نظّمت جمعية إنصات لمناهضة العنف ضد النساء يوم الخميس 17 مارس الجاري، بالمركب الثقافي الأشجار العالية ببني ملال، لقاء ثقافيا مع الروائي والمترجم المغربي الأستاذ أحمد الويزي. وفي مستهل هذا اللقاء، ألقت رئيسة الجمعية الأستاذة سامية الأمراني، كلمة رحبت فيها بالضيوف، كما عرفت فيها كذلك بالأهداف المعقودة على هذا اللقاء، الذي يعد الأول من نوعه في تاريخ الجمعية، بحكم أن أغلب ما سبق تنظيمه من لقاءات “جمعية إنصات” عادة ما اندرج ضمن طبيعة الترافع والأنشطة ذات الصبغة الحقوقية والمطلبية البحتة.
وبعد هذه الكلمة، افتتحت مسيرة الجلسة الأستاذة نعيمة واهلي أشغال اللقاء الدراسي، بورقة عرفت فيها عامة بسيرة الكاتب أحمد الويزي، وبأبرز اهتماماته الأدبية سواء في كتابة الرواية أو الترجمة. ثم أعطت الكلمة للأستاذ عزيز ضويو، كي يتناول في ورقته النقدية التي أعدها لهذه المناسبة، أبرز الملامح التي تشكل “صورة الشخصية النسائية في المتن الروائي لأحمد الويزي”.
وقد أكد ذ. عزيز ضويو في دراسته الأكاديمية الدقيقة، التي قامت على استقراء المتن الروائي للكاتب، الذي يضم لحد الآن ثلاث روايات هي: “حمام العرصة” و”بلاد بلارج” و”الملك يموت مرتين”، على أن أهم ما يميز الكتابة الروائية للأستاذ الويزي هو خضوع صورة المرأة فيها الى طبيعة السرد الواقعي، وأن حضورها في كل هذه الروايات لا ينضبط لمنطق الحضورالأطروحي، بقدر ما يستجيب لاشتراطات الكتابة الواقعية القائمة على الرؤية الاجتماعية، التي تتصل بوعي الكاتب واختياراته الأدبية. وقد تتبعت ورقة الأستاذ ضويو بتفصيل تعاقبي دقيق، أهم التمفصلات السردية في الروايات الثلاثة السابقة، وأبرز خصائصها البنائية واللغوية البوليفونية والثيماتيكية. ثم خلصت إلى أن صورة المرأة في المتن الروائي لأحمد الويزي لا يمكن اختصارها في صورة نمطية واحدة، بقدر ما هي تمثلات لتنويعة اجتماعية تتفاعل ضمن سيرورة من الأحداث التخييلية، التي تفترضها الكتابة بمنطقها البوليفوني، الذي يعكس الصراع الاجتماعي والثقافي للشخصيات المتخيلة.
وبعد ذلك، تناول الأستاذ أحمد الويزي الكلمة، فشكر في البداية أعضاء وعضوات الجمعية على استضافته، ونوه الى أهمية مثل هذه اللقاءات بين المهتمين بالشأن الحقوقي والأدبي، شاكرا الجهد العلمي الرصين الذي أنجزه الأستاذ ضويو في قراءة متنه الروائي، بألمعية وبصيرة ثاقبة. ثم عرج الضيف المحتفى به على موضوع اللقاء، وأشار الى أن المرأة في منجزه التخييلي، لا تعد سوى مكون من بين مكونات أخرى، أهمها المكان وتحولاته وإكراهاته. وبهذا الصدد، أشار الأستاذ الويزي الى أن كافة نصوصه السابقة، بل وحتى روايته الرابعة التي ما يزال منكبا على كتابتها، وهي بعنوان: “زهرة ونجية وفوزية والقايدة العاونِية”، تدخل ضمن انشغاله التخييلي بالمكان وتحولاته الاجتماعية والثقافية، حيث لا تشكل المرأة سوى نوع من الأليغوريا، التي تكشف عن طبيعة التحولات العامة التي تطاله، سواء بسلاسة أو بعنف. ثم أضاف بأن روايته الرابعة ستخصص كاملة لتقديم بعض النماذج النسائية الاستثنائية، التي تكشف عن الوجه الليلي المختلف لمراكش، المدينة التي ظلت عادة ما ظلت تعرف فقط، برجالها السبعة. وبذلك، اغتنم الكاتب أحمد الويزي هذه المناسبة، فقرأ على الحضور فصلا قصيرا من روايته الجديدة، وهو بعنوان: شريط الغناء طريق الرقص.
وبعد تفاعل جمهور الحاضرين والحاضرات مع الأوراق التي قدمتها الجلسة، بأسئلة متنوعة ومختلفة ساهمت في إغناء اللقاء من أكثر من زاوية، انتقل المنظمون إلى حفل التكريم المخصص لإحدى عضوات الجمعية، وهي الأخت خديجة الشطبي التي ظلت مكلفة بمهام الإنصات والمتابعة القانونية في الجمعية، منذ لحظة تأسيسها والى الآن. وبعد الاستماع الى كلمة الاحتفاء المقدمة في حق هذه الأستاذة العتيدة، والاستماع إلى كلمة الشّكر التي قدمتها الأخت الشطبي نفسها في حق جمعية إنصات، تم تقديم بعض الهدايا الرمزية للمكرمين معا في الحفل: الروائي أحمد الويزي والأستاذة خديجة الشطبي، ليسدل بعدها الستار على فعاليات اللقاء.
< بني ملال: عبد الرزاق حنفي