في إطار مناقشة الجزء الثاني من مشروع القانون المالي لسنة 2018 تقدمت المجموعة النيابية للتقدم والاشتراكية بمداخلة للنائبة سعاد الزيدي. كما تقدمت المجموعة، خلال المناقشة العامة للجزء الأول من مشروع قانون المالية لسنة 2018، بتدخل للنائب جمال كريمي بنشقرون، نعرض فيما يلي لنصيهما الكاملين. وقد حيت المداخلتان، عاليا، ما تحقق من مكتسبات على كافة الأصعدة والمستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والحقوقية، مع التشديد على التطلع إلى المضي قدما في مسار توطيد دعائم دولة القانون والمؤسسات والتفعيل السليم للدستور، بما يمكن عموم جماهير الشعب المغربي، وخاصة الفئات المستضعفة والفقيرة، من أن تنعم بالعيش الكريم في وطن حر وموحد تسوده العدالة الاجتماعية والمجالية، وقوامه المساواة والحرية والكرامة والديمقراطية والتقدم.
مداخلة النائبة سعاد الزيدي في إطار مناقشة الجزء الثاني من مشروع القانون المالي لسنة 2018
السيد الرئيس؛
السيدات والسادة الوزراء؛
السيدات والسادة النواب؛
يشرفني أن أتناول الكلمة باسم المجموعة النيابية للتقدم والاشتراكية في إطار مناقشة الجزء الثاني من مشروع قانون المالية لسنة 2018، وسنركز فقط على بعض المحاور التي نعتبرها أساسية ومهمة، انسجاما مع الحيز الزمني المخصص لمجموعتنا.
ولا يسعنا في البداية إلا أن نعتز بالإنجاز الكبير الذي قامت به بلادنا، والمتمثل في إطلاق القمر الصناعي محمد السادس، وهو إنجاز يدعو إلى المفخرة والاعتزاز بالانتماء لهذا الوطن الذي يسعنا جميعا.
هذا الانجاز الذي يصادف تخليد الذكرى الثانية والأربعين للمسيرة الخضراء الشعبية.
وهي مناسبة نحيي من خلالها قواتنا المسلحة الملكية المرابطة في الحدود وقوات الدرك الملكي وقوات الأمن الوطني والقوات المساعدة والوقاية المدنية وجميع الأجهزة الساهرة على حوزة تراب المملكة وأمنها داخليا وخارجيا.
ونحن نخلد هذه الذكرى الغالية، يتعين أن نستحضر أن قضية وحدتنا الترابية، لا تزال مستهدفة بالمناورات والمخططات والمواقف العدائية، والتي يجمع الشعب المغربي، بكل مكوناته، على أنها وحدة غير قابلة، بالمطلق، لأي مساومة أو مــزايدة أو تفريط.
السيد الرئيس؛
نحيي عاليا المجهودات الكبيرة والمستعجلة التي اتخذتها الحكومة، ومن خلالها كتابة الدولة الوصية، لمعالجة محدودية الموارد المائية في بعض المناطق من بلادنا، والتــي منها من تعاني من جفاف هيكلي. فواجبنا السياسي والأخلاقي يقضي بالمساهمة في تقديم الحلول المناسبة، وليس بتأجيج الأوضاع واستغلال المعاناة.
كما نسجل الخطوات والتراكمات الايجابية الحاصلة بقطاع الصحة، وهــــو من القطاعات الاجتماعية التي لها أهمية كبيرة، وتستوجب مواصلة الإصلاحات الجريئة والشجاعة، لضمان ولوج أوسع فئات مجتمعنا للخدمات الصحية، خاصة ونحن اليوم بحاجة ماسة إلى استكمال ورش التغطية الصحية الشاملة، وتحصين الانجاز الحاصل في مجال نظام المساعدة الطبية “راميد” بتأمين الولوج الفعلي إلى العلاجات، وتقليص التفاوتات المجالية، وتحسين ظروف الاستقبال في المؤسسات الصحية. إذ بالرغم من المجهودات المبذولة فهي غير كافية بالنظر لحجم الخصاص المتراكم منذ عقود من الزمن، لذلك يتعين الرفع التدريجي والمتزايد لميزانية هذا القطاع خلال السنوات المالية المقبلة. وهذه مسؤولية جماعية للحكومة.
