركت حركة الاستنفار الشعبي الأرثوذكسي في تركيبة الحكومة اليونانية سنة 2011 بعد تحالف غير مُتوقع مع اليسار. وحصلت الحركة على حقيبة وزارية، و3 مقاعد نيابية. وتجدر الإشارة إلى أن وزير النقل الذي ينتمي إلى حركة الاستنفار الشعبي الأرثوذكسي كان ناشطاً في حركة النازيين الجدد، بينما كان نائب وزير الزراعة موالياً لنظام الكولونيل. وتتلخص مطالب حركة الاستنفار الشعبي الأرثوذكسي المتطرفة في الدفاع بشراسةٍ عن المذهب المسيحي الأرثوذكسي، وإعادة استعمال اللغة الإغريقية القديمة. أما اقتصادياً، فتدعو الحركة إلى مواصلة سياسة التقشف. وقد تسببت هذه المطالب في فقدان الحركة بعض نوابها داخل البرلمان اليوناني، والبرلمان الأوروبي خلال السنوات الماضية.
ساهم هذا الانسحاب السياسي لحركة الاستنفار الشعبي الأرثوذكسي في بروز حركة “الفجر الذهبي”، التي تحمل أفكار النازيين الجدد. وقد أصبحت بعد عدة انتخابات أخيرة، ثالث أقوى حزب سياسي في البلاد.
وتقدم هذه الحركة لليونانيين برنامجاً سياسياً يدعو إلى بناء مجتمع جديد تحت قيادة رجالات أكثر وطنية، لذلك فهي تدعو إلى اتباع نظام ديمقراطي مباشر مع تأسيس نظام اقتصادي يكون في خدمة الدولة وتحت رقابتها، كما تتبنى الحركة سياسة معادية للمهاجرين باعتبارهم يسهمون في عرقلة عملية بناء مجتمع يوناني جديد يراهن في نجاحه “على أشخاص من الجينات البيولوجية والأفكار الروحية نفسها”.
خلال سنة 2014، تعرضت حركة الفجر الذهبي لانتكاسة كبيرة بعد إيقاف 69 من أعضائها، ومن بينهم نواب وطنيون، على رأسهم الزعيم نيكوس ميكالولياكوس، بتهمة الانتماء إلى منظمة إجرامية.
السويد: الطبقة السياسية تتحد ضد “الديمقراطيين السويديين”
عرف حزب الديمقراطيين السويديين، وهو حزب يميني متطرف مقرب من مجموعة النازيين الجدد، بنتائجه الانتخابية الهزيلة. وحقق في بعض الأحيان نتائج بلغت 0%، قبل أن يحصل على نسبة 1% من الأصوات مطلع سنة 2002.
خلال سنة 2006، غيّر هذا الحزب اليميني شعاره الرسمي من شعلة إلى شعار أقل عنفاً. وكان الشعار الجديد عبارة عن زهرة زرقاء وصفراء. وخلال الفترة نفسها، انسلخ هذا الحزب عن قِيمه الراديكالية، وقلص من حدة خطابه السياسي الذي كان يقوم على تكثيف العبارات العنصرية. وأصبح الحزب تدريجياً يتبنى الدفاع عن التعددية الثقافية والقيم والحقوق الاجتماعية. أسهم هذا التغيير الجذري داخل الحزب في تحسّن نتائجه خلال الانتخابات البرلمانية في سنة 2014، حيث حصل على 13% من الأصوات. وفي المقابل، أثارت هذه النتائج مخاوف الأحزاب التقليدية اليمينية واليسارية التي أبرمت اتفاقية، مع الحكومة؛ لوضع حد لتقدم حزب “الديمقراطيين السويديين” المتطرف.

فنلندا: الفنلنديون الحقيقيون موجودون في الحكومة
عملت فنلندا، مثل السويد، على تضييق الخناق على الأحزاب المتطرفة، لتبقى اللعبة السياسية بين أيدي الأحزاب التقليدية بعيداً عن أي حضور لحزب الفنلنديين الحقيقيين. وقد غيّر هذا الحزب اسمه ليصبح حزب الفنلنديين، لكن ذلك لم يكن كافياً لجعله يتصدر المشهد السياسي.
خلال سنة 2007، شهد حزب الفنلنديون نقلة نوعية، حيث لقيت خطاباته المطالبة بالانسحاب من الاتحاد الأوروبي، والتصدي للهجرة والمهاجرين صدى داخل المجتمع الفنلندي. وقد فاز هذا الحزب بنسبة 19% من الأصوات في سنة 2011، قبل أن يشارك في حكومة تحالف وطني مع أحزاب اليمين المعتدل والوسط في سنة 2015. وقد عيّن زعيم حزب الفنلنديين، تيمو سويني، وزيراً للشؤون الخارجية.

