ليبيا .. مخاض سياسي عسير

منذ صيف 2014 تدير البلاد حكومتان متنافستان، إحداهما في العاصمة طرابلس غربي البلاد والأخرى في طبرق شرقيها. ومازال النزاع السياسي قائما، على الرغم من الاتفاق الذي أبرم في مدينة الصخيرات المغربية، برعاية الأمم المتحدة، على تشكيل حكومة وفاق وطني برئاسة فايز السراج. إلا أنَّ عدم تأييد طرفي الصراع في ليبيا المتمثلين بحكومة طبرق (شرق) والمؤتمر الوطني العام في العاصمة طرابلس (غرب) لحكومة السراج، سينعكس سلبا على سير العملية السياسية برمتها في البلاد.
فتشكيلة حكومة الوفاق الوطني الوليدة تشهد اعتراضات وردود أفعال من قبل حكومة طبرق، والمؤتمر الوطني العام في العاصمة طرابلس، وبذلك تكون حكومة الوفاق الوطني المدعومة من قبل الأمم المتحدة، مرشحة لأن تكون حكومة ثالثة في ليبيا.
وشهدت ليبيا مراحل سياسية في الآونة الأخيرة، حيث شهدت مدينة الصخيرات المغربية في 17 ديسمبر 2015 توقيع اتفاق بين الأطراف الليبية، ينص على تشكيل حكومة وحدة وطنية، وإنهاء الانقسام التشريعي بإيجاد مقاربة يبقى فيها مجلس النواب لفترة عام أو عامين، ويشارك المجلس الأعلى للدولة – الذي يفترض أن يكون هو المؤتمر الوطني العام بشكل آخر- في بعض الصلاحيات التي تتعلق بالمناصب السيادية وبسحب الثقة من الحكومة وتعديل الإعلان الدستوري.
وفي 23 من نفس الشهر أصدر مجلس الأمن الدولي القرار رقم 2259 الذي يرحب بتوقيع الاتفاق السياسي الليبي في الصخيرات، وبإنشاء المجلس الرئاسي. وطلب القرار من المجلس الرئاسي العمل في غضون فترة ثلاثين يوما المنصوص عليها في الاتفاق، على تشكيل حكومة وفاق وطني وإكمال الترتيبات الأمنية المؤقتة لبسط الاستقرار في ليبيا.
ووقعت وفود عن المؤتمر الوطني الليبي العام بطرابلس، ومجلس النواب المنعقد في طبرق، والنواب المقاطعين لجلسات الأخير، إضافة إلى وفد عن المستقلين وبحضور سفراء ومبعوثين من دول عربية وأجنبية، يوم 17 ديسمبر الماضي، على اتفاق يقضي بتشكيل حكومة وحدة وطنية، برئاسة فايز السراج.
ومن أجل الحصول على دعم توجه رئيس حكومة الوفاق الوطني الليبية فايز السراج في 11 يناير الماضي إلى تركيا والتقى رئيس الوزراء أحمد داودأوغلو ووزير الخارجية مولود جاويش أوغلو. وفي 19 من نفس الشهر عقدت حكومة الوفاق جلستها الأولى برئاسة السراج، الذي صرح بأن حكومته تتألف من 32 وزيرا، وبعد نيل الثقة من البرلمان ستباشر عملها في طرابلس، وأشار حينها إلى أنَّ أولويات حكومته مكافحة المجموعات المسلحة، وتأتي هذه التشكيلة المؤلفة من 32 بدلا من 24 من أجل إرضاء القوى السياسية في الساحة الليبية ومشاركتها في الحكومة.
ورفض مجلس النواب المنعقد في طبرق، بتاريخ 25 من الشهر الماضي، منح الثقة لحكومة التوافق الليبي المنبثقة عن الاتفاق الليبي الموقع في الصخيرات، وذكرت مصادر أن مجلس النواب في طبرق، طلب من رئيس الحكومة فايز السراج، تقديم تشكيلة وزارية مصغرة جديدة، تكون بمثابة حكومة أزمة، وتقليص عدد الوزراء والحقائب الوزارية.
وأكد عضو المؤتمر الوطني العام، عبدالقادر حويلي، في وقت سابق “انعدام أي فرصة لنجاح حكومة فايز السراج المرتقبة، لأنها تمثل خروجا عن الحوار الليبي، وخرقا للسيادة الوطنية. وكشف حويلي عن “ضغوط يتعرض لها البرلمان للقبول بقرار مجلس الأمن بدعم ومساندة حكومة التوافق المنبثقة عن اتفاق الصخيرات”، لكنّه رأى أن البرلمان “لن يستجيب لهذه الضغوط، توافقا مع إرادة الشعب الليبي الرافض لأي تدخل أجنبي».
وذكر أن دخول ما أسماه “حكومة ليون- كوبلر”، إلى طرابلس يعني “انتقال الحرب والفوضى من بنغازي إلى طرابلس”.
وبالمجمل فإن حكومة الوفاق الوطني أمام امتحان صعب، فعدم حصولها على الثقة من برلمان طبرق، وطلب الأخيرة من الحكومة تخفيض عدد الوزراء، يشكلان تحديا لها، لا سيما أنّها في حال خفضت عدد الوزراء فإنها تخشى من عدم حصولها على دعم القوى السياسية المشاركة في الحكومة بعد سحب الحقائب الوزارية منها. ولو أنَّ حكومة السراج حصلت على ثقة برلمان طبرق فإنَّها ستواجه مهمة إقناع الكتائب المسلحة في طرابلس التي ستستأنف عملياتها من هناك.
مازالت الادعاءات التي تشير إلى تدخل دولي برعاية إيطاليا ضد تنظيم داعش، تلقي بثقلها على أجندات الملف الليبي في وسائل الإعلام، واللافت في الأمر هنا وجود 4 طائرات إيطالية من طراز أي.إم.إكس في ليبيا. وأوضحت إيطاليا في تصريحات رسمية أنها لن تشن أي عملية عسكرية في ليبيا إلا بطلب من حكومة الوفاق الوطني. وادعت جهات إعلامية عربية ومصادر محلية، بأنَّ الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا وروسيا ستنشر قواتها في مدينة طبرق شرقي ليبيا. على أن ترسل فرنسا أيضا قواتها في وقت لاحق.

Related posts

Top