كما نسجل بإيجابية الحركية التي عرفها قطاع السكنى والتعمير، إذ رغم الإكراهات التي تعوق أحيانا السير بنفس الوتيرة، والمرتبطة أساسا بصعوبات تدبير الالتقائية، نظرا لتعدد المتدخلين في القطاع، فإن النتائج التي حققها البرنامج الوطني “مدن بدون صفيح” تفوق كل التوقعات، علاوة على إعلان ما يزيد عن 58 مدينة “مدينة بدون صفيح”، وهذا دليل على التقدم الكبير في مسار اجتثاث الظاهرة في العديد من حواضرنا، وهو مسار صعب، نحيي الحكومة على مجهوداتها في هذا الإطار.
السيد الرئيس؛
من الأوراش المقبلة عليها بلادنا بقوة، ورش الجهوية المتقدمة. وهي مناسبة، نجدد من خلالها تأكيدنا التــــــــام، على الانخراط في إنجاح ورش التجربة الجهوية، مثمنين للمكتسبات والتراكمات، ومثيرين للنواقص والاختلالات.
وفي هذا الصدد، لا بد من تسجيل التأخر الحاصل في تفعيل الجهوية المتقدمة، المبنية على العدالة المجالية المنصفة، فالدولة اليوم مطلوب منها أن تتأقلم في تدخلاتها، مع المعطيات الجديدة للجهوية، وأن تقوم بمحاربة كل المعيقات التي حدت من البلورة الحقيقية لمبدأ اللاتمركز، والتي حالت دون تحقيق أي تقدم في هذا الاتجاه.
فورش الجهوية اليوم، قد وصل إلى مرحلة من النضج الكافي على مستوى التأطير القانوني والمؤسساتي والتمويلي، وكذا على مستوى النخب، الأمر الذي يتطلب المرور إلى السرعة القصوى، من أجل التجسيد الفعلي والناجع لهذا التحول التاريخي كما أكد على ذلك صاحب الجلالة الملك محمد السادس حفظه الله، في رسالته الموجهة للمشاركين في المنتدى البرلماني الثاني للجهات المنعقد بمجلس المستشارين.
وفي ما يخص الجانب الحقوقي والذي شكل عبر تاريخنا النضالي الطويل، قضية مركزية تحتل الصدارة ضمن انشغالاتنا
المتواصلة، و التزامنا الراسخ بعدالة هذه القضية، فإننا نتبنى مقاربة للحقوق، كمنظومة متكاملة من الحقوق والحريات، تهم الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية، وتهم جميع الفئات كالأطفال، النساء، المسنون، الشباب، ومغاربة ومغربيات العالم، و حقوق بعض الفئات في وضعية هشة، كالأشخاص في وضعية إعاقـــــــــــة الأمهات العازبات و أطفالهن و المعتقلين والمعتقـــــــــــلات و المهاجرين والمهاجرات.
وفي هذا الصدد، فالحكومة ملزمة اليوم بدعم قدرات النساء الاقتصادية، من خلال ولوجهن المتساوي والمنصف لسوق الشغل والتربية والولوج للخدمات الصحية والسكن والتجهيزات الاجتماعية الأساسية، وحمايتهن من كل أشكال العنف والتمييز الجنسي.
السيدات والسادة النواب؛
موضوع التشغيل من المواضيع التي تؤرق، على حد سواء، بال المسؤولين وبال المواطنات والمواطنين، خصوصا الشباب منهم، ونحن ندرك بأن قطاع الشغل والإدماج المهني يشرف على إعداد سياسات عمومية واستراتيجيات تهم التشغيل وليس من مهمته البحث عن مناصب الشغل.
وفي هذا الإطار، نؤكد على ضرورة تسطير إجراءات عملية لمواصلة إنجاز الإستراتيجية الوطنية للتشغيل وتفعيل الإستراتجية الوطنية للتكوين المهني، مع ربط الدعم العمومي والإعفاءات التحفيزية الموجه للاستثمار، بإحداث مناصب للشغل، وتشجيع التشغيل في الاقتصاد الاجتماعي والتضامني.
وبالمناسبة، فـــإننا في المجموعة النيابية للتقدم والاشتراكية، ومن مختلف المواقع، سواء كمكون فاعل ضمن
الأغلبية الحكومية، أو كحليف للحركة النقابية الجادة، فإننا من أشد الحريصين على أن يكون الحوار الاجتماعي مثمر وفعال، يمكن الشغيلة المغربية من أن تنعم بالكرامة والحرية والعدالة الاجتماعية، والقائمة أساسا على التوزيع العادل للخيرات وتنصف الفئات المهمشة والمحتاجة.