النمسا: حزب حرية النمسا كان قاب قوسين من رئاسة البلاد
تم إنشاء حزب الحرية النمساوي على أنقاض حزب مكوَّن من النازيين السابقين. وكان الحزب، منذ فترة طويلة، تحت قيادة الزعيم الكاريزمي يورغ هايدر. وكثيراً ما طالب هذا الحزب بوضع حد للهجرة نحو النمسا، ومعاداة الأجانب وترسيخ نظام اقتصادي يقوم على الليبرالية.
خلال سنة 1999، انضم يورغ هايدر إلى الحكومة بعد أن عقد تحالفاً مع حزب المحافظين، ما أثار ردود فعل قوية في أوروبا. وفي سنة 2005، انفصل يورغ هايدرعن عن التحالف الحكومي ليؤسس “حزب التحالف من أجل مستقبل النمسا”، قبل أن ينهار بعد وفاة مؤسسه في حادث سير في عام 2008.
في سنة 2016، ترشح نوربرت هوفر، وهو مهندس يعتنق المذهب الكاثوليكي، للرئاسة، ونجح في بلوغ الجولة الثانية. وتميز خطابه بالحدة، حيث غيّر شعار معاداة الأجانب بشعار الحدّ من الهجرة. وأسهم ذلك في تقدم حزب الحرية النمساوي على المستوى الشعبي، لكنه فشل خلال المرحلة الثالثة من الانتخابات الرئاسية.

الدنمارك وسويسرا والنرويج: معاقل تخضع لرقابة تامة
في بلدان الشمال الأوروبي، مثل الدنمارك والنرويج، هناك الكثير من أوجه التشابه؛ أولاً، شهد البلدان ظهور الأحزاب اليمينية المتطرفة في الفترة نفسها، وتحديداً في سنة 1970، عندما ظهر اسم حزب التقدم في الدنمارك، الذي غير اسمه فيما بعد ليصبح حزب الشعب الدنماركي الذي نادى دائماً بتأسيس دولة أكثر رفاهاً وسخاءً اجتماعياً مع رفض الهجرة وتعدد العرقيات داخل البلاد. أما في سويسرا، فقد دعا نائب الرئيس في حزب الشعب السويسري الذي فاز بنسبة 25٪ من الأصوات سنة 2003، إلى تطبيق مفهوم الديمقراطية المباشرة، ما أدى إلى تعزيز عزلة سويسرا إقليمياً ودولياً، وعدم تدخلها في القضايا الدولية الراهنة.
إسبانيا والبرتغال وإيرلندا:  دول لم تتأثر بظاهرة اليمين المتطرف
تبقى كل من إسبانيا والبرتغال لمدة 15 سنة تقريباً بعيدة تماماً عن ظاهرة التطرف اليميني. ورغم وجود مجموعات راديكالية في كلا البلدين، فإن حضورهما السياسي يُعتبر ضعيفاً بعد هزيمتهما في الانتخابات الأخيرة. ففي إسبانيا، انضم المعتدلون إلى حزب اليمين والحزب الشعبي، لكن الاتجاهات القومية المحلية تجعل من عملية تشكيل قوة وطنية كبرى أمراً معقداً. أما البرتغال، التي لا تختلف كثيراً عن إسبانيا، فقد عاشت فترات طويلة من الديكتاتورية. وأما إيرلندا، فهي لم تعرف في تاريخها أي تصويت لصالح اليمين المتطرف.

أوروبا الشرقية
يختلف الوضع نسبياً في دول الاتحاد السوفييتي السابق؛ فهي لا تتقاسم التاريخ نفسه مع أوروبا الغربية. وقد نجحت الأنظمة الفاشية في الاستيطان داخل أوروبا الشرقية تحت وطأة نظام شيوعي مستبد، ولذلك فإن القضايا الاجتماعية أيضاً لم تكن نفسها
لم تعش دول أوروبا الشرقية تنوعاً عرقياً كبيراً، كما حصل في أوروبا الغربية، حيث ينحدر سكان أوروبا الشرقية من أصول سلافية بحتة. لذلك، تُعتبر قضية الهجرة أو الخطاب المعادي للأجانب أمراً غير مطروح داخل هذه الدول. وفي المقابل، طرحت أحزاب اليمين المتطرف في كل من المجر وبولونيا قضايا جديدة، أهمها إعلان “ثورة ثقافية مضادة داخل أوروبا كلها”.

