تجتهد مجموعة من الجمعيات والنوادي؛ بدعم من بعض القطاعات الحكومية أساسا، في ترسيخ التربية على القراءة، عبر عدة مبادرات مختلفة، وكلما حل فصل الصيف، تتكاثف جهود هذه المنظمات في تطبيق برنامجها الذي يقوم على أساس تربوي محض.
وتعد أماكن الاصطياف خلال هذا الفصل بالذات، فرصة سانحة، على اعتبار أن معظم مرتاديها من الأطفال واليافعين، وهي الفئة المستهدفة أكثر من غيرها لتكريس تقاليد الإقبال على القراءة، سيما وأنهم في هذه الفترة ينعمون بعطلتهم السنوية الطويلة والمديدة، حيث يجدون أنفسهم أمام فراغ الوقت من أي اهتمامات عدا اللهو والعبث بصيرورة الزمن، وعلى حد تعبير أحد الشعراء:
“إن الشباب والفراغ والجدة.. مفسدة للمرء أي مفسدة”.
ومن النادر أن نجد بينهم من يقوم من تلقاء نفسه بشغل وقته بالقراءة، سواء كان مصطافا أو غير مصطاف، ومن هنا يبرز دور منظمات المجتمع المدني في خلق مناخ ملائم لممارسة هواية القراءة بالنسبة لهؤلاء الأطفال واليافعين.
هناك عدة طرق وأساليب لتطبيق البرنامج الذي يروم التربية على القراءة، ولعل أبرزها -وهو ما بتنا نلاحظ انتشاره في العديد من مدننا- لحسن الحظ، إنشاء مكتبات متنقلة على الشواطئ، ووضعها في متناول المصطافين دون قيد ولا شرط.
تضم هذه المكتبات، الكتب الورقية الموجهة لمختلف الأعمار وفي مجالات معرفية وإبداعية مختلفة، مما يعني أن القارئ لا بد أن يجد ضالته هناك، غير أن الإشكال الذي يطرح بهذا الخصوص، هو أن العديد من المصطافين يجدون صعوبة في توزيع وقتهم بين القراءة واللهو، إنهم لا يعرفون كيف يستثمرون وقتهم، خاصة بالنسبة لأولئك الذين يضعون في اعتبارهم أن القراءة تقترن بالضرورة بالتحصيل الدراسي الذي يتطلب الكد والاجتهاد ومزيد من التعب، بمعنى آخر أن القراءة شيء متعب ومرهق بالنسبة لهم، وهم يعتقدون أنهم تخلصوا من هذا التعب بمجرد انتهاء الموسم الدراسي، وحاليا هم في عطلة وفي مكان خاص بالاصطياف فوق ذلك، وبالتالي ليس هناك مجال لإرهاق الذهن بقراءة أي كتاب، حتى لو كان هذا الكتاب لا صلة له بالمقرر الدراسي.
ومن بين التحديات كذلك التي باتت مطروحة والتي من شأنها صرف هؤلاء عن الإقبال على قراءة الكتب الورقية، ذلك الميل الشديد نحو كل ما هو إلكتروني، وخاصة ما يكون على شكل صور أو فيديوهات، بالنظر إلى سهولة تلقيها، كما أن مواقع التواصل الاجتماعي صارت تسرق من حياتهم المزيد من الوقت، وأحيانا يكون ذلك حتى على حساب نومهم.
مع ذلك، يمكن أن نعلق أملا على المبادرات الآنفة الذكر التي يقوم بها المجتمع المدني، والتي لا شك أنها ستعطي ثمارها، سيما وأنها تستهدف فئة معينة من القراء: الأطفال واليافعون.
عبد العالي بركات