ولنا اليقين بأن الحكومة لن تدخر جهدا للنهوض بهذه القطاعات الحيوية والهامة، لما تتميز به من وطنية صادقة في النهوض بأوضاع وطننا العزيز، مما يجعلنا نعلن منذ الآن، أننا سنصوت بالإيجاب لصالح هذا المشروع.
****
مداخلة النائب جمال كريمي بنشقرون خلال المناقشة العامة للجزء الأول من مشروع قانون المالية لسنة 2018
السيد الرئيس؛
السيد الوزير؛
السيدات والسادة النواب؛
يشرفني أن أتناول الكلمة باسم المجموعة النيابية للتقدم والاشتراكية، في المناقشة العامة للجزء الأول من مشروع قانون المالية لسنة 2018، والذي نقاربه من منطلق وفائنا للمدرسة السياسية التي تنتمي إليها، وبحرصنا الشديد على الامتثال لما تستلزمه المصالح العليا للوطن والشعب، متشبعين في ذلك بقيم ومبادئ حزبنا القائمة على الروح الوطنية العالية، وعلى ضرورة التحلي بأقصى درجات النزاهة والصدق والأمانة، وبتشبث راسخ بالمؤسسات وبثوابت الأمة وفي احترام تام لمقتضيات الدستور وتقيد صارم بالقانون. وهو ما دأبنا عليه وسنواصل.
ومن منطلق التزامنا السياسي ضمن الأغلبية الحكومية الحالية، لا يمنعنا من إثارة الانتباه إلى بعض نواقصه في أفق تجاوزها، عبر التعاون بين السلطتين التشريعية والتنفيذية.
وهي مناسبة نؤكد من خلالها على يقيننا الصادق بأن ما تم إنجازه من طرف وزراءنا في القطاعات الحكومية سواء السابقة أو الحالية، قد تم بكل نزاهة وروح التضحية والمسؤولية العالية والتفاني ونكران للذات.
السيد الرئيس،
تعتبر لحظة مناقشة مشاريع قوانين المالية من اللحظات الديمقراطية التي يمارس فيها البرلمان سلطاته التشريعية والرقابية، فالميزانية العامة ليست مجرد أرقام ومعطيات إحصائية. وإنما تعبير عن توجهات سياسية واقتصادية واجتماعية، يجب أن نحرص من خلالها على الدفاع عن القضايا العادلة للمجتمع.
وانطلاقا من تحليلنا المستفيض للوضعية الاقتصادية والاجتماعية الراهنة في بلادنا، وعلى ضوء التطورات العميقة والمتسارعة في محيطنا الإقليمي والدولي الذي يختلف جزئيا عن السياق السياسي الذي أعد فيه قانون المالية لسنة 2017، فإننا نتطلع إلى أن يكون تنزيل قانون المالية لسنة 2018 محكا حقيقيا للحكومة من أجل الوفاء بالتزاماتها.
وفي السياق ذاته، يجب أن لا ننسى السياق الدولي الذي جاء فيه هذا المشروع، إذ علينا أن نأخذ بعين الاعتبار التوترات الجيوسياسية التي تحدث في محيطنا، وبصفة خاصة التطورات في منطقة الخليج والشرق الأوسط، وما قد يترتب عنها من انعكاسات، مما يفرض علينا مزيدا من اليقظة والانفتاح على فضاءات سياسية واقتصادية جديدة مثل روسيا والصين والهند، والتجذر أكثر في عمقنا الإفريقي، وخاصة التجمعات الاقتصادية الكبرى كالسيداو.
السيد الرئيس،
يأتي مشروع القانون المالي لسنة 2018 في سياق وطني يتسم باستمرار تنامي وعي المواطنات والمواطنين بحقوقهم، ولاحظنا كيف تفاعلت الكثير من الفئات الاجتماعية مع مضامينه، وحجم المرافعات التي واكبت إعداده ومناقشته في مجلس النواب من طرف كل الفاعلين الاقتصاديين والاجتماعيين والمهنيين.
وإذ نستحضر أهمية المجهود المالي المبذول في مشروع القانون المالي 2018 واهتمامه بدعم القطاعات الاجتماعية الأساسية كالتعليم العمومي، والصحة والتشغيل، وخاصة في صفوف الشباب، إلا أننا نعتبر ذلك غير كاف للاستجابة للتحديات التي تواجه بلادنا، خاصة في مجال التشغيل والتخفيف من حدة الفوارق الاجتماعية والتفاوتات المجالية المتزايدة.
