نساء في مراكز القرار

الحلقة الثالثة

حكايات عديدة نسجت في كل مراحل التاريخ عن طبيعة المرأة الفيزيولوجية والبيولوجية واعتبار هذه «الطبيعة» محددا لتدني مكانتها في المجتمع قياسا بموقع الرجل فيه. وقد كان حيفا كبيرا في العديد من مراحل التاريخ البشري أن يُزج بالمرأة، فقط لأنها امرأة، في الدرك الأسفل من المجتمع. لقد كانت المرأة وما تزال ضحية الذهنية الذكورية التي تجعل منها كائنا لا يستقيم إلا بتبعيتها للرجل وموالاتها له، ولهذا، فالأدوار الأساسية والمناصب ذات الحساسية في أي مجتمع كانت وما تزال تسند، في عمومها، إلى الرجل ولا يُلتفت إلى المرأة حتى ولو كانت كفاءتها وأهليتها العلمية تؤهلها لتحمل المسؤولية والوصول إلى مراكز القرار السياسي إسوة بالرجل. من قلب هذه المعاناة التاريخية للمرأة، جراء إقصائها الظالم، يظهر بين الحين والآخر الاستثناء الذي معه تتبوأ المرأة مناصب عليا قد تكون بالغة الحساسية في بعض الأحيان، كما تبرهن على ندّيتها للرجل، وتدحض بذلك كل «الحجج» أو الادعاءات التي تتدرع بها عقلية الذكورة من أجل تثبيت دونيتها. وإنصافا للمرأة من ظلم التاريخ، نورد في ما يلي نماذج من هؤلاء اللواتي كسرن ادعاءات الرجل بشأنهن، بوصولهن لمناصب النخبة والقرارات السياسية في بلدانهن.

هيلاري كلينتون (26 أكتوبر1947) أوهيلاري ديان رودهام كلينتون، السياسية الأمريكية التي تولت منصب وزير الخارجية الأمريكي السابع والستين، وذلك في عهد الرئيس باراك أوباما في الفترة منذ عام 2009 وحتى عام 2013. هي زوجة بيل كلينتون رئيس الولايات المتحدة الثاني والأربعين، كما كانت السيدة الأولى للولايات المتحدة خلال فترة حكمه التي استمرت منذ عام 1993 وحتى عام 2001.

شاركت كلينتون في تأسيس مؤسسة دعاة أركنساس للأسر والأطفال

عملت كلينتون في مجلس الشيوخ الأمريكي بنيويورك في الفترة من 2001 وحتى عام 2009. كما أنها على قائمة المرشحين لخوض الانتخابات الرئاسية للولايات المتحدة التي ستقام في عام 2016.
تخرجت هيلاري رودهام في كلية وليسلي عام 1969 حيث كانت أول الطلاب المتحدثين في حفل التخرج. وانتقلت بعد ذلك إلى كلية ييل للحقوق لتحصل على شهادة الدكتوارة عام 1973. وبعد قضائها فترة كمستشارة قانونية بالكونغرس الأمريكي، انتقلت إلى ولاية أركنساس حيث تزوجت من بيل كلينتون عام 1975. وفي عام 1977، شاركت كلينتون في تأسيس مؤسسة دعاة أركنساس للأسر والأطفال، وأصبحت أول سيدة تشغل منصب رئيس الخدمات القانونية بالمؤسسة في عام 1978 ولقبت بالشريكة النسائية الأولى بالمؤسسة عام 1979. وباعتبارها السيدة الأولى لولاية أركنساس منذ 1979 لــ 1981 ومنذ 1983 لــ 1992، قادت هيلاري كلينتون مهمة إصلاح نظام التعليم في أركنساس، وعملت في مجلس إدارة وول مارت من بين شركات أخرى. وقد أدرجت مجلة القانون الوطنية اسم هيلاري كلينتون بقائمة “المئة محامين الأكثر تأثيرًا في أمريكا” عن الفترة من عام 1988 وحتى عام 1991.

أول عضو أنثوي بمجلس الشيوخ

في الفترة من 1997 وحتى 1999، لعبت هيلاري دورًا رائدًا في الدعوة لإنشاء برنامج التأمين الصحي للأطفال، وقانون التبني والأسر الآمنة، وقانون فوستر للعناية المستقلة. وهي من بين الخمس سيدات اللاتي تم استدعائهن، فقد أدلت كلينتون بشهادتها أمام هيئة المحلفين الاتحادية الكبرى عام 1996 بشأن الجدل المثار حول فضيحة وايت ووتر وذلك على الرغم من عدم توجيه أية اتهامات لها بخصوص تلك القضية أو أي قضايا أخرى خلال فترة حكم زوجها. وقد خضع زواجها من الرئيس كلينتون لمناقشة عامة كبيرة في أعقاب فضيحة لوينسكي عام 1998، وبشكل عام قد استدعى اعتبارها سيدة الولايات المتحدة الأولى ردًا قاطعًا من الرأي العام الأمريكي.
وبعد انتقالها لنيويورك، تم انتخابها عام 2000 كأول عضو أنثوي بمجلس شيوخ الدولة، كما أنها تعتبر أول من امتلك مكتب بحث مختار. وفي أعقاب أحداث 11 سبتمبر، أدلت كلينتون بصوتها ودعمت العمل العسكري بحرب أفغانستان وقرار العراق، ولكنها اعترضت بعد ذلك على أسلوب إدارة جورج دبليو بوش لحرب العراق، فضلا عن اعتراضها على معظم سياسات بوش الداخلية. وتمت إعادة انتخاب هيلاري كلينتون بمجلس الشيوخ عام 2006. وسعيًا وراء الانتخابات الديموقراطية خلال الانتخابات الرئاسية لعام 2008، فقد اكتسحت كلينتون الانتخابات التمهيدية متفوقة على جميع السيدات المرشحات في تاريخ الولايات المتحدة ولكنها خسرت في النهاية أمام باراك أوباما.
هيلاري ..تشجيع كوني للتمكين للمرأة
ولكونها وزيرة خارجية الولايات المتحدة في عهد أوباما في الفترة منذ عام 2009 وحتى عام 2013، فقد تصدرت كلينتون مشهد الرد الأمريكي على ثورات الربيع العربي وأيدت التدخل العسكري في ليبيا. وقد تحملت مسئولية الثغرات الأمنية في الهجوم على القنصلية الأمريكية في بنغازي عام 2012 الذي أسفر عن مقتل أفراد من القنصلية الأمريكية، ولكنها دافعت عن نفسها فيما يخص تلك المسألة. وقد قامت كلينتون بزيارة بلدان عديدة أكثر من أي وزير خارجية أمريكي سابق.
شجعت على تمكين المرأة في كل مكان واستخدمت وسائل التواصل الاجتماعي لتوصيل رسالة الولايات المتحدة عبر البلاد. وقد تركت كلينتون منصبها بنهاية الفترة الرئاسية الأولى لباراك أوباما وتفرغت لتأليف كتابها الخامس وإقامة المنظارات قبل إعلانها في الخامس من إبريل لعام 2015 عن خوضها للمرة الثانية لمراسم الترشح للانتخابات الرئاسية لعام 2016.

إعداد: سعيد أيت اومزيد

Related posts

Top