مصطفى المسناوي.. وداعا

كان له دور فاعل في تفعيل الحركة الثقافية ببلادنا على عدة واجهات
يعد الناقد السينمائي والكاتب القصصي مصطفى المسناوي الذي وافته المنية أمس بالقاهرة حيث كان يواكب فعاليات مهرجان سينمائي دولي، من بين الأسماء الفاعلة والنشيطة في الثقافة المغربية. كان له دور فاعل في تفعيل الحركة الثقافية ببلادنا على عدة واجهات؛ فإلى جانب كونه من بين الكتاب الذين ساهموا في تحديث القصة القصيرة المغربية من خلال مجموعته الرائدة “طارق الذي لم يفتح الأندلس”، وبالرغم من أنه يعد مقلا في الإبداع القصصي، غير أن قيمة هذه المجموعة جعلته يتبوأ مكانة رمزية أساسية في عالم السرد. ولا شك أن مرد هذا الإقلال في الإنتاج القصصي، لا يعود إلى ضيق أفقه الإبداعي، بل إلى تعدد اهتماماته الثقافية والفنية.
ومن بين المجالات التي كان له إسهام كبير فيها، لا بد من ذكر النقد السينمائي، حيث تميز بقراءاته التحليلية والعميقة للفيلموغرافية المغربية والعالمية على حد سواء، مستندا إلى أدوات النقد السينمائي، متجاوزا بذلك القراءات الانطباعية السطحية التي ظلت طاغية على كتابات العديد من النقاد المنصبة على الإنتاج السينمائي، ولا شك أن ما ساعده على بلوغه هذه المرتبة من النقد السينمائي، ثقافته الموسوعية ودراسته الأكاديمية الرفيعة.  
انخراطه البارز في تفعيل الحركة الثقافية ببلادنا، يتجلى كذلك في المشاركة في إدارة مجلة “الثقافة الجديدة”، التي لعبت دورا أساسيا في تحديث الإبداع والفكر المغربي، قبل أن يتم مصادراتها خلال الثمانينات من القرن العشرين.
كما أدار بنفسه بعد ذلك، مجلة “بيت الحكمة” المتخصصة في الفكر الفلسفي، وهي بذلك تعد رائدة في مجالها، فضلا عن إدارته لجريدة “الجامعة” المتخصصة في نشر المواد التي كان يتم تدريسها في التعليم الثانوي.
وكان للمرحوم نشاط متميز كذلك في حقل الترجمة، حيث نقل إلى اللغة العربية لأول مرة إنتاجات فكرية لأسماء وازنة في علم الاجتماع والفلسفة، من قبيل لوسيان غولدمان وغيره.
وفي السنوات الأخيرة، كرس جزء كبيرا من وقته لتأليف سيناريوهات مجموعة من السيتكومات التي عرضتها التلفزة المغربية، من قبيل “سر حتى تجي” وغيره، وقد حظيت بتجاوب قطاع واسع من المشاهدين، بالنظر إلى جدتها في معالجة القضايا الاجتماعية في قالب فكاهي بعيد عن الابتذال السائد.
وشكلت وفاته صدمة قوية لدى أصدقائه وقرائه ومتتبعيه، وهناك من لم يستطع تصديق الخبر، اعتبارا لرحيله المبكر، انعكس ذلك في التدوينات التي وضعها هؤلاء على مختلف مواقع التواصل الاجتماعي، منذ اللحظات الأولى لانتشار الخبر المفجع، حيث تم اعتبار هذا الرحيل بمثابة جرح غائر وخسارة أدبية فادحة لمشهدنا الأدب والفني..
ونحن بدورنا في هيئة تحرير بيان اليوم نتقدم بتعازينا الحارة لسائر أفراد أسرته وللأسرة الثقافية المغربية، راجين من الله تعالى أن  يتغمد الفقيد بواسع رحمته وأن يدخله فسيح جنانه وأن يلهم ذويه جميل الصبر والسلوان.
إنا لله وإنا إليه راجعون.

*

*

Top