ونعتقد أن المدخل الأساس لتجاوز هذا الوضع ينطلق من تقوية الحكامة الترابية عبر إنجاح ورش الجهوية المتقدمة، التي تشكل المخرج الناجع لتحقيق التنمية المنشودة، مع التأكيد على الاستمرار في الإصلاحات الكبرى المبنية على نموذج تنموي جديد يضمن الاندماج الاقتصادي حول أقطاب تنموية قوية.
وبموازاة مع ذلك، ندعو إلى استحضار النظرة الشمولية والالتقائية في تنفيذ مختلف السياسات القطاعية، وتسخير الجهود من أجل إيجاد التوافقات الضرورية لتحقيق مشروع مجتمعي تنموي لمغرب الغد، يعتمد كمدخل له على التعليم الذي لا يزال إصلاحه يراوح مكانه، كما نعتبر اعتماد التشغيل عبر التعاقد في هذا القطاع الحيوي أمرا سيزيد من تعميق أزمته. إذ رغم أهميته في إيجاد حلول مرحلية لإشكالية الخصاص، إلا أننا نتوجس من جدواه في ظل عدم الاستقرار الاجتماعي والنفسي للمتعاقدين، كما أنه سيرهن مستقبل البلاد، لأن الأمر يتعلق بالتعليم والتربية والتنشئة الاجتماعية لأجيال وطفلات وأطفال هم نساء ورجال الغد.
السيد الرئيس،
إننا في المجموعة النيابية للتقدم والاشتراكية، نقدر المجهودات المبذولة لجعل مشروع القانون المالي لسنة 2018 يحمل في طياته هذا النفس الاجتماعي الذي نراه اليوم، إذ يعبر عن إنصات الحكومة لنبض المجتمع، وتفاعلها وتجاوبها مع مختلف المطالب الاجتماعية، لاسيما تشغيل الشباب، المطروح بحدة لدى حاملي الشهادات، وإصلاح التعليم العمومي، وضمان حق الولوج السلس للخدمات الصحية، بشكل لا ينسينا مسؤولياتنا السياسية للنهوض بالقطاعات الإنتاجية وتنمية المقاولة.
كما نسجل أنه إلى حدود اليوم، لا تزال قوانين المالية تسير في اتجاه ما هو مسطر لها منذ ما يزيد عن 15 سنة، بمعنى أن هذه القوانين لم ترق بعد إلى قوانين مالية بنفس جديد وجريء، تضمن العدالة الاجتماعية والجبائية والمجالية.
فالمغرب إلى حدود اليوم، لم يتوفر بعد على خطة اقتصادية متكاملة، وإنما يعتمد فقط على تحديد أولويات، ومسؤوليتنا هي على الأقل ضمان بلورة وتفعيل هذه الأولويات.
وإذ ننوه بالتفاعل الايجابي للحكومة مع التعديلات التي تخص سحب الزيادة في الضريبة على القيمة المضافة على المحروقات وعلى وكلاء ووسطاء التأمين، فإننا في المقابل نتأسف على الزيادة التي تم إقرارها بخصوص واجب التمبر على جواز السفر الذي ارتفع من 300 إلى 500 درهم، وعدم الأخذ بتعديلين نعتبرهما جوهريين، يهم أولهما خلق شرائح جديدة للضريبة على الشركات بالنسبة للشركات التي تحقق أرباحا كبيرة (أكثر من 5 مليون درهم كأرباح صافية)، والتي أصبح اليوم من واجبها المساهمة في تمويل التكاليف العمومية، في حين يهم الثاني الرفع من تضريب المشروبات الغازية والعصائر الاصطناعية التي تسهلك بشكل مفرط لمادة السكر.
وفي المقابل، سجلنا استمرار تقديم المزيد من التنازلات كتدابير تحفيزية لدعم الدورة الاقتصادية. وندعو في هذا الصدد إلى القيام بتقييم موضوعي للأثر الفعلي لهذه الإعفاءات، ودراسة آثارها على القطاعات التي تستفيد منها للوقوف على مدى مساهمتها الفعلية ونجاعتها وقدرتها على خلق الثروة وتنشيط سوق الشغل، وتحسين المؤشرات الاجتماعية، والمساهمة في رفع تنافسية الاقتصاد الوطني.
