يوميات نادل… -الحلقة 15-

ما الموت؟

هواجس جمة، وسيل من الأسئلة المقلقة تحف المرء حين يتذكر الموت، لا يخفي رغبته في الظفر بمقعد في جنان الخلد، ويشعر برهاب مقيت من أن يكون في الدرك الأسفل من النار، يبقى الآدمي حائرا في مصيره، الذي يحتكر الله علمه.

الأكيد أن كل نفس ذائقة الموت، وأن سنن الله لا تغفل عنا، وما ربك بظلام للعبيد.

غريب أن يصبح الشيء لا شيء، هكذا هي المنايا،  فالموت لا يعني أحدا وإنما الحياة هي التي تعني الجميع .

فالموت في أحشائه حياة لأنه يحدث في داخلنا كل لحظة، حتى ونحن أحياء نكون معنويا نموت وماديا نموت وأدبيا نموت.

حتى الأفكار والعواطف تموت، بالموت تكون الحياة وتأخذ معناها الذي نحسه ونحياه، كيف لا وهي المحصلة بين القوتين معا الوجود والعدم وهما يتناوبان على الإنسان شدا وجذبا، هكذا  يسترق الموت الخطى كاللص تحت جنح الليل ويمشي على رؤوسنا.

شاردا أقص وأخيط على مقاسي، يلفت انتباهي صوت طلقات رشاش مسترسل يخرج من الشاشة الصغيرة.

أرفع رأسي مصوبا نظري اتجاه التلفاز.

تبادل كثيف لإطلاق النار، صراخ، اختباء، سقوط ضحايا، ومطاردات.

حمدا لله لم يكن الأمر سوى لقطات من فيلم أمريكي تبثه قناة “أكسيون”، يحمل عنوان “Seven psychopats”.

من الصورة والإعلام، إلى العالم الافتراضي، إلى أرض الواقع، يحضر الموت، مصحوبا بدورة العنف المجنونة، التي تزداد تمددا يوم بعد يوم.

مأسورا بالعظمة الأمريكية، وعاشقا لكل ما فيه نفحات رعاة البقر، وجدت نفسي سائحا بين تفاصيل سيناريو ذاك الإنتاج المتشابك الأحداث.

غريب، فكيف لنا أن نمقت أمريكا، ونكرهها في كواليسنا، متمنين لها الهلاك من أعلى منابرنا، لكن نقف إجلالا لكل منتوجاتها التي نستهلكها بملء رضانا، هو دون شك الاستلاب القاتل الذي يحكمنا.

بقلم: هشام زهدالي

Related posts

Top