ورش الإصـلاح ووسـائل الإعـلام

وصل ورش الإصلاح الدستوري في بلادنا إلى مراحله النهائية التي ستتوج قريبا بالاستفتاء الشعبي العام، وفي هذه اللحظة الأساسية تبرز أهمية الإعلام والتواصل لمواكبة هذه الدينامية المجتمعية، والإسهام في إنجاح مسلسل الإصلاحات. إن أهمية الورش الراهن وتميز السياق الذي نحياه، بالإضافة إلى دروس التجارب السابقة بمناسبة مختلف الاستحقاقات الانتخابية والسياسية التي عايشناها، تجعلنا نؤكد اليوم على أهمية اعتماد مقاربات مختلفة على صعيد أداء وسائل الإعلام العمومية، وأيضا من خلال أشكال تعامل السلطات الإدارية المعنية مع كل الإعلام الوطني، وخصوصا الصحافة المكتوبة  بهذا الخصوص.
ليس المطلوب فقط اليوم أن يتولى الإعلام العمومي تغطية عمل الأحزاب وباقي الهيئات بالمناسبة، وذلك بكل التكلس والجمود الذي ملهما المغاربة، كما أنه لم يعد مسموحا اليوم جعل الخطط والاستراتيجيات التواصلية ذات الصلة بمحطة مثل الاستفتاء والاستحقاقات القادمة، مناسبة لتوزيع صفقات وأغلفة سمينة من أجل اجترار مقاربات تقنوية شاردة لا تجدي شيئا.
اليوم من الواجب تكريس التغيير أيضا على هذا الصعيد، والانطلاق من عقلية مستوعبة لطبيعة اللحظة ولتحولات السياق، وبالتالي الحرص على إشراك وسائل الإعلام الوطنية، وخصوصا الصحف، لجعلها فاعلا رئيسيا ضمن حراك تواصلي وطني ذكي وجدي.
اليوم أيضا لا بد للإعلام العمومي، وخصوصا التلفزيون، أن يقوي انفتاحه على مختلف المواقف والآراء، ويقدم تحاليل مواكبة لكل هذا المسلسل، ومقاربات متنوعة، وذلك في إطار إبداعية تلفزيونية يكون بإمكانها أن تحقق الأثر، لأن هذا العالم الساحر هو أساسا صناعة لها شروطها، ومهنة لها ثوابتها، وفرجة لها صناعها.
إن دينامية الإصلاح في بلادنا اليوم تفرض الاستمرار في توسيع دائرة النقاش العمومي عبر التلفزيون ومن خلال الصحف، وتفرض كذلك تكثيف الشرح والتفسير والتوعية والتحسيس، وهذا لن يتم بمجرد وصفات تقنوية باردة جدا تعد انطلاقا من فهم افتراضي أو متخيل، إنما بالاعتماد على المهنيين وعلى المؤسسات الإعلامية الوطنية المتفاعلة يوميا وعلى مدار الساعة مع نبض الناس والمجتمع، ولذلك فمن النجاعة أن يتم الاعتماد على تواصل مستمر ومباشر بين السلطات المنتجة للمعطيات وللدعامات التواصلية وبين الإعلام الوطني، حتى يتمكن هذا الأخير من امتلاك الأخبار والمعطيات والآليات القادرة على تأمين ممارسة إعلامية جدية ومؤثرة في مثل هذه المناسبة الوطنية والسياسية.
وبالنسبة للإعلام العمومي خصوصا، وأيضا السلطات الإدارية المكلفة بتدبير هذه الاستحقاقات السياسية، فإن الممارسة التواصلية والإعلامية التي ينتجونها في علاقتهم بالجمهور، أي المواطنين، يجب أن تنتظم في إطار رؤية متكاملة شاملة تنطلق أولا من المشروع المجتمعي الذي يخوضه المغرب ويسعى إلى ترسيخه، على أن يجري تدبير هذه الرؤية عبر هدفيات مدققة ودعامات تواصلية مناسبة لكل محطة ولكل فئة، وبالاعتماد على المهنيين وعلى تكثيف العلاقة المباشرة مع المؤسسات الإعلامية الوطنية.
[email protected]

Top