ولتجاوز هذا الوضع، لابد من مباشرة الإصلاح الضريبي كمدخل لتحقيق العدالة الاجتماعية، وإقرار تحفيزات ضريبية لفائدة الطبقة المتوسطة، وإعادة النظر في مقاييس إخضاع معاشات المتقاعدين للضريبة على الدخل، وهي مناسبة نلتمس فيها من الحكومة إعادة النظر في سقف الضريبة العامة على الدخل، في ظل جمود الأجور، وآثارها على القدرة الشرائية للمواطنين، مع مواصلة المجهود المالي بنفس جريء وقوي لتسريع ورش الجهوية المتقدمة ومواكبتها بوضع ميثاق اللاتركيز، وبذل المزيد من المجهودات لتحفيز القطاعات الانتاجية وخاصة التصنيع، لتحقيق تموقع جيد للمغرب ضمن الاقتصاديات الصاعدة، وتوسيع نطاق استفادة المقاولة المتوسطة والصغرى والصغرى جدا .
السيد الرئيس،
ونحن بصدد مناقشة ميزانية سنة 2018، هناك قضايا كبرى تجعل المغرب موضع مساءلة جدية، ولعل آخرها كما ورد في الخطب الملكية الأخيرة، مدى جدوى ونجاعة النموذج التنموي الذي ينهجه المغرب منذ نحو عقدين، وفي هذا الصدد، لابد، أولا، من تسجيل واقع أن المغرب حقق الكثير من المنجزات، في مجالات عديدة، بفضل تلاحم القوى الوطنية والمؤسسة الملكية، خاصة منذ تجربة التناوب التوافقي ثم قيام العهد الجديد على مستويات دمقرطة البلاد، حقوق الإنسان، حقوق المرأة، الانصاف والمصالحة، وصولا إلى دستور 2011 ذي المضامين المتقدمة، ومنجزات اقتصادية ضخمة، خاصة على مستوى البنيات التحتية والمنشآت الكبرى وخطوات جبارة على الصعيد الاجتماعي وإجراءات ذات بعد قيمي وثقافي مهمة جدا، ومن بينها الاعتراف بالأمازيغية لغة رسمية للبلاد إلى جانب العربية، فضلا عن تحقيق نجاحات متتالية في الدفاع عن قضية وحدتنا الترابية، وتعزيز مكانة المغرب أكثر فأكثر على الصعيد الدولي، عموما، وفي القارة الافريقية على وجه الخصوص.
إن ما تحقق من مكتسبات على كافة الاصعدة والمستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والحقوقية، والتي يحق لنا أن نعتز بنصيبنا الوافر في ترصيدها، يجعلنا نتطلع إلى المضي قدما في مسار توطيد دعائم دولة القانون والمؤسسات والتفعيل السليم للدستور، بما يمكن عموم جماهير شعبنا، وخاصة الفئات المستضعفة والفقيرة، من أن تنعم بالعيش الكريم في وطن حر وموحد تسوده العدالة الاجتماعية والمجالية، وقوامه المساواة والحرية والكرامة والديمقراطية والتقدم.
وفي هذا الاتجاه، نلتقي مع جلالة الملك في خطابه، الداعي إلى ضرورة صياغة نموذج تنموي جديد، ذلكم أنه بدأنا نسجل في السنوات الأخيرة تراجعات وتعثرات، لم نكن لنرتاح لها، ولذلك نبهنا إليها، سواء منها تلك المرتبطة بالبناء الديمقراطي ودور الأحزاب السياسية، وما يتصل باحترام استقلاليتها أو تلك المرتبطة بنظام الحكامة والشفافية المطلقة في تسيير قضايا المواطنات والمواطنين أو على المستوى السياسي والاقتصادي فيما يهم مقومات دولة الحق والقانون.
كما أن قدرة النموذج الاقتصادي في تنمية البلاد باتت محدودة، فيما ظهرت، رغم الجهود المبذولة، نقائص صارخة على مستوى نظامنا التربوي وتطوير وتأهيل رأسمالنا البشري وعلى صعيد العدالة الاجتماعية والعدالة المجالية.
تلكم السيد الرئيس أهم ملاحظاتنا ومواقفنا، التي أبديناها في حدود الحيز الزمني المخصص لنا.
شكرا لكم على حسن الإنصات.
والسلام عليكم ورحمة الله.
مجلس النواب: محمد بن اسعيد