حفل وطني وازن وإشادة بمسار حافل بالترافع عن حقوق الطفولة المغربية
أقامت منظمة الطلائع أطفال المغرب، مساء أول أمس الأربعاء بالمركب الثقافي عبد الله كنون بالدار البيضاء، حفلا كبيرا بمناسبة ذكرى مرور أربعين سنة على تأسيسها، مستحضرة مسارها الحافل بالعطاء والحضور والنضال الحقوقي في المشهد التربوي الوطني، حيث رسخت اسمها من خلاله بمداد من ذهب على صفحات مجال الطفولة والتخييم ببلادنا، واختارت منظمة الطلائع شعار “التزام، ترافع، تطوع”، عنوانا لهذه الذكرى، لإبراز هويتها ومسارها على مدى أربعين سنة وتخيلد ذكراها.
اختار مناضلو الطلائع مدينة الدار البيضاء الكبرى لإطفاء الشمعة الأربعين لميلاد هذه المنظمة التربوية الوطنية، بموازاة مع اختتام فترة التخييم بالطماريس، حيث سطر المنظمون برنامجا للحفل في منتهى الإبداع، عرف فقرات فنية، ولوحات تعبيرية وأغاني، وكوميديا وأنشطة ترفيهية، أبدع البراعم فيها.إنجازها وتقديمها
فكان النشيد الوطني في مستهل الحفل حيث وقف الجميع تحية للوطن واحتراما للعلم الوطني، ثم جاء النشيد الرسمي لمنظمة الطلائع بأصوات الأطفال الذين شكلوا كورالا منسجما مكونا من أربعين طفلا..
وعرف الحفل حضورا متنوعا وحاشدا، فوجود الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية نبيل بنعبد الله، وأعضاء من المكتب السياسي، زاد الحفل رونقا وجمالية، خاصة مع وجود 600 طفل أثثوا الفضاء العام للحفل..
وألقى الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية محمد نبيل بنعبد الله كلمة في بداية الحفل أمام حضور حاشد، أشاد فيها بداية بنشيد المنظمة وكلماته الإبداعية، منوها بمؤلف القصيدة الصحافي والكاتب المسرحي الحسين الشعبي على إبداعه في تخطيط ورسم هذه الكلمات وتأثيثها داخل قصيدة تبعث في النفس أملا وروحا جديدة. كما أشاد الأمين العام للحزب بجمالية لحن القصيدة أيضا حيث بعث تحية لملحنها الفنان محمد كريم المرابط. وعبر نبيل بنعبد الله، في كلمته، عن سعادته العارمة بتواجده في الذكرى الأربعين لميلاد منظمة الطلائع، مشيرا إلى فضل المنظمة في تكوين وصقل مواهب الآلاف من الأطفال والأطر المغربية. وهنأ الأمين العام للحزب الأطفال الحاضرين على تواجدهم في هذا الحفل الكبير الذي يجمع بين الأجيال، مؤكدا أن أطفال اليوم هم رجال ونساء المستقبل.
وذكر الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية بجذور المنظمة التي تعود لأربعين عاما مضت، شاكرا النساء والرجال الذين كان لهم الفضل في وجودها واستمرارها، مؤكدا على تضحية هؤلاء وعطائهم اللامتناهي للمنظمة لكي تصل لما وصلت إليه اليوم من إشعاع وحضور في إطار من الوفاء للمبادئ المؤسسة للعمل التربوي في خدمة الطفولة المغربية، مشيرا إلى أنها نفس المبادئ والقيم التي تعيشها منظمة الشبيبة الاشتراكية، وموضحا ذلك من خلال الشريط الذي قدم في بداية الحفل، والذي ارتكز في الأساس على تاريخ المنظمة وكيفية تأسيسها ومن تعاقبوا على قيادتها منذ البداية حتى الآن.
ونوه الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية برائد ومؤسس منظمة الطلائع والذي كان حاضرا في الشريط، وتمنى له الشفاء العاجل ألا وهو الرفيق محمد سالم لطافي..
