موظفون روس وأمريكيون يرتبون تفاصيل تنحية الأسد

اعتبر متابعون للشأن السوري أن مصير الرئيس بشار الأسد قد حسم بين المسؤولين الأميركيين والروس، وأن تفاصيل تنفيذ القرار من حيث التوقيت وتوفير الشروط الضرورية قد تركت إلى المدراء التنفيذيين.
وحسمت زيارة وزير الخارجية الأميركي جون كيري الخميس إلى موسكو، ولقاؤه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ونظيره سيرجي لافروف مسألة الانتقال السياسي، لكنها تركت لغز الأسد معلقا.
وفيما اكتفى الكرملين بالقول إنه نجح في إقناع الأميركيين بتأجيل حسم مصير الأسد في الفترة الحالية، إلا أن مؤشرات كثيرة تقول إن رحيل الأسد هو جزء أساسي في صفقة الانتقال السياسي، وإن الأمر موكول إلى عامل الوقت وإلى ترتيبات سرية بين المسؤولين التنفيذيين الروس ونظرائهم الأميركيين.
ونقلت وكالة الإعلام الروسية عن السفارة الأميركية في موسكو قولها أول أمس الاثنين إن مدير وكالة المخابرات المركزية الأميركية جون برينان أثار مسألة رحيل الأسد عن السلطة أثناء زيارته لموسكو مطلع الشهر.
لكن وكالة أنترفاكس نقلت عن أوليج سيرومولوتوف نائب وزير الخارجية الروسي قوله إن برينان عقد اجتماعات في مقر جهاز الأمن الاتحادي الروسي وغيره وإن زيارته لا علاقة لها بقرار موسكو بدء سحب قوتها من سوريا.
وكشف مصدر في المعارضة السورية أن زيارة رئيس الاستخبارات الأميركية إلى موسكو جاءت بعد زيارة قام بها وفد من “سي إي إيه” إلى موسكو في الأسبوع الأول لشهر مارس تمهيدا لزيارة كيري وبرينان.
وشهدت زيارة الوفد الاستخباراتي الأميركي مباحثات حول مستقبل الأسد ومرحلة ما بعد انتهاء التفاوض بين وفد الحكومة والمعارضة في جنيف.
وقال المصدر إن نائب وزير الخارجية المبعوث الخاص للرئيس الروسي لشؤون الشرق الأوسط، ميخائيل بوغدانوف يتواصل بشكل مكثف مع الهيئة العليا للتفاوض التابعة للمعارضة السورية.
وأضاف أن لقاء محتملا سيجمع الجانبين قريبا في إحدى العواصم الخليجية أو في القاهرة، بينما تم الحديث عن دعوة وفد ممثل عن هيئة التفاوض إلى موسكو.
ومنذ إعلان روسيا سحب الجزء الأكبر من قواتها في سوريا، تشهد تصريحات المعارضة وموسكو تجاه بعضهما البعض “هدنة ضمنية” تمهد الطريق لتعزيز التفاهمات التي وصلت على ما يبدو إلى مستويات متقدمة حول مصير الأسد.
ويربط المتابعون هذا التغير في العلاقة بين موسكو ومعارضة مؤتمر الرياض إلى جهود وساطة قامت بها شخصيات خليجية مؤثرة وتمتلك علاقات قوية مع روسيا.
وكان نائب وزير الخارجية الروسي سيرجي ريابكوف قال الجمعة إن واشنطن تفهمت موقف موسكو بأنه ينبغي عدم مناقشة مستقبل الأسد في الوقت الراهن.
ونقلت أنترفاكس عن ريابكوف قوله تعليقا على نتائج زيارة جون كيري لروسيا “إلى حد بعيد.. العملية السياسية الحالية أصبحت ممكنة لأن موسكو وجدت تفهما في واشنطن- على المدى البعيد- لموقفنا الأساسي بأنه ينبغي ألا تطرح قضية مستقبل الرئيس السوري على جدول الأعمال (بالمفاوضات) في المرحلة الحالية”.
وقال محللون إن روسيا لا تريد أن تبدو بمظهر من يتخلى عن حليفه بسبب ضغوط خارجية خاصة من تركيا والسعودية والمعارضة المدعومة منهما، ولذلك تدفع بأن يكون رحيل الأسد في مرحلة متأخرة من مفاوضات الحل السياسي، وأن يكون ذلك من بوابة الانتخابات التي يكون فيها الحسم للشعب السوري وليس للإملاءات الخارجية.
وليس هناك شك في أن أي انتخابات بمراقبة خارجية وفي أجواء من الشفافية ستدفع السوريين إلى اختيار بديل للأسد الذي يتحمل بشكل مباشر مخلفات الأزمة السورية التي خرج بها من دائرة الاحتجاجات المطالبة بالحرية وكسر المنظومة الطائفية التي تحتكر السلطة إلى حرب أهلية ذهب ضحيتها أكثر من 250 ألف قتيل.
وسبق أن أشار مسؤولون روس إلى أن موسكو لا تتمسك بالأسد، وأنها تريد أن يتم الانتقال السياسي (ويشمل تحديد مصير الأسد) بعد أن تتم مواجهة التنظيمات الإسلامية المتشددة وعلى رأسها داعش والنصرة، وهو موقف يلقى تفهما ودعما من عدة دول وخاصة دول الخليج ومصر.
وأشار المحللون إلى أنه لو كانت موسكو متمسكة بالأسد لما احتجت على تصريحات وزير خارجيته وليد المعلم أياما قليلة قبل بدء جلسات جنيف الأخيرة بين وفدي المعارضة والنظام.
ولفتت تسريبات مختلفة إلى أن الانسحاب الروسي كان خطوة أحادية الجانب بعد تصريحات المعلم التي اعتبر فيها الأسد خطا أحمر، وهو ما اعتبره الروس تحديا لهم بالدرجة الأولى.
ومثل الانسحاب فرصة للضغط على الأسد والشخصيات التي تتحدث باسم النظام للكف عن التصريحات التي تعرقل الانتقال السياسي مع الإيهام بالاحتماء بالمظلة الروسية.

Related posts

Top