جرى يوم الأربعاء الماضي، بمراكش عرض ومناقشة الفيلم الوثائقي “يهود المغرب: مصائر متناقضة” الذي أنتجه وأخرجه يونس الغراري، وذلك في إطار لقاء “اليهودية المغربية.. من أجل مغربة متقاسمة”.
وأنجز هذا العمل للإجابة عن الأسئلة العديدة التي تدور في خلد مخرجه منذ فترة طويلة، حيث يتساءل عن الأسباب التي جعلت أفرادا بإحدى الجاليات المكونة للأمة المغربية يقررون مغادرة بلدهم الأصلي بشكل دائم وعلى عدة مراحل، وما الذي حدث ليتم في بعض المحطات من تاريخ المغرب المعاصر، إفراغ البلد من مواطنيه اليهود؟.
وجاء في ملخص حول الفيلم الوثائقي، الذي يعد ثمرة هذا التفكير، أن الفضول استمر في طرح نفسه، خاصة مع عدم إيجاد إجابة عن هذه الأسئلة في كتب التاريخ.
ويقدم الفيلم الوثائقي عدة شهادات لمغاربة من الديانة اليهودية ولدوا وترعرعوا في المغرب، وتم إغناؤه بآراء مؤرخين وأكاديميين مغاربة قدموا منظورا عن السياق التاريخي لتلك الفترة.
وأشار العديد منهم إلى أن اليهود والمسلمين تقاسموا، قبل سنة 1967، وفي نفس البيوت، المطابخ والأطباق اليومية كإخوة بدون أي مساس بديانة كل منهم.
وفي هذا الصدد، قال عمير بيرتس “عشنا معا في ظل جوار جيد، وقمنا جميعا بأنشطة تجارية بكل ثقة”.
من جهتها، قدمت الكاتبة المغربية اليهودية، نيكول الغريسي، شهادة قالت فيها إن “والدتي كانت تلبسني القفطان يوم عيد العرش. اتبعنا عادات مغربية أصيلة في أصغر تفاصيلها”.
وقال شمعون ليفي “إنه صفاء سيتم تنغيصه بعد حرب الأيام الستة”، “وبدأ شيئا فشيئا استشعار إقصاء اليهود بعد سنة 1967”.
ووفقا لميشيل أبيتبول، فإنه “كان هناك خطاب سياسي تؤكد رسالته أن الحياة لم تعد ممكنة في أرض الإسلام، في حين أن الواقع يبرز أن الاقتصاد اليهودي لم يكن في حالة جيدة إلا بعد استقلال المغرب”.
وأضاف أن المغرب يعترف اليوم ب”الرافد العبري” المكون الهام ضمن هويته والمنصوص عليه في ديباجة دستور 2011 ، مما يشكل خطوة كبيرة في تاريخ اليهودية في المغرب.
وشارك الجمهور، بعد عرض هذا الفيلم الوثائقي، في نقاش غني حول هذا العمل التأريخي الهام.
وفي هذا السياق، اعتبر الكاتب والدبلوماسي، يهودا لانكري، أن عنوان الفيلم الوثائقي “ناطق”، مضيفا أن “الأمر يتعلق بمغاربة يهود وليس بيهود مغاربة، مما يدل على تجذر الطائفة اليهودية واندماجها في المغرب”.
ويرى أنه ارتباط يشعر به أيضا المغاربة المسلمون الذين لا يزالون يتذكرون بحنين السنوات المشتركة مع جيرانهم اليهود، حيث إن “اليهود كانوا يشكلون روح المدينة القديمة، حسب ما قال لنا أحد الجيران السابقين في مدينة الدار البيضاء”.
وفيما يتعلق بأسباب رحيل اليهود من المغرب، روى لانكري قصته الشخصية، مؤكدا أنه “رأينا المدن المغربية تفرغ من المغاربة اليهود، كان لدي حزن غائر”.
من جانبه، قال يونس الغراري إنه “ألم أردنا تجاوزه بتغليب الجانب الثقافي الذي يوحد كل المغاربة سواء كانوا يهودا أو مسلمين”، مؤكدا أن “مهرجان الموسيقى الروحية في فاس قد تأسس من أجل ديمومة هذا التراث اليهودي-الأندلسي العربي الذي تقاسمناه”.
وأضاف “لقد استحضرنا في ذلك كل التراث الثقافي المشترك المجيب عن كل انقسام يحدث بسبب اختلاف المواقف السياسية، وهي مبادرة أشاد بها سكان فاس بحرارة”.
من جهته، أشار فوزي الصقلي، الكاتب الأنثروبولوجي، إلى أن “الثقافة العبرية في دستور المغرب تعبر عن أن هذا التراث ليس فريدا بالنسبة لليهود، بل ينتمي إلى كل المغاربة الذين أصبحوا أكثر فأكثر معرفة به”.
يذكر أن لقاء مراكش حول موضوع اليهود المغاربة منظم من قبل مجلس الجالية المغربية بالخارج بشراكة مع مجلس الطوائف اليهودية بالمغرب، وبتعاون، على الخصوص، مع وزارة الثقافة والاتصال، ومؤسسة التراث اليهودي- المغربي، والمتحف اليهودي المغربي، وجمعية أصدقاء المتحف اليهودي المغربي والرابطة اليهودية العالمية.
لقاء اليهودية المغربية بمراكش ..
الوسوم