وداعا بالتراضي

حملت البطولة الاحترافية في كرة القدم لهذا الموسم، معطى جديدا غير العلاقة بين المدرب والنادي، والتي تحكمت فيها دائما المزاجية وغياب الوضوح في التعامل، مما كان له انعكاس سلبي على الجانب التقني وغياب الاستقرار المطلوب.
من بين هذه التغييرات، هناك إلغاء ما يسمى بالطلاق عن طريق التراضي، بين المدرب والنادي، وغالبا ما يكتفي النادي بدفع أجر شهرين مقابل فسخ العقد، مع السماح للمدرب المستغنى عنه بالتعاقد مع أكثر من ناد في موسم واحد.
هذا التسامح نتج عنه مجموعة من الإشكالات والحالات الكاريكاتورية إلى درجة أن هناك مدربين تم إقصائهم مرتين في مسابقة كأس العرش، كما حدث لرشيد الطاوسي الذي أقصى مع الرجاء البيضاوي أمام الدفاع الحسني الجديدي، ثم تعاقد مع نهضة بركان فودع البطولة مرة أخرى أمام نفس الفريق والموسم، كما وجدنا مدربا يواجه فريقا واحدا مرتين أو أكثر خلال مرحلة الذهاب من البطولة.
وبمجرد دخول هذا المستجد حيز التطبيق، وتحريم اللجوء إلى التراضي قصد فك الارتباط، وضعت الفرق أمام مسؤوليات جديدة، ومن بينها تحمل نفقات إلغاء العقود، وعدم السماح بالمقابل للمدرب المستغنى عنه بالتعاقد مع فريق آخر.
وبرزت بسرعة على الساحة بعض حالات الرفض منها مطالبة بادو الزاكي المستغنى عنه أخيرا من طرف إدارة اتحاد طنجة، بمستحقات عقده الممتد لسنتين، في حين تقترح إدارة الفريق قبول التراضي وأداء أجر شهرين فقط.
وهي الحالة الوحيدة المسجلة مع بداية الموسم، بينما تم فك ارتباط كل من عز الدين أيت جودي مع أولمبيك خريبكة، وفؤاد الصحابي وعبد الحق بنشيخة مع فريق المغرب التطواني المتعاقد هذا الموسم مع المدرب الثالث يوسف فرتوت في ظرف 4 أشهر فقط، وهو رقم قياسي على الصعيد الوطني.
هذا المستجد وغيره من التغييرات، وضع الأندية أمام مسؤوليات ستخلق لها متاعب كثيرة، لكنها ستساهم في تقنين الممارسة وضمان استقرار تقني للأندية، مما سيفتح المجال أمام هيكلة الإدارات التقنية على أسس سليمة، ويدفع في اتجاه احترام مبدأ التخصص.
والمتعارف عليه أن أي تغيير لابد له من ضحايا، والضحية هنا هي الأندية التي ترفض هيكلة إداراتها التقنية على أسس سليمة، ويترأسها رؤساء يعتقدون أن يفهمون في كل شيء.
التعاقد مع المدرب أو الاستغناء عنه، يجب أن يخضع لمجموعة من القواعد التقنية أساسا، مع ضرورة توضيح الرؤية والاتجاه العام للنادي، سواء في طريقة اللعب أو الحاجيات المطلوبة، وضمان متابعة دقيقة لمسار المدربين واللاعبين على حد سواء، والوصول إلى هذه الهيكلة سيعفي الأندية من المشاكل التي تسقط فيها كل موسم.
إذا كان الحال هكذا، فمرحى بالتغيير، وننتظر المزيد من التقنين الذي سيلغي العبث المتحكم في الممارسة منذ الأزل …

محمد الروحلي

Related posts

Top