وضع إطار يمكن من تشغيل السجناء في وحدات إنتاجية وخدماتية بالسجون

> فنن العفاني

وقعت المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج ووزارة التشغيل والشؤون الاجتماعية ووزارة التجارة والصناعة والاستثمار والاقتصاد الرقمي، والمجلس الوطني لحقوق الإنسان، ومؤسسة محمد السادس لإعادة إدماج السجناء، والاتحاد العام لمقاولات المغرب، على بروتوكول تفاهم يتم من خلاله وضع إطار يمكن من تشغيل السجناء في وحدات إنتاجية وخدماتية بالسجون بتعاون ومساهمة من القطاعات الحكومية المعنية والقطاع الخاص.
فبموجب هذا البرتوكول، سيتم تمكين السجناء من الشغل، مع ضمان حقوقهم وتهيئتهم للإدماج بعد الإفراج، خاصة وأن السجون باتت، إلى حدود شهر شتنبر من العام الماضي، تضم نحو 74 ألف و759 سجين، والمندوبية تستعد لإقامة 12 مؤسسة سجنية جديدة بمواصفات مغايرة لتلك القائمة، حيث من المرتقب أن يرتفع عدد السجون من 78 مؤسسة حاليا إلى 90 مؤسسة في أفق سنة 2020.
توقيع هذا البروتوكول، تم خلال أشغال اليوم الدراسي الذي نظمته أول أمس الخميس بمقر مركز مؤسسة محمد السادس للنهوض بالأعمال الاجتماعية للتربية والتكوين بالرباط، وذلك  بشراكة مع الأطراف السالف ذكرها حول موضوع “تشغيل السجناء: آلية أساسية لتهيئتهم للاندماج”، حيت فتحت المندوبية باب النقاش حول برنامج تشغيل السجناء ، بهدف بلورة مقترحات وتوصيات تتمكن عبرها من إيجاد صيغة لتحديد إطار دقيق وواضح بهذا الجانب، وتجاوز النقص الحاصل على مستوى القانون المنظم الذي بالرغم من أن مقتضياته تفسح المجال لتشغيل السجناء وفق شروط معينة، لكن تلك المقتضيات تبقى غير دقيقة وغير شاملة بما يكفي لمعالجة الإشكالات المتعلقة بالموضوع.
وقال محمد صالح التام، المندوب العام لإدارة السجون، خلال هذا اللقاء، الذي شارك فيه خبراء وطنيون ودوليين ينتمون لكل من إسبانيا، الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا، “إن موضوع تشغيل السجناء يمثل أحد المكونات الهامة للاستراتيجية الجديدة للمندوبية في مجال تهييئ السجناء للإدماج، فخلافا لبرامج التكوين المهني والتعليم، التي يتم إخضاع الاستفادة منها لشروط نظامية يتعذر على عدد هام من السجناء التوفر عليها، وأن التشغيل يعد الآلية التي تتيح استفادة أكبر عدد من السجناء”.
وأعلن ضمينا أن هذا المنحى تم استقاؤه من التجارب التي تقوم بها عدد من البلدان في مقاربة الموضوع،  بالإشارة” أن ما يتأكد في إطار التجارب المقارنة، حيث لا يتم ربط الاستفادة من  التشغيل في مجمله بتوفر المرشحين على شروط محددة، وإنما لما يتيحه أيضا من مجال أوسع لتأهيل السجناء وتكوينهم في مهن وحرف لا تتطلب في غالب الأحيان مستويات تعليمية كبرى، مما يساعدهم على خلال مرحلة الاعتقال على إبراز قدراتهم على مستوى تحمل المسؤولية واحترام الضوابط، وكذا اكتساب مهارات في مجالات إنتاجية  تأهلهم للاندماج  في سوق الشغل بعد الإفراج”.