فمنظمة الطلائع تميزت في البداية بتواجد امرأة على رأسها وهي المناضلة الوفية لحزب التقدم والاشتراكية، وعضوة مجلس رئاسته حاليا، بعد أن كانت عضوة في اللجنة المركزية للحزب وعضوة المكتب السياسي أيضا الرفيقة رشيدة الطاهري. وأشاد الأمين العام بالرؤساء الآخرين الذين جاؤوا فيما بعد وأثنى على خدماتهم ووفائهم للمنظمة، وتحملهم المسؤولية لسنوات عديدة في قيادة منظمة الطلائع، مبينا فضلهم الكبير في مواصلة مشوار وأهداف المنظمة.
واعتز الأمين العام بكل فخر بالرئيس الحالي للمنظمة محمد حجيوي، وحياه على تحمله المسؤولية، وتمنى له النجاح في ما سيأتي من مهام، وأنه واثق منه ومن خبراته.
هذا ورجع بنا الأمين العام للحزب لسنوات قبل رئاسة محمد حجيوي، ليعبر عن شكره وامتنانه للرئيس السابق الرفيق رشيد ركبان وعلى دوره الأساسي في كتابة التاريخ الحديث لهذه المنظمة، وجعلها منظمة من أهم المنظمات الوطنية المصطفة في مختلف التنسيقيات التي تضم المنظمات التربوية الوطنية.
وأوضح المتحدث أن هذا الحفل مناسب جدا للتأكيد على كل ما قامت به المنظمة، ليس فقط على الصعيد التربوي بل أيضا وأساسا من خلال مجهودات خاصة بها، قائلا “أنا شاهد على ذلك إذ أنه في غالب الأحيان، كانت هذه المنظمة تقوم بكل المجهودات والمبادرات والأنشطة ارتكازا على إمكانياتها الذاتية، سواء كانت مادية أو معنوية لتستمر إلى اليوم في مواصلة العمل على نفس المنوال”، مضيفا وهو يتوجه لمناضلات ومناضلي المنظمة: “سيظل حزب التقدم والاشتراكية سندا لكم، ودعمنا السياسي والتنظيمي لكم سيكون دائما قويا من خلال الحزب الذي أسس هذا التنظيم للدفاع عن حقوق الطفولة، منظمة الطلائع، أطفال المغرب”.
وأشاد الأمين العام بمنظمة الطلائع لأنها كانت رائدة وفي المستوى المطلوب، وتميزت بجديتها ومصداقيتها وبأخلاقها العالية التي ترسخها في نفوس الأطفال المنتمين لها، وهنا، يؤكد الأمين العام، يجب أن نقف عند نقطة مهمة، مفادها أن المنظمة كونت أطرا وطنية كبيرة، البعض منهم تحمل مسؤوليات برلمانية وحزبية وإدارية وغير ذلك، والفضل كله يعود إلى التكوين الذي لقن لهم في السنوات الأولى من الطفولة.. وأكد الأمين العام أيضا على ضرورة مواصلة هذا المسار والمضي على هذا النهج بنفس القيم والمبادئ، لتكريسه في أوساط المجتمع المغربي وفقا لما يسعى إليه شعبنا من تقدم وازدهار ورخاء، على مختلف المستويات.. ودعا الأمين العام أيضا إلى مواصلة الالتزام المطلق والترافع والتطوع لصالح كل ما هو مرتبط بقضايا الطفولة وحقوقها، فالطفل هو لبنة المجتمع وأساسها.
وختم الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية كلمته بالوقوف على المأساة التي يعيشها أطفال فلسطين الشقيقة، والذين يتعرضون للقتل والإبادة ومحاولة تصفيتهم، وتصفية أمهاتهم وآبائهم، حيث أوصى الأمين العام جمهور الأطفال على تذكر هذا الشعب العظيم الذي يدافع بكل ما أوتي له من قوة على كل شبر من بلاده.
