‎التأخر مازال يطبع إقرار القانون التنظيمي المتعلق بتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية

خصص الائتلاف الحقوقي الجديد، الذي أعلن عن تأسيسه مؤخرا بالرباط تحت اسم “النسيج المدني للحقوق والحريات “، أول مبادرة له لتقييم المنجز التشريعي للحكومة الحالية التي قاربت ولايتها على الانتهاء، حيث شمل التقييم مسار تفعيل دستور 2011، وحصره بشكل خاص في القوانين والقوانين التنظيمية المتعلقة بإصلاح منظومة العدالة، المساواة بين النساء والرجال، الصحافة والنشر، الأمازيغية، الهجرة واللجوء،  الملتمسات والعرائض، إلى جانب كل من القوانين التنظيمية التي تهم مؤسسات من قبيل المجلس الاستشاري للشباب والعمل الجمعوي، وهيئة المناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز، والهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة.
ومن بين الملاحظات إن لم نسميها “اتهامات “كالها النسيج المدني للحقوق والحريات في هذا التقييم، للحكومة، ما وصفه من جهة إرجاؤها إخراج الكثير من القوانين والقوانين التنظيمية إلى غاية نهاية ولايتها، ومن جهة أخرى، تدخلها في الوظيفة التشريعية التي باتت تعد مجالا محفوظا للبرلمان بحكم الدستور.
وأوضح النسيج في هذا الصدد، أن القوانين التي أرجأت الحكومة إخراجها، ترتبط أساسا بإعمال المقتضيات ذات الصلة بالمساواة وعدم التمييز، واحترام التنوع في علاقة بحقوق الفئات والحقوق اللغوية والثقافية، منبها أن هذا الإرجاء يقلص من فرص تعميق النقاش لمشاريع تلك القوانين على مستوى المؤسسة التشريعية، ويحد من مساهمة المجتمع المدني للتأثير ولتدارك الخصاص المسجل بشأنها.
كما نبه إلى أن مجال التشريع الذي يعد الوظيفة الأساسية للبرلمان، بل وبات مجالا محفوظا له بحكم الدستور، أصبحت تتدخل فيه السلطة التنفيذية، سواء على مستوى المبادرة التشريعية، أو على مستوى التحكم وضبط الإيقاع التشريعي (تسريعا أو تمهيلا أو فرملة) عبر المساطر المتاحة، وبنوع من الأسبقية، يشير النسيج.
فبخصوص إصلاح منظومة العدالة، سجل النسيج أن القوانين التي قدمتها الحكومة والتي شملت ثلاث قوانين تنظيمية تخص كلا من “المجلس الأعلى للسلطة القضائية” و”النظام الأساسي للسلطة القضائية” ومشروع القانون المتعلق ب «التنظيم القضائي”، طبعها تضييق على حرية الرأي والتعبير، ومساس بمبدأ الاستقلالية، حيث تم توسيع مجال الحظر ليشمل ليس فقط الموقف السياسي، وإنما أيضا التصريح المعتبر سياسيا، أي الذي يكتسي صبغة سياسية، وتم الإبقاء على تبعية المحاكم إداريا وماليا لوزارة العدل والحريات.
وانتقدت في هذا الصدد، اعتبار التصريح الذي يدلي به القاضي والذي يكتسي صبغة سياسية، وفق المادة 97، بأنه يعد في حكم الخطأ الجسيم ويترتب عنه توقيف القاضي حالا عن مزاولة مهامه، وقد يترتب عنه عزله من سلك القضاء، فضلا عن أن هذا الأمر سيمس بشكل واضح بحرية التعبير بالنسبة للقضاة خلافا للدستور ولاسيما الفصل 111 الذي متعهم بحرية التعبير، طالما أن التعبير متوافق مع مبادئ التجرد والاستقلال والأخلاقيات القضائية.
وانتقد أيضا التنصيص على الحظر بشكل تام على القضاة تأسيس الجمعيات وتسييرها، خلافا للدستور الذي لم يضع أي تقييد على حرية الانتماء للجمعيات غير المهنية، كما عاب عدم تمكين القضاة من وسائل الطعن عند إقرار المسؤولية في حالة الخطأ، ومنعهم من ذكر صفتهم المهنية في مصنفاتهم العلمية أو الأدبية أو الفنية إلا بإذن من الرئيس المنتدب من المجلس.
وفيما يخص إعمال المساواة بين النساء والرجال، سجل النسيج فيما يخص المنظومة الانتخابية، غياب الرؤية المندمجة لإعمال ومأسسة التمثيلية السياسية للنساء في مجموع مكونات المنظومة، سواء عند إصدار أو المصادقة على القوانين والقوانين التنظيمية، وانتقد عدم التنصيص على ترتيب الأثر في حالة عدم تخصيص الثلث للنساء كما وقع في بعض الجهات، طبقا لما هو منصوص عليه في القوانين التنظيمية.
كما وجهت مؤاخذات بشأن مشروع مسودة القانون الجنائي لعدم اعتبار جرائم الاغتصاب والتحرش الجنسي جرائم تمس بالكرامة الإنسانية والسلامة الجسدية للمرأة والإبقاء على اعتبارها جرائم تتعلق فقط بالآداب العامة، وانتقد النسيج في ذات الوقت مشروع القانون الخاص بمحاربة العنف ضد النساء، بالنظر لعدم تجريمه المباشر للاستغلال الجنسي والاتجار في البشر، وضعفه الشديد في مجال الحماية الاجتماعية التي يستوجب توفيرها للضحايا المعنفات.
وشمل رصد النسيج أيضا للمنجز الحكومي فيما يخص مجموع مشاريع قوانين الصحافة والنشر، حيث سجل عدم ملاءمتها مع مقتضيات الدستور بشأن الثوابت، وذلك باستثناء الخيار الديمقراطي كثابت ضمن الثوابت، كما لم يتم إلغاء بشكل صريح العقوبات السالبة للحرية في قضايا التعبير عن الرأي، في حق الصحفيين.
ونبه النسيج أيضا إلى التأخر الذي مازال يطبع إقرار القانون التنظيمي المتعلق بتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، “إذ بالرغم من أن المخطط التشريعي وضعه ضمن فئة القوانين التنظيمية المبرمجة خلال سنة 2013، فإن الحكومة ظلت تتباطأ في تفعيل التزامها على هذا المستوى. واليوم والحكومة في نهاية ولايتها”، حيث لم تعمل سوى على إحداث اللجنة المكلفة بإعداد القانون التنظيمي المتعلق بالمجلس الوطني للغات والثقافة المغربية، وإعلانها عن فتح باب تلقي المذكرات واقتراحات المجتمع المدني والفاعلين والمهتمين بخصوص إعداد مشروع القانون التنظيمي المتعلق بتحديد مراحل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية”، حسب ما أورده النسيج في تقريره الرصدي للحصيلة التشريعية للحكومة.

فنن العفاني

Related posts

Top