جرى، أول أمس الثلاثاء، بالمقر الوطني لحزب التقدم والاشتراكية بالرباط، قراءة وتوقيع كتاب “المغرب فلسطين” بحضور مؤلفه المدير الأسبق للمطارات أحمد البياز، وفعاليات سياسية ومدنية ودبلوماسية.
وخلال هذا اللقاء الذي نظمته مؤسسة علي يعته، حصر الخبير الاقتصادي محمد عبد اللاوي، قراءة كتاب “المغرب فلسطين” في بعديها المنهجي والأكاديمي، واصفا الكتاب بـ”المعلمة” التي تحتوي على كنز من المعلومات والتي تعزز الخزانة المغربية.
وبحسب محمد عبد اللوي، فإن الفكرة الأساسية التي يطرحها أحمد اليياز في كتابه، تتعلق بطبيعة العلاقات القوية بين المغرب وفلسطين والتي هي علاقات تتجاوز الدعم السياسي والدبلوماسي والاقتصادي، على الرغم من أن المغرب هو البلد العربي الوحيد الأبعد عن فلسطين، مشيرا إلى أن الشعب المغربي أظهر ارتباطا استثنائيا عاطفيا روحيا وجوديا بهذه الأرض المقدسة.
وأضاف عبد اللوي، خلال هذا اللقاء الذي أدارته فاطمة الزهراء ماء العينين عضوة المكتب المسير لمؤسسة علي يعته، أن كتاب “المغرب فلسطين” يكشف النقاب عن تاريخ الطيران المدني بالمغرب وهو تاريخ تطور مذهل لهذا القطاع الاستراتيجي، مشيرا إلى أن الكتاب يركز على مطار غزة الدولي الذي لعب فيه المغرب دورا أساسيا.
وبخصوص المنهجية التي اعتمدها الكاتب المهندس أحمد البياز، أوضح الخبير الاقتصادي، أن الكتاب عمد إلى تقسيم هذا العمل إلى إحدى عشرة بابا، وذلك من أجل بسط الفكرة الأساسية للكتاب، حيث عنون الباب الأول بـ “من الاستنجاد بصلاح الدين إلى ثورة البراق العظمى”. وأعطى للباب الثاني عنوانا “الحروب الإسرائيلية العربية”. و خص الباب الثالث بعنوان “مسلسل السلام بنكهة الأمل” إلى أن يصل إلى الباب إلى الباب الثامن الذي عنونه بـ”محمد السادس والقضية الفلسطينية”. التاسع الذي تحدث فيه عن اليهود المغاربة قبل وبعد ترحيلهم إلى إسرائيل، ثم فيما خصص عنوان “ياسر عرفات كما عرفته” أي كما عرفه الكاتب، للباب الأخير، مشيرا أن هذه المنهجية التي سلكها أحمد البياز تتميز كون الجانب السردي فيها للأحداث تجاوز الجانب التحليلي للأفكار المتناولة.
ويرى محمد عبد اللوي أن الأسلوب السردي الذي اختاره الكاتب هو من الأساليب اللغوية المرنة، المتبعة في ذكر الأحداث، ويقوم على إعادة الإخبار، وهكذا يضيف المتحدث، قام الكاتب بنقل تجربته وخبرته في ميدان تدبير المطارات عبر توظيفه لهذا الأسلوب السردي المرن الشيء الذي يمكن اعتباره تميزا للكاتب.
وذهب محمد عبد اللوي إلى القول بأن “الخلفية السيكولوجية للكاتب، أرغمته على اتباع منهجية السرد على التحليل فأصبح مرغما إلى حد ما على استعمال منهجية تكميلية ترتكز على مبدأ التحقيقية ويتجلى ذلك عبر الصور التي أدرجها في الكتاب”.
بدوره، شدد عبد اللطيف ولعلو نائب رئيس الجمعية المغربية لمساندة الكفاح الفلسطيني، على أن السياق الذي تمر منه القضية الفلسطينية سواء في قطاع غزة أو في الضفة الغربية، هو سياق صعب للغاية، حيث يتعرض الشعب الفلسطيني للإبادة الجماعية على يد الكيان الصهيوني الغاشم، مشيرا إلى أن كتاب “المغرب فلسطين” للمناضل أحمد البياز هو ترجمة لتاريخ التضامن الفعلي وللعلاقة المشتركة المغربية الفلسطينية، بالنظر لما يحتويه الكتاب من معلومات قيمة وصور تاريخية ووثائق ثمينة، يتم التعرف عليها لأول مرة بفضل هذا الكتاب الذي سيغني، بحسبه، الخزانة الوطنية والمؤسسات المعنية بالأرشيف وبتوثيق تاريخ المغرب وعلاقته بكفاح الشعب الفلسطيني حيث يعتبر هذا الكتاب، يضيف المتحدث، مرجعا مهما لمن يريد التعمق ومعرفة أكثر للعلاقات التاريخية بين الشعبين الشقيقين، والكتاب أيضا، يضيف ولعلو “غني بشهادات العديد من الشخصيات الفلسطينية والمغربية والعربية والدولية ومكونات المجتمع المدني المغربي بصفة خاصة”.