جمهورية التشيك ورومانيا: الانهيار
في أقصى شرقي أوروبا، شهدت عدة بلدان انهياراً تاماً لليمين المتطرف، ومن بين هذه الدول جمهورية التشيك. ورغم نجاح حزب “التجمع من أجل الجمهورية” في تحقيق نسبة تجاوزت 8% خلال انتخابات سنة 1990، فإنه انهار بالكامل؛ بسبب استعماله خطابات شديدة اللهجة ضد أحزاب اليمين التقليدي.
في رومانيا أيضاً، انهارت العشرات من أحزاب اليمين المتطرف، وقد تمكن حزب “رومانيا الكبرى” المتطرف من الوصول إلى الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية سنة 2000 بعد حصول زعيمه فاديم تيودر على 28% من الأصوات، رغم أن زعيمه كان يتبنى خطابات معادية للسامية، ويمجد نظام الديكتاتور الفاشي السابق، أنتونيسكو (1940-1944). وقد انهار حزب “رومانيا الكبرى” تماماً في سنة 2016، عندما حصل على 1% من الأصوات في الانتخابات البرلمانية.

سلوفاكيا: تحالف في الحكم
برز في سلوفاكيا الحزب الوطني السلوفاكي؛ بسبب دفاعه الشديد عن استقلال البلاد في سنة 1993، ما أسهم في حفاظه على شعبية كبرى تواصلت لمدة 20 سنة متتالية رغم بعض الانتكاسات.
التحق اليسار باليمين على الساحة السياسية، ما سمح للاشتراكي روبرت فيكو بالوصول إلى الحكم بين سنتي 2006 و2010، لكن فترته الرئاسية جعلت من سلوفاكيا عرضة للانتقادات الدولية؛ نظراً لقيادته حملة شرسة ضد المهاجرين في سلوفاكيا، ما أجبر روبرت فيكو على تشكيل حكومة ائتلاف وطني مع أحزاب معتدلة.

سلوفينيا وكرواتيا: اليمين المتطرف ضعيف نسبياً
في سلوفينيا، تنخفض نسبة التصويت لصالح الحزب الوطني السلوفيني أو كما يسمى “حزب الشعب السلوفيني” بنسبة كبيرة. وتضم سلوفينيا حزباً متطرفاً اسمه الحزب الديمقراطي الاجتماعي، الذي لا يتردد في الدفاع عن القيم العنصرية نفسها التي تطالب بها أحزاب اليمين المتطرف في كل أوروبا. أما في كرواتيا، ذلك البلد الذي كثيراً ما سيطرت النزعة القومية على خطاباته السياسية، فلم ينجح إلى يومنا هذا أي حزب يميني في تحقيق نتائج سياسية محترمة فيه.

بلغاريا: حزبان يتنافسان
لم تكن بلغاريا تمتلك تقاليد سياسية متطرفة مثل جيرانها إلى حدود سنة 2005، عندما حقق الحزب اليميني المتطرف، الذي يُدعى “الاتحاد الهجومي الوطني” نتائج جيدة في الانتخابات. ومع حلول سنة 2006، نجح زعيمه، فولونيف سيدروف، في الترشح للمرحلة الثانية من الانتخابات الرئاسية بعد فوزه بنسبة 20% من الأصوات. وقد عُرف فولونيف سيدروف بمعاداته للأقليات التركية، والغجر في بلغاريا، ما تسبب في تراجع شعبيته.
وخلال سنة 2013، قام الاشتراكيون بمعارضة الحكومة التي يدعمها نواب “الاتحاد الهجومي الوطني”. وقد نجح الاشتراكيون في التأثير على الدور السياسي للاتحاد الهجومي الوطني ليقدم نفسه فيما بعد بديلاً عنه.

دول البلطيق: اليمين المعتدل يعرق تقدم اليمين المتطرف
لا تتبنى كل دول البلطيق المنهج السياسي نفسه. وطيلة 15 سنة الماضية، كانت تُعتبر إستونيا أقل تأثراً بصعود اليمين المتطرف رغم حصول حزب الشعب المحافظ على نسبة 8.1% في الانتخابات التشريعية الأخيرة في سنة 2015. وفي المقابل، ارتفعت شعبية الأحزاب المتطرفة في ليتوانيا خلال 15 سنة الماضية لتبلغ 29.8% بعد أن كانت 5.7%. أما ليتوانيا، فقد بلغت نسبة تقدم الأحزاب المتطرفة على الصعيد السياسي داخلها نسبة 10%.

 عن هافينغتون بوست مترجم عن لوفيغارو

Related posts

Top