ندير يعته: نذكر دائما السيرة والمسار والدروس..

أول أمس، حلت ذكرى وفاة الصحفي والمناضل التقدمي الرفيق والزميل ندير يعته، وفِي كل عام نستحضر حجم الخسارة التي مثلها هذا الرحيل المفجع لمهنتنا.
ندير يعته، أحد المميزين الذين أنجبتهم مهنة الصحافة في بلادنا، ويعتبر قامة وطنية، مهنية وسياسية، خسرها المغرب، ورحل في عز سنوات عطائه المهني.
نتذكر اليوم رفيقنا وزميلنا ندير، ليس فقط لأن كل ركن من أركان بيت «البيان» لا زال يحفظ سيرته وسلوكه وعلاقاته، ولكن لأن مهنتنا في حاجة كبيرة اليوم إلى أمثال ندير يعته.
لم يكن ندير يسعى لنيل المديح والإشادة أو الألقاب والجوائز، وإنما عاش يسعى ليمارس مهنته بمصداقية، وليخدم وطنه عبرها، وبقي دوما ماسكا بآداب المهنة وشرفها، ويقبض على جدية الممارسة الصحفية، وعلى مصداقية الصحافي…
لقد علمنا، في هذا الصرح المهني المستمر إلى اليوم، وتعلم منه عدد من الصحفيين الآخرين، كيف نفتخر  بكوننا صحفيين، وكيف نتمسك بمصداقيتنا المهنية والأخلاقية والوطنية، وكيف نعتز بخدمة بلادنا وشعبنا.
عندما تغمر التراجعات مهنة الصحافة، وعندما يصر البعض على إعلاء التفاهة، وجر الصحافة نحو الأسفل كثيرا، نتذكر نحن أمثال ندير يعته، ونحيي ذكراهم، ونحتفي بتجاربهم ومساراتهم وتفوقهم، لأننا نؤمن أن الصحافة المغربية لم تكن يوما عقيمة أو بلا مهنيين وأساتذة كبار ومتميزين، ولأننا مقتنعون أن الصحافة لها أدوار أساسية في بناء وتمتين الديمقراطية وخدمة المجتمع والانتصار لقضايا الوطن…
عاش ندير يعته وفيا لـ «البيان» ومرتبطا بها وغيورا على مستقبلها، ومنهمكا في كل مسلسلات صنعها واستمرارها وتطويرها، ورفض دائما الجري وراء الاحتفاءات النرجسية العابرة، كما أن كل من عمل إلى جانبه بقي يحفظ له بشاشته وإنسانيته مع الجميع، وتمسكه المستمر بالحياة وشغفه بها وبالصداقات…
التف الكثيرون حول العمود الصحفي الذي كان ينشره ندير في «البيان»، وتابعه السياسيون والمثقفون والإعلاميون وغيرهم، واستحق أن يكون من ألمع كتاب العمود في الصحافة المغربية.
لم يكن مضمون العمود الشهير خواطر متخيلة، وإنما كان عاكسا لنبض المجتمع ومشكلاته، ولقضايا الوطن وتطلعاته، وكان ندير، عبر ذلك، منصتا ذكيا لتفاعلات مجتمعه وشعبه، ولذلك اكتسب عموده اليومي في»البيان» المصداقية، والقدرة على إحداث الأثر.
تقدم لنا سيرة الراحل ندير يعته درسا ثانيا يتعلق بحرص الصحفي المستمر على التكوين والتعلم، وعلى المزاوجة بين الكتابة والإنجاز المهني، وفي نفس الوقت تطوير التكوين الذاتي واكتساب الشهادات والخبرات الأكاديمية والعلمية، ومن ثم كان ندير الأستاذ الجامعي المنخرط في العمل الصحفي اليومي.
أما الدرس الثالث، فهو أن المهنية لم تكن لدى أمثال ندير منفصلة عن الالتزام الوطني والسياسي، وبقي، من خلال كتاباته الصحفية اليومية، يعكس قناعاته ورؤاه، ويقبض على وضوح الأفكار والمواقف ومحددات الخط التحريري.
لكل ما سبق، نحن نستحضر اليوم ودائما سيرة ندير يعته، ونعتقد أن الصحافة المغربية، خصوصا في الظرفيات المعقدة مثل التي نحياها اليوم، في حاجة إلى أمثال الراحل ندير، أو أن تتذكر السيرة.
ندير، الخالد في بالنا وقلبنا وفِي بيتنا المهني، لروحه السكينة والراحة.

<محتات‭ ‬الرقاص

[email protected]

Related posts

Top