وبعد أن عرض للمنهجية التي استند عليها الكاتب في إنجاز عمله، أكد عبد الحفيظ ولعلو، على أن علاقة الكاتب أحمد االبياز بالقضية الفلسطينية ممتدة في التاريخ، وتعود إلى خمسينيات القرن الماضي، عندما كان مناضلا في صفوف الإتحاد الوطني لطلبة المغرب، حيث كانت له إلى جانب باقي المناضلين خلال تلك الحقبة، علاقة جيدة مع الطلبة الفلسطينيين، تكللت بزيارة إلى فلسطين بمعية الرئيس الحالي لفلسطين محمود عباس أبو مازن عندما كان آنذاك طالبا بكلية الحقوق بدمشق.
وتحدث عبد الحفيظ ولعلو عن الحيثيات التاريخية لبناء مطار غزة الدولي، والدور الذي قام به أحمد البياز كمشرف على المشروع، مشيرا إلى أن ياسر عرفات أقر في شهادة في الكاتب بالكفاءات المهنية المغربية في هذا المجال أي في مجال تدبير المطارات وفي مقدمتهم أحمد البياز الذي أشرف على تنفيذ مشروع بناء مطار غزة الدولي، وكان بذلك مناضلا حقيقيا ومساندا للقضية الفلسطينية، وأنه بفضله كانت أول طائرة تحط بهذا المطار هي طائرة مغربية.
وكشف عبد الحفيظ ولعلو كيف أن مطار غزة الدولي، يجسد الحضور الثقافي والحضاري المغربي من خلال الإبداع المغربي التقليدي يترجم جهود الحرفيين المغاربة في فن النقش على الخشب والتزيين الذي ساهم فيه أزيد من ستين حرفي مغربي، عملوا هناك لأزيد من خمسة أشهر.
و تحدث عبد الحفيظ ولعلو عن السياق التاريخي لبناء مطار غزة الدولي، ودور أحمد البياز الذي كلفه الراحل الحسن الثاني بالإشراف الكلي على تحويل المشروع من حلم إلى واقع، وكيف أن هذا المطار يعد تجسيدا للاعتراف الدولي بالسلطة الفلسطينية، حيث أن افتتاحه تم من طرف ياسر عرفات الذي كان بمعية الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون، مبرزا الدعم المغربي للقضية الفلسطينية منذ عهد محمد الخامس إلى الحسن الثاني ثم محمد السادس.
ويرى عبد الحفيظ ولعلو أن كتاب “المغرب فلسطين” الذي تطرق إلى حجم الدعم الرسمي المغربي للقضية الفلسطينية، وإلى الدعم الشعبي الجارف لهذه القضية العادلة والمشروعة، أغفل جانبا من الدعم السياسي للأحزاب الوطنية والديمقراطية، ضمنها حزب التقدم والاشتراكية، واحد من المؤسسين للجمعية المغربية لمساندة الكفاح الفلسطيني، والتي ضمت أحزابا ونقابات وعلماء وشخصيات بارزة قدمت الكثير للقضية الفلسطينية.
من جانبه، تحدث أحمد البياز صاحب كتاب “المغرب فلسطين” عن حيثيات وكواليس بناء مطار غزة رفح الدولي، مشيرا إلى السياقات التاريخية لهذا الحدث الهام مذكرا بما عرفته سنة 1974 حيث اعترفت الدول العربية بمنظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني، وبحدث آخر جرى في نفس السنة وهو اجتماع منظمة الطيران العربي في مراكش بحضور ممثل فلسطين.
كما تحدث أحمد البياز عن العوائق التي كان تعترض مشروع بناء مطار غزة وكيف كان يتم تجاوزها، مشيرا إلى أن المطار في نهاية المطاف هو مشروع مغربي بدعم من طرف المنظمة العالمية للطيران التابعة للأمم المتحدة، وأن نزول أول طائرة مغربية في المطار كان بتاريخ 17 يونيو 1996، رغم أن المطار حينها لم يدرج بعد ضمن خريطة المطارات.
يشار إلى أن كتاب “المغرب فلسطين” يقع في أزيد من 500 صفحة، والصادر باللغتين العربية والفرنسية، يتضمن العديد من الصور التاريخية التي تستحضر أحداثا رسمية وقعت في المغرب وفلسطين، وتشهد على العلاقة الوثيقة بين البلدين.
< محمد حجيوي