60 ألف حادثة شغل مميتة سنويا في قطاع البناء والأشغال العمومية

قال عبد السلام الصديقي وزير التشغيل والشؤون الاجتماعية إن مستخدمي قطاع البناء والأشغال العمومية، يعدون الأكثر عرضة لحوادث الشغل، إذ يسجل سنويا على الصعيد العالمي حوالي 60.000 حادثة مميتة.
وأضاف الصديقي الذي كان يتحدث أمس الثلاثاء بالرباط في يوم وطني إخباري للتحسيس حول “المخاطر المهنية ووسائل الوقاية منها بقطاع البناء والأشغال العمومية”، أن 10 بالمئة من حوادث الشغل التي تم التوصل بها من طرف المصالح الخارجية للوزارة تهم قطاع البناء والأشغال العمومية. مشيرا إلى أنه رغم النمو الاقتصادي الملحوظ الذي عرفه المغرب والذي أدى إلى تحقيق طفرة غير مسبوقة في قطاع البناء والأشغال العمومية، لا يزال هذا القطاع يعرف بعض الإكراهات، والتي على رأسها المعطيات السالفة الذكر التي أوردتها منظمة العمل الدولية.
المسؤول عن قطاع التشغيل بالمغرب أكد أن هذه الوضعية أضحت مقلقة للغاية سيما وأن غالبية العاملين بالقطاع وخاصة منه القطاع غير المهيكل لا يستفيدون من أية تغطية ضد الأخطار المهنية، “مما يستوجب منا – يقول الصديقي- حكومة ومهنيين ونقابات وشركات التأمين العمل على توفير ظروف عمل ملائمة لهذه الفئة من الأجراء حماية لصحتهم وسلامتهم”.
وشدد الصديقي على أن الصحة والسلامة في العمل جزء لا يتجزأ من التنمية البشرية، موصيا على ضرورة أن تضعه الحكومة في صلب اهتماماتها حتى يتلاءم مع التطورات السريعة لتقنيات الإنتاج والتحولات التي تؤثر على تركيبة القوى العاملة (النساء والشيخوخة)، والأنماط الجديدة في العمل (العمل المؤقت)، وطرق تنظيم العمل (العمل الليلي والعمل بنظام التناوب). بالإضافة إلى العمل على التصدي للمخاطر والأمراض الجديدة بسبب التوتر والعنف داخل فضاءات العمل (المخاطر النفسية).
وأوضح الصديقي أن العمل في بيئة آمنة وصحية حق، وجب ضمانه لجميع العمال. مؤكدا على أن الحكومة وأرباب العمل والعمال مطالبون بتكثيف الجهود لضمان بيئة عمل صحية ولائقة من خلال بلورة نظام للالتزامات والحقوق المحددة بدقة، يتبوؤها مبدأ الوقاية من المخاطر المهنية لأن التنمية الاقتصادية، يقول الصديقي، لا يمكن ولا يجب أن تتم على حساب صحة العمال أو سلامتهم.
المسؤول الحكومي أشار، أيضا، إلى أن وزارة التشغيل والشؤون الاجتماعية اعتمدت في هذا المجال سياسة استوحت مبادئها من اتفاقيات العمل الدولية خصوصا الاتفاقية رقم 187 المتعلقة بالإطار الترويجي للسلامة والصحة في العمل، والتي صادق عليها المغرب. بحيث تهدف هذه الاتفاقية، كإطار ترويجي، إلى إدخال تحسينات مستمرة على السلامة والصحة المهنيتين للوقاية من المخاطر المهنية، واتخاذ التدابير الفعالة لتحقيق بيئة عمل آمنة وصحية وذلك بصفة تدريجية وكذا النهوض بثقافة الوقاية من المخاطر المهنية.
وانطلاقا من هذه المرجعية الدولية، يقول الصديقي “إن المغرب مطالب بوضع سياسة وطنية ونظام وطني وبرنامج وطني للسلامة والصحة في العمل، وذلك بتشاور مع المنظمات المهنية للمشغلين وللأجراء”. مضيفا أن وزارة التشغيل والشؤون الاجتماعية بلورت من جهتها، في هذا الإطار، استراتيجية للنهوض بالصحة والسلامة في العمل ترتكز على أساسا على تحسين وتأهيل الإطار التشريعي والتنظيمي للصحة والسلامة في العمل”. كما تروم الاستراتيجية كذلك، حسب الصديقي، تعزيز وتحسين مراقبة تطبيق القوانين المتعلقة بالصحة والسلامة المهنيتين، فضلا عن تعزيز الحوار الاجتماعي في هذا المجال وتعزيز ثقافة الوقاية من الأخطار المهنية.
كما كشف عبد السلام الصديقي في هذا السياق أنه تم إصدار القانون رقم 12-18 المتعلق بالتعويض عن حوادث الشغل والنصوص التطبيقية له.  ويهدف هذا القانون أساسا إلى إحداث نظام عصري ومتطور للتعويض عن جميع الأضرار المترتبة عن حوادث الشغل، ويرتكز على المبادئ والقواعد المتعارف عليها في التأمين الاجتماعي. كما يروم حسب الصديقي توفير الحماية الاجتماعية للمصابين بحوادث الشغل أو لذوي حقوقهم في حالة الوفاة.  
