يتابع الرأي العام الرياضي الوطني، بكثير من الإعجاب والتقدير، المسار الناجح للمنتخب المغربي لكرة القدم داخل القاعة، مسار وضعه ضمن مصاف المنتخبات الرائدة على الصعيد الدولي…
ويعود كل هذا التألق إلى عاملين أساسيين، أولا؛ وجود إطار وطني من المستوى العالي، انطلق من الصفر ليصل إلى العالمية من أوسع الأبواب، ثانيا؛ توفر آليات النجاح..من تجهيزات وإمكانيات مالية مهمة، مما مكن من التخطيط لهذا التألق في ظروف مثالية، توافقت مع طموح رجلين، هما هشام الدكيك وفوزي لقجع…
ففي زمن قياسي، تمكن منتخب الفوتصال من احتلال مرتبة جد متقدمة، وسط عمالقة هذه اللعبة، بعد سيطرة مطلقة على المستويين العربي والقاري، مواصلا المسار نحو تحقيق ألقاب دولية، ولعل أبرزها الفوز بكأس العالم للقارات سنة 2022، وقبلها الوصول إلى ربع نهاية كأس العالم الأخيرة بليتوانيا 2021…
وليس هذا فحسب، فعلى مستوى الأداء يقدم هذا المنتخب، نموذجا ناجحا من تدبير تقني وفني وبدني، وذلك بابتكار طرق جديدة من حيث فعالية أداء، تتوافق مع إمكانية اللاعب المغربي، فنيا وبدنيا، في أسلوب جماعي أصبح من الصعب مجاراته، حتى من طرف أقوى المنتخبات…
وخلال مونديال ليتوانيا، خصص المتابعون لتطور اللعبة، حيزا هاما من التعليقات والتحاليل، للأسلوب الذي يتبعه هذا الإطار المغربي، تحول إلى واحد من الخبراء الكبار على الصعيد الدولي، بأسلوب لا يتعمد نسخ طرق اشتغال باقي المدارس، سواء الأوروبية أو أمريكا اللاتينية، بل أبدع طريقة مغربية محضة، تلائم إمكانيات اللاعبين المغاربة، محليين كانوا أم محترفين…
ولم يكن بإمكان هشام الدكيك تحقيق الحلم، لولا الثقة التي حظي بها من طرف إدارة جامعة، وفرت له الأرضية المناسبة للاشتغال، ومكنته من البرمجة والتخطيط بدون عوائق ولا حواجز، والدليل على ذلك تنظيم معسكرات تدريبية باستمرار، سواء بمشاركة اللاعبين المحترفين؛ أو الاقتصار على العناصر المحلية، أضف إلى ذلك الإكثار من المباريات الإعدادية، ضد أبرز المنتخبات العالمية، وعدم التردد في المشاركة في أهم الدوريات بمختلف القارات…
كل هذا مكن بالفعل من تحقيق، قفزة عملاقة لكرة القدم داخل القاعة على الصعيد الوطني، مما ساهم في التحفيز الكثير من الطاقات، وخلق تنافس بين المدن، وتزايد الإقبال على الممارسة، والدليل على ذلك بروز لاعبين دوليين ينتمون لفرق كانت بالأمس مغمورة، في توازن تام، بين حضور اللاعب المحلي ومواطنه القادم من عالم الاحتراف، مع العلم أن مجموعة من اللاعبين المحترفين، تكونوا محليا، واستطاعوا الوصول إلى عالم الاحتراف، بفضل تألق المنتخب…
وتبين من خلال مجريات كأس إفريقيا للأمم، الجارية حاليا منافساتها بالرباط، أن المنتخب المغربي يسير بثبات نحو لقبه القاري الثالث على التوالي، كما يعد من أبرز المرشحين للتأهل لمونديال أوزبكستان، للمرة أيضا الثالثة على التوالي، والرابعة في تاريخه…
فما يقدمه المنتخب المغربي لكرة القدم داخل الصالات، دليل قاطع على أن العمل والصدق والتضحية ونكران الذات، عوامل تقود حتما نحو النجاح، وبالرغم من محدودية الممارسة، وضعف الفرق، وقلة الإمكانيات، تمكن المغرب من تقديم مثال ناجح ينافس أبرز المنتخبات العالمية، إلى درجة أن رئيس الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم فوزي لقجع، قال يوما خلال حفل استقبال نظم على شرف “أسود الفوتصال”: إننا لأول مرة أصبحنا نحلم بإمكانية الفوز بكأس العالم…
هشام الدكيك يشتغل في صمت، لا يبحث عن كسب الأضواء، ولا يزايد في التصريحات، ولا يتعمد “الكلاشات”، ولا يبالغ في حب الظهور، وهذا التعامل الراقي سر من أسرار نجاح إطار وطني يحق لنا الافتخار.
تحية حارة لهشام و”وليداتو “…
>محمد الروحلي