ويستمر السباق المحموم وراء لقاح كورونا..

تحقق شركات الأدوية التي تعمل علي لقاحات فيروس كورونا المرشحة نتائج مبكرة وتنتقل إلي تجارب المرحلة النهائية، حيث ينتظر العالم لمعرفة ما إذا كان بإمكانهم ضغط الجدول الزمني المعتاد لسنوات طويلة لإنشاء مثل هذا المنتج

الصحة العالمية: لقاح تاريخي

قال المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، إن “فيروس كورونا هو أكبر حالة طوارئ صحية عالمية منذ أوائل القرن العشرين، لكن البحث العالمي عن لقاح مضاد للفيروس تاريخي أيضا”.
وأضاف تيدروس أدهانوم جيبريسوس: “هناك لقاحات كثيرة تحت التجربة وعدد منها في المرحلة الأخيرة من التجارب السريرية.. وهناك أمل.. لا يعني هذا أنه سيكون لدينا لقاح، لكن السرعة التي وصلنا بها إلى المستوى الذي وصلنا إليه الآن لم يسبق لها مثيل على الأقل”.
وتابع: “ثمة مخاوف من ألا يكون هناك لقاح يمكن أن يجدي نفعا أو ربما يوفر الحماية لبضعة أشهر ليس أكثر.. لكننا لن نعرف قبل أن ننهي التجارب السريرية”.وحث تيدروس، الأمهات على “مواصلة الرضاعة الطبيعية، حتى إن أصبن بـ”كوفيد- 19″، لأن المنافع تفوق مخاطر العدوى بكثير”.
في غضون ذلك، أشار مسؤولو منظمة الصحة العالمية، الاثنين، إلى أن فريقا استقصائيا تحضيريا لم يرجع بعد من الصين التي نشأ فيها فيروس كورونا المستجد.
وأكدوا، أنه من المقرر إرسال فريق أكبر يضم خبراء صينيين ودوليين في المرحلة التالية لمعرفة منشأ الفيروس في مدينة ووهان، لكن توقيت إرساله وتشكيلته لم يتضحا حتى الآن.
ووفقا لمنظمة الصحة العالمية فإن نحو 123 لقاحا مرشحا بالفعل في مرحلة التجارب البشرية، بينما يخضع 140 آخرين للتقييم قبل السريري في حين لم تتم الموافقة علي أي منها للاستخدام العام، تتنافس الحكومات في جميع أنحاء العالم علي تأمين الجرعات وتطوير مرشحيها.
وقال داميان بورسيل ، رئيس مختبر الفيروسات الجزيئية في معهد بيتر دوهرتي للعدوي والمناعة في جامعة ملبورن في أستراليا ، إنه علي الرغم من أن سرعة تطوير المرشحين للقاحات جيدة، إلا أن العلماء بحاجة إلي العمل معا لضمان السلامة.
وأضاف فلوريان كرامر ، أستاذ علم اللقاحات في كلية الطب إيكان في نيويورك، أن التقدم الذي أحرزه العديد من المرشحين للقاحات في بلدان مختلفة كان تطورا إيجابيا للغاية، مشيرا إلى أن هذا أمر مهم لأن منتجا واحدا لن يكون قادرا على تلبية الطلب العالمي وقد تكون اللقاحات المختلفة أفضل لمجموعات مختلفة من الأفراد، مثل الأطفال مقابل البالغين.
وأكد آشلي سانت جون، الأستاذ المساعد المشارك في أبحاث اللقاحات في كلية الطب Duke-NUS في سنغافورة، إنه من المحتمل ألا تكون اللقاحات الأولي لفيروس كورونا فعالة بنسبة 100% لجميع الأفراد، لكنها ستساعد السكان علي الوصول إلي عتبة عالية بما فيه الكفاية الحصانة، من نحو 50 إلي 70 %، لكن ذلك سيؤدي بدوره إلي إبطاء معدل انتقال المرض ومنع تفشيه بشكل ضخم.
وقال نايجل ماكميلان مدير برنامج الأمراض المعدية والمناعة في معهد مينزيز الصحي بكوينزلاند بجامعة جريفيث الأسترالية إنه من المحتمل أن يحتاج الأشخاص إلي حقن معززة بعد التطعيم الأولي.