وطرح المسؤول عن السجون عددا من الإشكاليات التي تحيط بالموضوع، والتي من بينها إن كان يجب تعديل القانون المنظم للسجون في الجانب المتعلق بضوابط تشغيل السجناء، حتى يتلاءم مع قوانين الشغل ، أم يمكن الاقتصار على اعتماد مقتضيات خاصة، فضلا عن إشكالية اعتبار تشغيل السجناء مسألة تدخل ضمن الحقوق الأساسية للسجناء أم ضمن الواجب الذي تفرضه الإدارة وتخص من يرفضونه للتأديب، وإن كان بإمكان المشغل إبرام عقود شغل مع السجين أم مع الإدارة، وما هي السبل لحل المنازعات بين الطرفين في حال حصولها، هذا بالإضافة إلى إشكالات ترتبط بالحقوق الاجتماعية من أجر وتقاعد ورخص المرض وفقدان الشغل.
ومن جانبه، أكد ادريس اليزمي رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان، فيما يمكن اعتباره ردا بشأن عدد من الإشكالات التي تخص أساسا أهمية التشغيل بالنسبة للسجين وكذا الحقوق الأساسية للسجين والتي سبق للمجلس أن شدد عليها على ضوء وضعه لتقرير حول وضعية السجون والسجناء”، (أكد) على أهمية تشغيل السجينات والسجناء مع تمتيعهم بكل الحقوق المتعارف عليها في قطاع التشغيل، وأنه اعتبارا لمبدأ أساسي هو أن السجين رغم حرمانه من الحرية فهو إنسان  يتمتع بكل حقوقه الأساسية المضمونة لها قانونا ، إلا تلك التي تقضي المحكمة في إطار العقوبات المفروضة عليه بتجريده منها”.
واقترح بصيغة حاسمة حيال تطوير الإطار القانوني والتنظيمي لعمل السجناء، أن جميع الحلول يجب أن ترتكز على مقتضيات البند 5 من الفصل 23 من الدستور، الذي ينص على أنه «يتمتع كل شخص معتقل بحقوق أساسية وبظروف اعتقال إنسانية ويمكنه أن يستفيد من برامج للتكوين وإعادة الإدماج”.
أما لطيفة الشيهابي، الكاتبة العامة بوزارة الصناعة والتجارة والاستثمار والاقتصاد الرقمي، أعلنت أن “الوزارة تقترح في سياق المذكرة الموقع عليها وضع برنامج تكوين خاص في مهن قطاع السيارات لفائدة السجناء، باعتباره أحد أبرز الصناعات المزدهرة في بلادنا لإعطائهم فرصة لكسب مهارات تقنية في هذا الميدان هذا مع العمل في ذات الوقت على مواكبة المستفيدين من هذا العرض، لولوج سوق الشغل، خاصة مع الشركاء المباشرين في المجال، كالجمعية المغربية لصناعة وتسويق السيارات.
وأضافت الكاتبة العامة، مؤكدة أنه “استجابة لتطلعات ونداء جلالة الملك محمد السادس الموجه للمقاولات المتعلق بالدور المجتمعي الواجب القيام به في توفير فرص شغل قارة، فإن الجمعية السالف ذكرها تلتزم بتشغيل السجناء خلال الفترة الممتدة بين 2016 و2020، أخذا بعين الاعتبار مواكبة مؤسسة محمد السادس لإدماج السجناء، هؤلاء النزلاء في بداية مشوارهم المهني فور مغادرتهم المؤسسة السجنية”. واعتبرت الشيهابي أن هذه التجربة النموذجية تمثل مرحلة أولى، وذلك في انتظار دراسة إمكانية إدراج باقي الأنشطة الصناعية لاحقا، التي تسهر الوزارة على تطويرها والدفع بها إلى الإقلاع والتنمية كتجربة موالية داخل الفضاءات السجنية. كما كشفت المسؤولة الوزارية عن اقتراح للوزارة يتعلق بتمويل دراسة ميدانية عبر مؤسسة مغرب المقاولات بشراكة مع المندوبية العامة لإدارة السجون وإدماج السجناء، قصد تحديد وتقييم القدرات المقاولاتية للسجناء ومواكبة وتفعيل المشاريع ذات النفع الاجتماعي لجعل وتحويل السجناء إلى مقاولين ذاتيين من خلال تشجيع المبادرة المقاولاتية.

Related posts

Top