وأشار الأمين العام أيضا إلى قضية أخرى مرتبطة بأطفال شعبنا المتواجدين بمخيمات تيندوف، فهؤلاء يعيشون ظروفا صعبة وقاسية، تجرد منهم طفولتهم، حيث يتعرضون للتدريب العسكري الإجباري، والتجنيد الفكري والإيديولوجي، مع العلم أن مكانتهم الطبيعية هي تواجدهم بين أحضان شعبهم، للاستمتاع بطفولتهم، لكي ينعموا كغيرهم بخيرات هذا الوطن العزيز على قلوبنا..
وتمنى الأمين العام للحزب لمنظمة الطلائع أطفال المغرب مزيدا من النجاح والتألق في أفق أن تحتفل بذكراها الستين والسبعين والمائة.
وكان رئيس منظمة الطلائع محمد حجيوي قد القى كلمة افتتاحية في مستهل هذا الحفل، مهنئا أطفال وأطر الطلائع بالذكرى الأربعين على ميلاد هذه المنظمة، وأوضح في كلمته أن اختيار شعار “التزام، ترافع، تطوع” لم يكن صدفة، بل يأتي ليؤكد أن هذه المحطة من مسار المنظمة تعد فارقة في تاريخها، بعد مسار حافل بالعطاء والنضال الحقوقي والتواجد التربوي.
وشكر محمد حجيوي كل من ساهم في وصول المنظمة إلى هذه المحطة، وجعلها رائدة ولها مصداقية، مؤكدا أن الاحتفال هذه السنة له طابع مميز، فأغلب المساهمين فيه هم أطفال الطلائع من مختلف ربوع هذا الوطن الذي نعشقه جميعا.. ولم يفت رئيس المنظمة أن يتوجه بالشكر لأطر المخيم الوطني بطماريس وعلى رأسهم منير البوجيدي مدير المخيم، ومساعده حمودة الشاكري، وكل أفراد طاقمه الذين أبانوا على قدر عال من الجدية والمسؤولية، والانضباط.. فلهم ولكل الفروع التي شاركت في إنجاح هذه الفاعلية جميل الشكر والتقدير.
وذكر محمد حجيوي بالسياق الذي تخلد فيه الذكرى والمتسم وطنيا بترقب مخرجات النقاش العمومي حول مدونة الأسرة، حيث أوضح أن للموضوع أهمية كبيرة بالنسبة للجميع ولمنظمة تربوية ذات منشأ حقوقي تعنى بقضايا وبحقوق الأطفال في شموليتها كمنظمة الطلائع أطفال المغرب.
وأكد المتحدث على تفاؤله لمدونة جديدة “تراعي مصلحة الطفل الفضلى، وتعترف بشكل صريح بالأطفال كأصحاب حقوق انطلاقا من المرجعيات الأساسية التي تؤطر اشتغال منظمتنا التي تعنى بحقوق الطفل، وتسند مقاربتها الترافعية، والمتمثلة أساسا في الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل التي وقع عليها المغرب سنة 1990، وفي دستور المملكة الذي أقره المغاربة سنة 2011”.
وختم حجيوي كلمته بتأسفه على كل ما يتعرض له الأطفال والنساء في قطاع غزة وفي فلسطين عموما، من إبادة جماعية، ومن حرمان وتجويع، وتهجير في تحد صارخ لكل المواثيق الدولية ذات الصلة بحقوق الأطفال وبحقوق الإنسان عموما.
ولربط الحاضر بالمستقبل، لا بد من مداخلة للكاتب العام للشبيبة الاشتراكية يونس سراج، والذي أكد من خلال كلمته أمام الحاضرات والحاضرين، على أن هذه المناسبة يجب اغتنامها للبوح عن مدى اعتزاز منظمة شباب التقدم والاشتراكية والعلاقة الرفاقية التي تجمعها بقيادة وقواعد منظمة الطلائع أطفال المغرب، المنظمة التربوية والحقوقية الرائدة في مجال الطفولة، والتي ولدت من رحم “الشبيبة المغربية للتقدم والاشتراكية” سابقا ومنظمة “الشبيبة الاشتراكية” حاليا.