روسيا تعد بتوفير ملايين الجرعات

أكدت روسيا، الاثنين، أنها ستتمكن قريبا من إنتاج مئات الآلاف من جرعات لقاح  مضاد لفيروس كورونا المستجد شهريا، و”عدة ملايين” منذ بداية العام المقبل.
وذكر وزير التجارة الروسي، دينيس مانتوروف، أن 3 شركات طبية حيوية ستتمكن، اعتبارا من سبتمبر، من إنتاج لقاح تم تطويره من قبل مركز “نيكولاي غاماليا” لعلم الأوبئة والأحياء المجهرية، بكميات كبيرة.
وأوضح مانتوروف لوكالة تاس للأنباء: “وفقا للتقديرات الأولية سنكون قادرين على توفير مئات الآلاف من الجرعات شهريا هذا العام، ثم عدة ملايين في بداية العام المقبل”.
وتعمل روسيا منذ شهور، مثل العديد من البلدان الأخرى في العالم، على تطوير عدة لقاحات تجريبية مضادة لوباء كوفيد-19. وتم تطوير لقاح “غاماليا” بالتعاون مع وزارة الدفاع.
أما اللقاح الثاني، فيتم تطويره في مركز فيكتور للأبحاث في سيبيريا، ومن المتوقع إنتاج الجرعات الأولى منه في أكتوبر 2020، بحسب السلطات الروسية.
وأعلنت روسيا، رابع دولة في العالم من حيث عدد الإصابات بعد الولايات المتحدة والبرازيل والهند، في أبريل، رغبتها في أن تكون من بين الدول السباقة، إن لم تكن الأولى، التي تطور لقاحا ضد الفيروس، دون أن تكشف موسكو عن البيانات العلمية التي تثبت فعالية لقاحاتها وسلامتها.
ووفقا لتقرير لصحيفة (south china post)، هناك بصيص من الأمل في آخر التطورات، حيث أنتج عدد من المرشحين أجساما مضادة لمكافحة الفيروسات في التجارب المبكرة، وفقًا للبيانات الأولية والبيانات المنشورة.
ونشرت شركة الأدوية الحديثة مودرنا الأمريكية نتائج المرحلة الأولي التي أظهرت أن منتجها كان آمنا وأنتجت استجابات مناعية في جميع الأشخاص الـ45 الذين شاركوا في التجربة، وقالت الشركة، التي تعمل مع المعهد الوطني الأمريكي للحساسية والأمراض المعدية، إنها تخطط لبدء تجارب المرحلة النهائية في وقت لاحق من هذا الشهر.
فيما قالت شركة “فايزر” الأمريكية والشريك الألماني (BioNTech) إنهما يخططان لزيادة اختبار مرشح اللقاح إلي 30 ألف شخص في وقت مبكر من هذا الشهر، بانتظار الموافقة، بعد أن أظهرت النتائج الأولية أن التجارب الأولية أثارت استجابة مناعية.
أما في بريطانيا، دخل اللقاح الذي طورته جامعة أكسفورد بالشراكة مع شركة أسترازينيكا البريطانية بالفعل المرحلة الثالثة من التجارب الخطوة الأخيرة قبل الموافقة المحتملة بينما من المقرر نشر نتائج المرحلة الأولي يوم الاثنين المقبل.
كما تدخل العديد من الشركات الصينية أيضا أو تدخل في المرحلة الثالثة من التجارب السريرية، والتي يتم خلالها تقييم مرشحي اللقاح من أجل السلامة والفعالية في مجموعات كبيرة غالبًا ما تصل إلي عشرات الآلاف.
فيما بدأت شركة سينوفارم الصينية تجاربها في المرحلة الثالثة في أبو ظبي، في حين قالت شركة سينوفاتش بيوتيك الصينية الأسبوع الماضي إنها ستبدأ المرحلة الثالثة من التجارب للقاحها المرشح في البرازيل.

