أسدل مساء يوم السبت 30 أبريل 2016، الستار على فعاليات “ملتقى أحمد بوزفور الوطني للقصة القصيرة” بزاكورة، الذي صار تقليدا سنويا دأب “نادي الهامش القصصي” على تنظيمه، وتوزعت فقراته بين القراءات القصصية والندوات والورشات الإبداعية والتحسيسية للناشئة، وقد تميزت الدورة بتكريم الكاتبة المغربية لطيفة لبصير.
تم افتتاح الدورة الخامسة عشر مساء يوم الخميس 28 أبريل 2016، بكلمة المنظمين والداعمين، قبل أن يعلن عن أسماء الفائزين بجائزة مليكة نجيب في القصة القصيرة لفائدة الناشئة (زين كابر، عبد المولى الحادي، سكينة الخومني، مريم وتيفراتين، زهيرة عماري، زهراء أوزهراء، سناء سويمري) وتتويجهم بجوائز رمزية تشجيعا لهم على القراءة والإبداع. كما تم تكريم مجموعة من نساء ورجال التعليم: (عبد اللطيف الأنصاري، مبارك حروشي، أمينة الناجي، عد المجيد يماد، سعيد أولهري، والأستاذة المتدربة لمياء الزتيكي)، واختتم حفل الافتتاح بشهادات في حق القاصة المغربية لطيفة لبصير من طرف الأساتذة: سعيد منتسب، فاطمة الزهراء الرغيوي، منى وفيق، فدوى الزياني (نادي الهامش القصصي)، وقد تخلل الحفل فقرات فنية من التراث المحلي ووصلات غنائية من أداء فرقة الفينيق للإبداع الفني والموسيقي.
ولأن الملتقى ارتبط بجنس القصة، فقد ارتأى منظموه أن تكون ندوته المركزية في موضوع “القصة المغربية بين الحساسيات والأجيال”، وفي هذا الإطار تحدث الأستاذ نجيب العوفي في ورقته التي عنونها بـ “القصة المغربية أجيال وحساسيات” عن مفهوم مصطلح الجيل حدوده وأبعاده، مشيرا إلى بعض الباحثين الذين رفضوا هذا المصطلح باعتبار أن الإبداع لا يعترف بالزمن الكرونولوجي، كما تحدث عن أهم المحطات التي عرفتها القصة القصيرة بدءً بمرحلة التأسيس والريادة مرورا بمرحلة التجنيس والتحديث وصولا إلى مرحلة التجريب والتجديد، مؤكدا على أن لكل مرحلة بصمتها وروادها. وفي ورقة بعنوان: “السجال الثقافي حول القصة القصيرة بالمغرب” تساءل الأستاذ عبد الرزاق المصباحي في مدخلها إن كان لدينا سجال ثقافي مؤسس حول القصة بالمغرب؟ مشيرا إلى خصوصية كُتاب القصة في المغرب والتعايش بين الأجيال والحساسيات نظرا لغياب فكرة الأبوة والوصاية في هذا المجال، مستشهدا بالقاص أحمد بوزفور ومساهمته في تشجيع الإبداعات الشابة، كما تحدث عن تجربة الكولزيوم التي ضمت ثلة من الأصوات القصصية إلا أنهم لم يقدموا أي جديد في هذا المجال، مختتما ورقته بأنه لا يمكننا الحديث عن تعاقب الأجيال لأن التجريب كان عندنا منذ زمن وليس جديد.
في حين تحدث الأستاذ أحمد بلاطي عن الكتاب العابرون للأجيال والحساسيات مثل أحمد بوزفور، عبد الرحيم مؤدن، إبراهيم بوعلو وغيرهم من رواد القصة، مؤكدا على رفضه لمصطلح الجيل لأنه من الصعب أن يتحقق لأنه يفتقد للمنهجية المجالية وهذا ليس له أي معنى نقدي يمكن أن يعتد بصوته، كما تحدث عن مفهوم الحساسية وأن من حق كل كاتب أن يعبر بصوته الخاص، داخل الحقبة الزمنية التي يوجد بها، كما قسم الحساسية إلى تقليدية وجديدة مستشهدا بنماذج قصصية لعبد الرحيم مؤدن الذي تمكن من تحقيق تواصل دائم مع تعاقب الأجيال. كما شارك الأستاذ إبراهيم ديب بقراءة في المجموعة القصصية “في القلب جرح” للقاص محمد الحفيضي، باعتبارها نموذج لموضوع الندوة، والتي تتميز بالنهل من الأسطورة والخرافة مع تسليط الضوء على بعض النماذج من قصص المجموعة حيث تغلب عليها السيرة الذاتية، الجنون، والهلوسات، الأنترنيت والرقميات والشعر، خاصة وأن أغلبية القصص مفعمة بمشاكل الحياة وتعدادها إلى حد الغرابة، ثم تطرق إلى اللغة والأسلوب الإبداعي والتيمات التي تناولتها المجموعة.
وقد استهل الأستاذ أحمد بوزفور ـ ناب عنه الأستاذ محمد آيت حنا ـ ورقته بالحديث عن التصنيفات وبكونها بيولوجية وليست نقدية، خاصة وأننا نجد بعض الكتاب أقرب للجيل السابق من اللاحق. وأنه من الضروري تصنيف النصوص حسب الرؤى والأساليب وليس تصنيف الكاتب، ثم تطرق للحديث عن الكاتب الذي يكتب بحذر وشيك، قبل أن يضع مقارنة بين الكاتب اليومي الذي يكتب يوميا وينشر على الفايس بوك لكن نصوصه سريعة الذوبان والكاتب الحولي/ المحنك الذي لا ينشر إلا بعد زمن، وتكون نصوصه أكثر عمقا وتريثا وأحفل تنوعا، كما تحدث عن ثنائية الداخل (الكاتب الذي يبوح ويعبر عن الذات) والخارج (الكاتب الذي يصور ويكتب عن الشارع والواقع الخارجي)، وثنائية الكاتب العمودي الذي يعتمد لغة جاهزة ومعجم عام للتواصل والاستعمال اليومي، والكاتب الأفقي الذي يشتغل على اللغة ويستخدم معجما خاصا به وليس العبارات العامة المستعملة.
