فطور غير شهي
كاشفة عني الغطاء، وبلمستها الناعمة، تحركني أم معاذ، هادفة إلى استيقاظي.
أفتح عيناي على محاياها، لأفاجئ بضوء النهار وقد تسلل إلى الحجرة، عبر فتحات النافذة، مشكلا خيوطا تخترق عنوة القتام اللامرئي، معلنة عن بداية يوم جديد، قد لا يختلف عن سابقيه، إلا في الاسم.
“هيا عزيزي، هي الحادية عشر صباحا”، قالت زوجتي مذكرة إياي أن موعد عملي قد بدأ عده العكسي، وأنني ملزم بالتهيئ النفسي للمغادرة.
قد أقنع بما قسم الله لي من الرزق والعمر، لكني أجد صعوبة أن أكون قنوعا في النوم، رغم أن الأجواء الباردة للصباحات الشتوية كانت ولازالت تستهويني.
ولكم كان صديقي عبد القادر بارعا ومصيبا حين قال ذات يوم إن النعاس أجمل من جميلة الجميلات.
من على السرير الفائر دفئا، أمدد يداي، لطرد العجز الذي يستولي علي، قائما كخارج من قاعة عمليات يبغي التخلص من التخدير.
مياه الصنبور الباردة التي لطمت وجهي، كانت كافية لتعيد لي رشدي، وتزرع القليل من الحيوية في جسدي المهزوم، ذاك البدن الأشبه بقطعة غيار، في أمس الحاجة إلى التشحيم.
كعادتها تغرب شهية إفطاري في كل الصباحات، هي دون شك الآثار السلبية لجرعات السجائر، قالت شريكتي.
مبتسما أواجه ملاحظاتها، وكلي يقين أنها تداعيات التبغ لا محالة.
برشفات متواترة من كوب شاي بدأ سائله يخسر حرارته، أسقي حنجرتي الجافة، ممتنعا عن تمريغ قطع الخبز في صحن زيت الزيتون.
بقلم: هشام زهدالي
كاتب وإعلامي