ستعيش مدينة الدار البيضاء إلى غاية الرابع والعشرين من الشهر الجاري على إيقاعات موسيقية غنية ومتنوعة من خلال العروض الموسيقية والفنية التي يقترحها مهرجان الدار البيضاء لموسيقى الجاز (جازابلانكا) في دورته الحادية عشرة ضمن طبق من الموسيقى العالمية تحفل بمختلف الألوان المتفرعة عن هذا الفن الموسيقي.
فبعد احتفاله السنة الماضية بالذكرى العاشرة لميلاده، يعود المهرجان هذه السنة بحلة جديدة كاشفا عن هوية مغايرة لما اعتاد عليه الجمهور في الدورات السالفة، وبنفس تقاربي مبتكر، يهدف إلى إمتاع عشاق هذه الموسيقى بآخر الإصدارات الغنائية والألبومات التي تعود لنجوم بصموا الساحة الموسيقية العالمية، ونجحوا في أن يجعلوا من هذا اللون الموسيقي لوحة حقيقية تجمع بين الفرجة والمتعة المطلقة.
وقد استطاعت هذه التظاهرة الفنية أن تخط مسارا متميزا عن غيرها من التظاهرات المماثلة، وأن تكتسي مزيدا من الإشعاع مع توالي السنوات، مانحة العاصمة الاقتصادية للمملكة فرصة متفردة لفرجة بلا حدود عبر إهدائها لحظات متعة موسيقية غير مسبوقة، بحضور أسماء من طينة ماركوس ميلر، وكيزياه جونز، وباتي سميث، وإبراهيم معلوف، وميلودي غاردوت.
وعلى مدى عشر دورات، لم يكن الرهان فقط على الموسيقى كفرجة، بل كثقافة وتكوين، ومشترك إنساني، يمكن الجمهور من مشاهدة نجومهم المفضلين واللقاء معهم، وتعميق التواصل مع عشاق موسيقى الجاز بمختلف تلويناتها وتعبيراتها، ما أتاح للمهرجان أن يكتسب زخما استثنائيا بفضل جودة العروض الفنية وتنوعها، وبفضل العدد الهائل للجمهور الحاضر والتغطية الإعلامية الواسعة.
غير أن المهرجان هذه السنة، وبعد أن أصبحت شركة التنمية المحلية للدار البيضاء “كازا التنشيط”، التي تتولى مسؤولية التنشيط الثقافي والرياضي للمدينة والنهوض بصورتها على المستويين المحلي والدولي شريكا أساسيا في التنظيم، أخذ بعدا مختلفا يتجه نحو تحقيق المزيد من الإشعاع الدولي من خلال برنامج غني واحتفالي يمتد على أكثر من سبعة أيام.
وضمن هذه الاحتفالية الفنية، التي انطلقت مساء يوم السبت الماضي بحفل غير مسبوق للفنانة الأمريكية ميسي غراي، المعروفة من خلال ألبومها الأول “أون هو لايف إيز” الذي يعود لسنة 1999، والتي توجت في 2001 بجائزة “غرامي أوارد” لأفضل أداء صوتي بوب عن أغنيتها “أي تراي”.
ويقترح المهرجان على عشاقه في دورة هذه السنة باقة من العروض الموسيقية وورشات خاصة بالأطفال وحفلات في الهواء الطلق ومسابقات للموسيقيين الشباب، قدمت ضمنها الفنانة المغربية هندي زهرة أول ألبوم لها أمس الاثنين، والذي باعت منه أكثر من 135 ألف نسخة، منها 75 ألف بفرنسا، وقبلها عرض مميز يوم الأحد الماضي للموسيقي الكاميروني ريتشارد بونا الذي قدم لجمهوره طبقا نهل فيه من جذور الموسيقي الكاميرونية الأصيلة، مستندا إلى مساره الكبير إلى جانب أسماء لها صيتها مثل ديديي لوكوود ومانو ديبانغو وجوي زاوينيل وجورج بينسون وبات ماثني.
ومن أبرز الأسماء التي ستؤثث فضاءات المهرجان هذه السنة الأمريكية ميلودي غرادو، التي سبق أن استضافها المهرجان في 2013، والتي ستكون على موعد مع عشاق موسيقى الجاز لتقديم ألبومها الجديد “كيورونسي أوف مان” الذي تسترجع فيه سنوات الستينات والسبعينات، التي طبعت بموسيقى “السول” و”الفانك”، إلى جانب الفنان العالمي غوران بريغوفيتش، والمغني البريطاني جيمي كولوم، المشهور في عالم موسيقى الجاز والحاصل على جوائز (غولدن غلوب)، والذي تجاوزت مبيعات ألبومه 10 ملايين في جميع أنحاء العالم.
كما سيفتح المهرجان أبوابه لمواهب مغربية شابة استطاعت أن تخط لنفسها مسيرة فنية ناجحة، ومنها نادية الصديقي وعادل الكغاط وفاتي ومجموعة من الفرق الموسيقية الشابة، رغبة منه في تمكين هؤلاء الفنانين الشباب من الاستفادة من خبرة وتجربة نجوم سبقوهم إلى هذا الميدان من خلال عروض مشتركة ولقاءات مباشرة.
فببرنامج منوع، وبفضاءات توزعت عبر جغرافيا المدينة، يكون هذا المهرجان، الذي يعتبر من أهم التظاهرات الفنية التي تحتفي بموسيقى الجاز على مستوى القارة، قد ربح الرهان في أن يكسر من رتابة الواقع اليومي للعاصمة الاقتصادية للمملكة، وأن ينتقل بساكنتها إلى عوالم رحبة تعكس ثقافات إنسانية متعددة المشارب، لها عمقها وأصالتها، ويفتح أمامها نافذة للإبحار في عوالم من الموسيقى الرحبة، والسفر لاكتشاف المشترك الإنساني في لغة الفن والإبداع، علها تستكفي حاجتها إلى متسع يمكنها من الاستمتاع بجديد الموسيقى العالمية، وإلى فرصة لالتقاط الأنفاس بحاضرة تعيش بإيقاع نادرا ما يجود بلحظات للمتعة والاسترخاء.
مهرجان «جازبلانكا» يخط مسارا متميزا يراهن على العالمية
الوسوم