وداعا العربي اليعقوبي

 عبد العالي بركات

يعد العربي اليعقوبي الذي وافته المنية أول أمس الثلاثاء بإحدى المصحات بطنجة، عن عمر يناهز السادسة والثمانين، من بين أبرز الأسماء التي نذرت حياتها لإنجاز تصاميم ملابس الأعمال السينمائية والمسرحية، فضلا عن حضوره البارز على خشبات المسرح.
ويكفي ذكر عناوين الأفلام السينمائية العالمية التي أنجز تصاميم ملابسها، ليتبين مدى الثقة التي كانت موضوعة فيه باعتباره فنانا موهوبا ومحترفا في هذا المجال الذي يتطلب ثقافة موسوعية فضلا عن اللمسة الإبداعية، ومن بين هذه الأفلام: “لورانس العرب” لديفيد لين و”الرسالة” و”عمر المختار” لمصطفى العقاد  و”الإغواء الأخير للمسيح” لسكورسيزي.
ومن خلال القيام بإطلالة على مساره الفني، يتجلى مدى باعه الطويل في الممارسة الفنية، فقد كان من بين الأعضاء الأساسيين في فرقة المعمورة قبل حصول بلادنا على الاستقلال، وما أدراك ما فرقة المعمورة، حيث لم يكن من السهل الانضمام إلى هذه الفرقة إذا لم يكن العضو فنانا حقيقيا ومناضلا، وبلا شك أن اليعقوبي كان يتمتع بشخصية الممثل المسرحي الموهوب وبروحه النضالية.
 لم يكتف اليعقوبي بالموهبة بل صقلها بالتحصيل العلمي، كما حرص على تلقين المعرفة المسرحية لأجيال عديدة من الفنانين، من خلال الدورات التكوينية التي كان يشرف عليها.
 كان من الطبيعي جدا أن يستشرف آفاقا أخرى، مسلحا بموهبته في فن التمثيل وثقافته المسرحية، حيث لم يواجه صعوبة في أن يجد لنفسه موقعا في العديد من الأفلام السينمائية، سواء باعتباره ممثلا أو مصمما للملابس.
 إلى جانب بروزه في السينما العالمية، كان له بطبيعة الحال حضور في مجموعة من الأعمال السينمائية المغربية، سواء باعتباره ممثلا أو مصمما للملابس: “وشمة: لحميد بناني، “السفر الكبير” و”باديس” لمحمد  عبد الرحمن التازي، و”شاطئ الأطفال  الضائعين” للجيلالي فرحاتي، و”كيد النساء” لفريدة بليزيد، و”العايل” لمومن السميحي، و”عود الورد” لحسن زينون.
 يتبين من خلال هذه الفيلموغرافية أن المرحوم اليعقوبي كانت له الريادة في السينما كذلك وليس فقط المسرح، علما بأن فيلم “وشمة” المشار إليه، يتم التأريخ به باعتباره أول فيلم حقيقي ضمن الإنتاج السينمائي المغربي ككل.  
 وبهذه المناسبة الأليمة نعت النقابة المغربية لمحترفي المسرح الفنان الراحل العربي اليعقوبي في بلاغ لها، جاء فيه أن “الفعاليات المسرحية والسينمائية الوطنية تلقت بأسى عميق وحزن كبير نبأ رحيل الفنان والمبدع الكبير العربي اليعقوبي الذي وافاه الأجل المحتوم بعد عمر حافل بالعطاء الثقافي المتميز. وإذ تنعي للشعب المغربي ولعموم الفنانين رحيل أحد قيدومي الممثلين المغاربة، وكبير مصممي الملابس، الذي أغنى الساحة الفنية المغربية لعقود من الزمن، فإنها تعبر عن عميق حزنها وبالغ أساها لهذا المصاب الجلل، لما كان يتمتع به الفقيد من حسن السلوك ومن ثقافة واسعة وحرفية فنية عالية، إذ يعتبر الفقيد من مؤسسي فرقة المسرح الشعبي وفرقة المعمورة، كما أدى العديد من الأدوار الخالدة في المسرح والسينما والتلفزيون وطنيا ودوليا، إضافة إلى كونه أحد مصممي الملابس الكبار في تاريخ الفنون الدرامية المغربية والعالمية حيث تعامل كمصمم ملابس مع العديد من المخرجين العالميين الكبار”.
 تمت مواراة جثمان الفنان الراحل الثرى أمس الأربعاء بمقبرة سيدي عمر  بطنجة. تغمده الله بواسع رحمته وإنا لله وإنا إليه راجعون.

Related posts

Top