من جانبه أكد محمد نبيل بنعبد الله وزير السكنى وسياسة المدينة أن قطاع السكن باعتباره قطاعا حيويا عرف خلال السنوات الماضية تطورا كبيرا جعل عدد العاملين بهذا القطاع يتضاعف بشكل كبير، إذ تشير الإحصائيات إلى أن هناك أزيد من مليون عامل بالإضافة إلى عدد المقاولات المشتغلة بدورها في القطاع.
وسجل نبيل بنعبد الله في هذا السياق أن التحدي الأساس المطروح هو إدخال هذه المقاولات إلى القطاع المهيكل من أجل أن تستطيع الدولة فرض القواعد والقوانين المعمول بها على هذه المقاولات وجعلها تحترم المعايير المتفق عليها.
وأكد بنعبد الله أن ما يهم وزارة السكنى وسياسة المدينة هو تنظيم القطاع وتأطيره بترسانة من القوانين وتعزيز القوانين الموجودة من أجل التأسيس لمشاريع ذات جودة عالية وتحترم جميع القوانين المعمول بها لا سواء المتعلقة بحقوق العاملين ولا المتعلقة بسلامة الأوراش وجودتها.
وكشف المسؤول الحكومي أن وزارة السكنى وسياسة المدينة، بالإضافة إلى العديد من الأطراف الفاعلة في قطاع البناء، اشتغلت منذ سنوات على مشروع قانون منظم لعملية البناء وكذلك منظم ومؤطر لجميع المتدخلين والفاعلين في قطاع البناء. مؤكدا أن هذا القانون جاهز وينتظر فقط أن تتم المصادقة عليه، حيث أشار بنعبد الله إلى أنه عرض على الأمانة العامة للحكومة، في انتظار أن تصادق عليه الحكومة المقبلة باعتبار أن الحكومة الحالية حكومة تصريف أعمال فقط.
كذلك أكد بنعبد الله أن هناك عملا من أجل تأطير المقاولات ودفعها في اتجاه تقديم حصيلة دورية إجبارية من أجل الوقوف على أهم التطورات والإلمام بالتصور العام الذي تتم به الأشغال. مما سيساهم كذلك في ترسيخ المبادئ العامة للاشتغال بهذا القطاع وفي نفس الوقت ضمان صحة وسلامة العاملين.
وأوضح نبيل بنعبد الله أن كل هذه الخطوات والمقتضيات يتضمنها كذلك قانون التأمين الذي اشتغلت عليه وزارة المالية ومديرية التأمين، والذي أكد أن وزارة السكنى ساهمت فيه وشاركت في صياغته من خلال اقتراح مقتضيات تنص على تأمين الأوراش قصد النهوض بالقطاع والتوجه نحو تأمين أوراش البناء والعاملين بالقطاع بشكل عام. وذلك من خلال إقرار منسق السلامة بالأوراش خصوصا تلك التي يتجاوز عدد العاملين بها 50 شخص.
إلى ذلك قدم ادريس مرون وزير التعمير وإدارة التراب الوطني في اللقاء الذي تنظمه وزارة التشغيل والشؤون الاجتماعية على هامش الحملة الوطنية حول الصحة والسلامة في العمل، عرضا حول أهم التحديات والاختلالات التي تواجه تنظيم قطاع الأشغال العمومية.
ورصد مرون في كلمته العديد من الخروقات التي تشوب الأشغال العمومية من حيث سلامة العاملين وسلامة الناس كذلك، بحيث تفتقد العديد من الورشات خصوصا منها التي تنجز أشغالا بالشوارع العمومية إلى إرشادات وشروط السلامة، حيث أكد على ضرورة تضافر الجهود من جل تجاوز هذه الإكراهات وتأطير هذه القطاعات بما يضمن الجودة من جهة والصحة والسلامة من جهة أخرى.
يشار إلى أنه تم خلال ذات اللقاء التوقيع على ميثاق حول الوقاية من المخاطر المهنية في قطاع البناء والأشغال العمومية، أنجزته وزارة التشغيل والشؤون الاجتماعية، حيث وقعه العديد من المتدخلين والفاعلين في قطاعات البناء والأشغال العمومية.
جدير بالذكر، كذلك، إلى أن اللقاء يندرج ضمن الإجراءات المتخذة لتنفيذ المخطط الاستراتيجي للوزارة لسنة 2017 والذي يضم من بين محاوره الأساسية محور يتعلق بالوقاية من المخاطر المهنية بقطاع البناء والأشغال العمومية. حيث تعتزم الوزارة برسم سنة 2017 النهوض بثقافة الوقاية من المخاطر المهنية في قطاع البناء والأشغال العمومية وذلك من خلال تنظيم حملة للتحسيس والإعلام في مجال الصحة والسلامة في العمل بهذا القطاع، والتي تم إطلاقها على هامش هذا اليوم الوطني، كما ستتم مواصلة هذه العملية بتنظيم ستة أيام جهوية بكل من الدار البيضاء و العيون وفاس ومراكش وطنجة ووجدة على التوالي أيام 16 و20 و22 و27 فبراير و1 و6 مارس 2017.

محمد توفيق أمزيان

Related posts

Top