لقاح “نوفافاكس”.. نتائج واعدة

كما كشفت شركة نوفافاكس الأميركية، الثلاثاء، عن نتائج واعدة للقاحها الذي تعمل على تطويره ضد فيروس كورونا المستجد، بعد إجرائها دراستين أوليتين.
في الدراسة الأولى، أظهر اللقاح نتائجة مشجعة في 56 متطوعا، حيث أنتجت أجسامهم، أجساما مضادة للفيروس، من دون أي آثار جانبية خطيرة، بحسب تقرير لصحيفة نيويورك تايمز.
وفي الدراسة الثانية، وجد الباحثون أن اللقاح وفر حماية قوية للقرود، من عدوى الفيروس.
نوفافاكس، التي حصلت على 1.6 مليار دولار من الحكومة الأميركية، لتطوير اللقاح، قالت إنه في حال نجاح جهودها، فبمقدورها إنتاج 100 مليون جرعة، مع مطلع العام القادم.
وقال  عالم الفيروسات بكلية ويل كورنيل الطبية، جون مور، إن نتائج لقاح نوفافاكس، هي “الأكثر إثارة للإعجاب حتى الآن”، فيما قالت  أنجيلا راسموسن، عالمة الفيروسات في جامعة كولومبيا، إن اللقاح بحاجة إلى دراسة واسعة النطاق، لكن “نتائجه الأولى مشجعة”.
ولقاح نوفافاكس، هو واحد من أكثر من 20 منتجا محتملا ضد الفيروس التاجي المستجد، دخلوا في المرحلة الأولى من اختبارات السلامة على البشر، فيما وصلت خمسة لقاحات أخرى بالفعل، إلى تجارب المرحلة الثالثة.

الدول الغنية أول من يحصل على اللقاح

وسارعت دول غنية إلى إبرام عقود ضخمة لأجل الحصول على أعداد كبيرة من الجرعات.
وبحسب شبكة “بلومبرغ”، فإن الدول الغنية حرصت على إبرام هذه العقود في وقت مبكر، أي قبل اكتمال التجارب، حتى تكون أول من يحصل على اللقاحات، بينما قد تجد باقي دول العالم نفسها في ذيل الجهود العالمية لتطويق الوباء.
وأبرمت كل من الولايات المتحدة وبريطانيا عقودا مع شركة الدواء “سانوفي” و”غلاكسو سميث كلاين”، أما اليابان فتعاقدت مع شركة “فايزر”، فضلا عن عقود أخرى.
وتحرك الاتحاد الأوروبي بدوره لأجل الحصول على جرعات من اللقاحات، علما أن نجاعتها ما زالت غير مضمونة حتى الآن.
ورغم أن الخبراء يرجحون أن يكون اللقاح متاحا للجميع وبثمن مناسب، فإنه ثمة من يرى أن الطلب المرتفع قد يكون عائقا كبيرا نظرا لعدد سكان العالم الذي يقارب 7.8 مليار.
ويخشى كثيرون أن تقوم الدول الغنية باحتكار اللقاحات، وهو ما حصل فعلا في سنة 2009، عندما تفشى إنفلونزا الخنازير.
وحتى هذه اللحظة، حجزت اليابان والولايات المتحدة وبريطانيا نحو 1.3 مليار جرعة من اللقاحات المحتملة ضد فيروس كورونا المستجد، بحسب شركة “إير فينيتي” المختصة في تحليل البيانات.
وبحسب نموذج حسابي اعتمدته الشركة، فإن الشركات لن تستطيع صناعة مليار جرعة من اللقاح المحتمل إلا في الربع الأول من سنة 2022، وهذا يعني أن الدول الفقيرة ستنتظر طويلا على الأرجح.
وتعليقا على هذه النقطة، قال راسموس بيش هانسن، وهو المدير التنفيذي لشركة التحليل البريطانية: “حتى وإن نظرت بتفاؤل إلى التقدم العلمي، ليست ثمة لقاحات تكفي العالم”.
وأشار إلى أن تلقيح جسم الإنسان في بعض الأحيان، يتطلب منحه جرعتين اثنتين في بعض الأحيان، وهو ما يعني الحاجة إلى عدد إضافي لن يكون متاحا في فترة قصيرة.
ووصلت عدة مشاريع علمية إلى المراحل النهائية من تطوير لقاح ضد كورونا، مثل جامعة أوكسفورد وشريكتها “أسترا زينيكا”، إضافة إلى مشروع مشترك بين كل من “بيونتيك” و”فايزر”.
وتحتاج اللقاحات إلى الحصول على عدد من الموافقات قبل المرور إلى مرحلة الإنتاج، وهذه الأمور تستغرق وقتا لا يستهان به.
ويراهن العالم على اللقاحات لأجل إعادة الحياة إلى طبيعتها قدر الإمكان، نظرا إلى عدم إمكانية رفع القيود بشكل تام في ظل غياب أي دواء أو لقاح ناجعين ضد العدوى التي ظهرت في الصين، أواخر 2019، ثم تحولت إلى جائحة عالمية.

