مسؤوليتنا كمواطنين

في أكثر من مرة كتبنا هنا، وكتب غيرنا، أن تقوية المشاركة الشعبية تبقى من أهم رهانات الاستحقاقات الانتخابية المقبلة، أي جعل المواطنات والمواطنين يقبلون بكثافة على التسجيل في اللوائح الانتخابية، وعلى الذهاب يوم الاقتراع إلى مكاتب التصويت، فضلا على أهمية أن يساهموا في محاربة الفساد الانتخابي، ومواجهة تجار الانتخابات والعمل على فضحهم…
إن المشاركة في القرار، بالتصويت وباختيار المرشح وبالترشح أيضا، تعتبر حقا ثابتا للمواطنة والمواطن بموجب القوانين الوطنية، وبموجب المواثيق الدولية لحقوق الإنسان، ومن ثم، فإن الإقبال على المشاركة في الانتخابات بقوة ووعي، هو إصرار على ممارسة حق شرعي، ولا يجوز التفريط فيه.
من جهة ثانية، إن المؤسسات التي ستنبثق عن الانتخابات المقبلة سترهن مصير البلاد والعباد لسنوات، ولذلك لا بد للمغاربة أن يقبلوا على المساهمة في اختيار من سيتولى تدبير أمرهم السياسي والتنموي، خصوصا أن الإحجام عن ممارسة هذا الحق سيوفر الفرصة للمفسدين كي يخرجوا حشودهم المشتراة بالمال وبالوعود لـ «ينوبوا» عن المقاطعين والعازفين، ويرمون على وجوهنا بالأسماء نفسها، وبالسياسات والتيارات ذاتها، وبذلك سنكون كلنا قد أضعنا الفرصة، ووجهنا بلادنا وشعبنا نحو المجهول.
إن مسؤولية الناخبات والناخبين تبدأ من الآن، أي من الحرص على التسجيل في اللوائح الانتخابية، ثم تتواصل بمحاربة الفساد والتعبئة في الميدان لمواجهة أباطرة شراء الأصوات وفضحهم والتشنيع بهم، وهناك أيضا الإقبال على مكاتب التصويت يوم الاقتراع وعدم ترك المكان فارغا يملأه الفاسدون، وداخل المعزل يتم تحكيم الضمير وحده والتفكير في مصير البلاد، واختيار الأفضل والأكثر نزاهة ومصداقية وتجربة وكفاءة، والتصويت لبرامج الأحزاب الجدية والحقيقية والمناضلة.
إن الإحجام عن هذا الدور المواطن اليوم، أو تبني خيار العزوف أو المقاطعة لن ينفع شعبنا، ولن يطور ديناميته النضالية ضد الفساد والمفسدين، بل سيقوي لوبي النهب والريع والفساد، ولهذا، فإن المشاركة الشعبية المكثفة في كل مراحل المسلسل الانتخابي هي الجواب، وهي خيار المرحلة.
لقد شاركت القوى الديمقراطية والتقدمية في معارك انتخابية جرت ضمن مقتضيات قانونية وسياسية لا علاقة لها نهائيا بما يحدث اليوم، واعتبر مناضلوها ذلك واجهة نضالية، ومعركة لا بد أن تخاض، وبالتالي فإن رفع شعار المقاطعة أو عدم الاهتمام اليوم، بغض النظر عن كل ما يمكن أن يوجه للنصوص القانونية من ملاحظات، سيعتبر خدمة وهدية بالمجان تقدم لسماسرة الانتخابات وأباطرة الفساد، ولن تنفع شعبنا في شيء.
كلنا، كمواطنات ومواطنين، ملزمون اليوم بالتحلي بقدر كبير من الوعي والانتباه والنضج لحماية أفقنا الديمقراطي الحداثي، ولتمتين التعبئة واليقظة ضد المفسدين، ولجعل بلادنا تكسب رهان الانتخابات القادمة.

Top