واحتفاء بالقاصة المغربية لطيفة لبصير نظم “نادي الهامش القصصي” ندوة حول منجزها السردي صبيحة يوم السبت 30 أبريل 2016 شارك فيها الأستاذ حسن إغلان بورقة عنونها بـ “اشتهاءات امرأة غير عادية”، حيث تحدث الترابط بين نصوص المجموعة القصصية “عناق” من حيث الموضوعات المتناولة وكأننا أمام نص واحد، موضوعات تعيشها فيها امرأة مع أخراها، لكنها مختلفة من حيث المكان والزمان. وفي السياق نفسه، ركز الأستاذ عبد الرحمان تمارة في ورقته على المجموعة القصصية “رغبة فقط”، من خلال محورين: 1- الرغبات القصصية/ قهر الطموح حيث تبدو الذات منهزمة ويصير المقهور ينفعل في قهر ذاتي ومواقف يجتمعان لمحاسبة الذات، ويتقوى طموحه في تجاوز بيئة كبوسية، تؤجل تحقق الأحلام فتكبر الرغبة في الانفصال، 2- الرغبات القصصية/ الخضوع الظاهر، ركز فيها على حضور الجسد في مجموعة “رغبة فقط” باعتباره انفصال عن الذات، مشيرا إلى الضعف الأنثوي مقابل سطوة الذكورة، وقوة المرأة مقابل الفحولة الذكورية. واختتم ورقته بكون المجموعة تقدم تصورات ثقافية عن ذوات متعددة وطامحة إلى التحرر. وتناول الأستاذ إبراهيم أولحيان في ورقة عنونها بـ “فضاءات الهشاشة من خلال مجموعة “عناق””، تعدد المواقف المختلفة من خلال العوالم التخييلية، مشيرا إلى أن المجموعة تحمل في نصوصها قضايا مجتمعية وانسانية تمزج بين الأحلام والأوهام والواقع والخيال وانخراط الانسان في حداثة وهمية جعلته في وهم مع ذاته. ثم تحدث عن فضاء اللاطمأنينة وهو فضاء تعيش فيه وغير مرغوب فيه، وفضاء الطمأنينة القائم على استعادة الماضي ويشبه الحكي من داخله التعايش مع الواقع.
في حين تحدث الأستاذ جامع هرباط في ورقته عن خصائص الكتابة عند لطيفة لبصير من خلال مجموعة “ضفائر”، خاصة وأن المجموعة تصور تجربة انسانية تجاه الذات والآخر، وتناظرات حالية ونفسية، ما يدل على أن بنية النص العليا يعزز لدى الكاتبة من خلال عدة نماذج قصصية، مشيرا إلى عدة تقابلات التي تتميز بها المجموعة على مستوى الأسماء والرموز والأحداث. أما ورقة الأستاذ عبد العاطي الزياني التي عنونها بـ “شعرية الكتابة القصصية في مجموعة “أخاف من”” استهلها بكون الكاتبة خلقت مسافة رفيعة لها وعي من خلال الرمزي، وعيها بلغة الجسد وفتنته خاصة وأنها تمتلك متخيل دقيق العوالم دقيق الظلال الإيحائي، ثم تطرق إلى دلالة العناوين وموضوعات المجموعة القصصية وطغيان تيمة الطفولة بأحلامها وهشاشتها ودهشتها من خلال بعض القصص. واختتمت الندوة بكلمة المحتفى بها تحدثت فيها بشكل مفصل عن تجربتنا الإبداعية ومراحلها وتطورها وخلفيات كتابة بعض النصوص القصصية ومسارها الأكاديمي.
وقد تخللت فقرات الملتقى قراءات قصصية، شارك فيها أقلام قصصية لها صيتها في المشهد الثقافي وأخرى تتلمس خطواتها الأولى في المجال الإبداع القصصي: عبد الحميد الغرباوي (الدار البيضاء)، منى وفيق(سلا)، عبد الحفيظ مديوني(بركان)، لطيفة لبصير(القنيطرة)، ليلى بارع (الدار البيضاء)، سعيد ملوكي (بركان)، فاطمة الزهراء الرغيوي (تطوان)، سعيد منتسب (الدار البيضاء)، ربيعة عبد الكامل (الدار البيضاء)، سلوى ياسين (ورزازات)، دامي عمر (أسفي)، محمد الحفيضي (زاكورة)، محمد البغوري (طنجة)، عائشة بورجيلة (تارودانت)، ميلود بنباقي (الرشيدية)، نجاة السرار (مراكش)، محمد الحفيضي (الرشيدية)، إبراهيم أبويه (الدار البيضاء)، محمد لغويبي (وزان)، عبد الهادي الفحيلي (الدار البيضاء)، حسناء آيت لحسن (تلوين)، كما شهد توقيع ديوان شعري “ترانيم لنوم إيطو” للشاعر مصطفى الشيخ (زاكورة) الذي ساهم في تقديمه الباحثين رشيد يحياوي ومحمد الأمين الكنتاوي إضافة إلى وورشات إبداعية بثانوية المجد التأهيلية من تأطير: فاطمة الزهراء المرابط (الراصد الوطني للنشر والقراءة)، بشرى بكاري (شبكة القراءة)، إبراهيم أبويه وعبد الهادي الفحيلي.
فاطمة الزهراء المرابط