ولكن لماذا يختارون المغرب؟

> بقلم: فؤاد العروي

لا شك أنكم تعرفون شيئا عن أولئك الأشخاص الشبه ساديين الذين يتوجهون إلى الأطفال بالسؤال:
“من تحب أكثر، باباك أو ماماك؟”
تابعت بالأمس مشهدا مماثلا على القناة التلفزية الهولندية، سوى أن الأمر لم يكن يتعلق بطفل، بل بشاب قوي في العشرين من عمره، لاعب كرة قدم موهوب، كان خضع بدوره لهذا النوع من التعذيب. كما أن الأمر لم يكن يتعلق بأبويه، بل بالبلدين الحاصل على جنسيتهما: المغرب والأراضي المنخفضة.
– “من هو الأفضل لديك؟” يسأله الصحافي للمرة الخامسة.
– “أفضلهما معا”. يجيب الرجل الشاب للمرة الخامسة.
– لكن إذا لعب أحدهما ضد الآخر، مع من ستكون؟
– سأكون معهما معا.
– لكن هذا مستحيل.
في النهاية، استسلم نصير مزراوي للاعتراف:
– “حسنا، فعلا، ينبغي الاختيار بالفعل، إنني أختار المغرب”.
وأضاف في الحال:
– “لكنني أحب الأراضي المنخفضة”.
القضية أثارت ضجة لدى الرأي العام الهولندي، خارج العالم الصغير لكرة القدم (التي ليست فضلا عن ذلك أصغر من هذه القضية). بعد المايسترو زياش، بعد الإخوة أمرابط، بعد العميد السابق لفينورد كريم الأحمدي، ها هو مرة أخرى لاعب كرة قدم متألق، مزراوي إذن، اختار أن يحمل قميص أسود الأطلس بدل قميص البيت البرتقالي الحامل بدوره شعار الأسد، تكريسا لملكية سائدة.
باختصار، السؤال الذي يوجد على كل الشفاه هو: لماذا؟
  قرأت نهاية الأسبوع الماضي مقالا طويلا حول الموضوع نفسه في جريدة “فولكسكرانت” بتاريخ 31 غشت. هذا المقال يشغل الصفحة الثالثة بكاملها. في حين ما الذي يمكن لنا أن نقرأ في الصفحة الثانية، المقابلة لها تماما؟ مقال حول الزعيم الشعبي جيرت وايلدر بخصوص مسابقة الرسوم الكاريكاتيرية التي كان ينوي تنظيمها. الفكرة بسيطة: يتعلق الأمر بإرسال رسومات عن النبي محمد. الرسم الجارح جدا هو ما ينال جائزة، فضلا أن كل المشاركات الأخرى سيتم عرضها في البرلمان، الرجل يستطيع القيام بذلك لأنه نائب برلماني.
المدعو وايلدرس لا يفوت أي فرصة لشتم وتشويه المغاربة، سواء كانوا يحملون الجنسية الهولندية أم لا يحملونها.
في أسفل الصفحة، شخص آخر وسخ، يدعى جوهان ديركسن. ابحثوا عنه في محرك البحث غوغل يا أصدقائي، ودعوني أقول عنه إنه قبيح مثل حيوان العنبر المصاب بالقبض. إنه لم يغسل شعره منذ عصر الطوفان، يبصق حيثما ذهب، يخلف وراءه روائح منفرة (يمكنني أن أشهد على ذلك، بعد أن التقيته في منصة التلفزيون). ليس لديه ما يقوله لكنه يتحدث برباطة جأش، السيجارة في المنقار، ضمن برنامج رياضي حيث يتم الإصرار على استدعائه، ذلك لأنه من خلال المعاينة، يظهر بشكل منفر إلى حد أنه يجذب الجمهور مثل قرد في حديقة الحيوانات.
– ما هي الفكرة السائدة التي يحملها هذا الشخص التعيس؟
– المغاربة.
إنه لا يتوقف عن القول إن مشكلة كرة القدم الهولندية هي مغربية: إنهم كثيرون جدا، ميالون إلى الشجار.. إلى آخره.
إنه من غير المفيد إذن التساؤل حول السبب الذي يجعل كل هؤلاء اللاعبين يفضلون “تبليل أقمصتهم” لأجل بلد آبائهم، لأنهم يحسون بأنهم غير مرغوب فيهم ومقصيين من طرف عديمي الكفاءة من قبيل: وايلدرس وديركسن.. الذين لا يريدون بالخصوص أن يعتبروا في عداد مواطنيهم.
لا يمكن الحصول على الزبدة وعلى فلوس الزبدة. من غير الأخلاقي البصق على المغاربة ثم مطالبتهم بالمساعدة على التغلب على الألمان. كان ذلك صحيحا في زمن معركة مونت كاسينو. كان ذلك صحيحا أيضا وقت المعارك التي تجري على رقعة الملاعب.
ديركسين المثير للاشمئزاز، كانت له الجرأة لاتهام مزراوي بضعف تحليه بالوفاء للأراضي المنخفضة.. في حين أن الجزء الكبير من انزلاقاته هو ما ينفر المغاربة هنا.
في مواجهة منافق وقح، نسأله بلغتنا الدارجة العتيدة:
– واش هذاك وجهك أو لا قفاك؟

> ترجمة: عبد العالي بركات

Related posts

Top