ورجع بنا يونس سراج لسنة 1978 حيث كانت منظمة الطلائع مجرد ناد، ضمن هياكل منظمة الشبيبة ءانذاك، وكان المشعل الذي يسلط الضوء على حياة الطفل وحقوقه، وخلية التفكير في هذا المجال، في سياق حركة الطلائع العالمية التي كانت مشكلة مع حركة الشبيبة التقدمية العالمية، ليستمر بعد ذلك العمل التربوي والحقوقي، إلى أن سار تنظيما قائما بذاته سنة 1984 وهو تاريخ انعقاد المؤتمر الوطني التأسيسي لمنظمة الطلائع داخل منظمة الطلائع أطفال المغرب عزيز بلال، وسميت على هذا المناضل عرفانا بعطاءاته ووفاء لروحه وسيرا على دربه، حيث ظل هذا الاسم خالدا في ذاكرة منظمة الطلائع أطفال المغرب ومنظمة الشبيبة الاشتراكية، وداخل المدرسة السياسية لحزب التقدم والاشتراكية.
وختم رئيس الشبيبة كلمته بتأكيده أنه بالرغم من استقلالية منظمة الطلائع أطفال المغرب، إلا أن جل شباب منظمة الشبيبة الاشتراكية، مروا من هذا الفضاء التربوي والحقوقي المتميز، وتربوا داخل هياكلها واستفادوا من أنشطتها وتداريبها التي تنظمها، وهو ما يحتم صيانة هذه العلاقة المتميزة التي جمعت بين المنظمتين طيلة العقود الأربعة الماضية، والدفع بها قدما من خلال خلق برامج عمل وأنشطة في القريب العاجل وبلورة رؤى ومواقف موحدة في القضايا ذات الاهتمام المشترك وخاصة فيما يتعلق بالشباب واليافعين.
وكان لمدير المخيم منير البوجيدي مداخلة في هذا الحفل الكبير، حيث عبر من خلالها على فرحته لتواجده في هذه المناسبة، شاكرا رئيس منظمة الطلائع أطفال المغرب على أعماله اتجاه المنظمة، ومؤكدا أن الطفل هو أساس المجتمع وتلقينه أسس وركائز تربوية ستبني نساء ورجالا يعول عليهم في المستقبل.
وفي الحفل كرمت وجوه كان لها الفضل في إشعاع المنظمة التاريخية، ووجوه أخرى مختلفة ومتنوعة في مجالات متعددة، والذين واكبوا عمل المنظمة باحترافية طيلة الأربعين سنة الماضية، من ضمنها رئيسة جمعية صورة الفنانة نادية أقراوش، والمخرج المسرحي والسنيمائي أيوب العياسي الذي أعطى الكثير في مجالات الكتابة والإخراج للمسرح والسينما، والذي يعد، كما وصفه زميله المسرحي الحسين الشعبي، نموذجا للفنان المثقف والملتزم.. وبهذه المناسبة عبر الفنان العياسي لجريدة بيان اليوم عن سعادته لتكريمه داخل هذا الحفل البهيج، من طرف منظمة الطلائع أطفال المغرب، فهذه المنظمة، يقول الفنان المكرم، مهمة جدا على مستوى الترافع على حقوق الطفل، وكذلك على مستوى الظروف الاجتماعية للأطفال، وأكد أنها تساهم على مستوى التنشئة التربوية، وأن دور المثقف والفنان هو المساهمة من خلال أعماله الفنية في تأطير هذه الفئة، لأن الثقافة ليست ترفيها فحسب، بل هي أساس بناء المجتمع، وحتى إن كانت ترفيها فهي حمولة والتزام وترافع وتطوع، موضحا أنه وإن لم ينتم للمنظمة مباشرة لكنه ترعرع داخل اتحاد المنظمات التربوية، وكان طفلا ويافعا وشابا في المخيمات التربوية، مؤكدا على أهمية انخراط الأطفال من أجل تكوينهم وتثقيفهم..
< هاجر العزوزي
< تصوير: طه ياسين شامي