اللقاح لن ينهي الأزمة

لكن مختصين يرون بأن ذلك الإنجاز لن يكون كافيا للحد من تفشي المرض.
ونقلت “واشنطن بوست” عن الباحث في الأمراض المعدية وعلم المناعة بجامعة هارفارد، يوناتان غراد، قوله، إن اللقاح المرتقب لن يكون بمثابة ضغط على الزر ثم تنتهي الأزمة الصحية، أي التخلص من الكمامات وكافة الإجراءات الوقائية الأخرى.
وأضاف غراد: “تطوير اللقاح سيكون بداية وليس نهاية، لأن التلقيح يتطلب عددا من المراحل مثل التوزيع وشبكات الإمداد وثقة الناس والتعاون بين الدول، وبالتالي، ستكون ثمة حاجة إلى أشهر وربما إلى سنوات طويلة حتى يحصل الجميع على الجرعة ويصبح عالمنا آمنا”.
ويقول خبراء أن من سيحصلون على جرعة من اللقاح، لن يصبحوا محصنين فورا ضد الإصابة بفيروس كورونا المستجد، لأن جهاز المناعة لدى الإنسان يحتاج إلى عدة أسابيع حتى يجمع الأجسام المضادة المطلوبة لمكافحة المرض.
وفي بعض تقنيات التلقيح، يتم إمداد الجسم بجرعتين اثنتين تفصلهما فترة من الزمن، وهذا يعني أن اللقاح ليس مسألة ثوان عابرة كما نعتقد ثم تحصل الحماية.
وفضلا عن ذلك، قد تكون المناعة المترتبة عن اللقاح قصيرة الأمد أو جزئية ولا تحمي بشكل كامل، مما سيضطر الناس إلى إعادة التلقيح بين الفينة والأخرى، أو مواصلة التباعد الاجتماعي وارتداء الكمامات، حتى بعد أخذ الجرعة.
وفي حال لم يكن اللقاح ناجعا جدا في حماية بعض الفئات من الناس، فإنهم سيواصلون الإصابة بالمرض رغم نجاح اللقاح، لكن آراءً خاطئة ستروج بشأنه، وسيسري الاعتقاد بأنه غير مفيد، وربما ينصرف عنه أشخاص يحتاجون إليه فعلا.

Related posts

Top