تحظى بعض المجلات الخليجية التي تعنى بالخصوص بالأدب والفن والمعرفة؛ باهتمام كبير من لدن قطاع واسع من القراء والمثقفين المغاربة.
***
يرجع هذا الاهتمام أولا إلى شبه خلو ساحة النشر ببلادنا من مجلات من هذا النوع، منتظمة الصدور: خلا لك الجو فبيضي واصفري.
ومن أسباب الاهتمام كذلك بتلك المجلات الخليجية المادة الفكرية والأدبية التي توفرها لقرائها، فضلا عن أن كل عدد من أعدادها يشتمل على هدية عبارة عن كتيب، إما في الفكر وإما في الأدب، دون أن نغفل الإشارة إلى السعر الذي يعد في متناول مختلف شرائح المجتمع، والإخراج الفني الراقي الذي تتميز به، إلى حد أنه يمكن القول إن سعر العدد لا يكاد يغطي تكلفته المادية، وهذا هو نموذج المؤسسات غير الربحية، ولا شك أن الربح الأكبر بالنسبة إليها هو تقديم صورة محترمة عن بلدها باعتباره متحضرا.
اللافت للانتباه بخصوص هذه المجلات الواردة من الخارج، من الخليج أساسا، أن النسبة الأكبر من المشاركين فيها هم من المغرب، هم مغاربة، من أجيال مختلفة، مما يدل على الاحترام الذي بات يفرضه كتابنا ومثقفونا على الناشر الأجنبي.
لنأخذ على سبيل المثال العدد الأخير من مجلة الدوحة التي تصدر من قطر، إن أدباءنا حاضرون في مختلف أبواب هذه المجلة: في المقال الأدبي والعلمي، والنقد والفكر والفن والحوار ووو.. حتى الكتيب الذي يضمه العدد والذي يتمحور حول الكاتب الأرجنتيني المعروف خورخي لويس بورخيص، هو من ترجمة كاتب مغربي كذلك.
هناك هجرة للأقلام المغربية نحو المجلات الأجنبية، وبطبيعة الحال فإن هذا الوضع يؤثر بشكل سلبي على حركية النشر ببلادنا، خصوصا عندما يتعلق الأمر بأسماء أدبية محترمة، يعتد بكتاباتها.
صحيح أن ساحة النشر ببلادنا تفتقر إلى مجلات منتظمة الصدور، وهو ما يدفع تلك الأقلام إلى البحث عن مساحة للنشر خارج الحدود، غير أنها يمكن لها أن تساهم في تغيير وضع الجمود الذي تتخبط فيه ساحتنا الثقافية من حيث النشر، عن طريق الحفاظ على حضورها والصمود في وجه مختلف الإكراهات.
***
حين تصدر مجلة أو ملحق ثقافي لجريدة ما ببلادنا دون أن يعثر فيها القارئ على الأسماء التي يود ويتشوق لأن يقرأ لها بسبب هجرتها، أو ببساطة، بسبب عزوفها عن النشر لاعتبارات قد تكون موضوعية أو شخصية، حين يكون هذا هو حال النشر عندنا؛ فإننا لا نعدو أن نكرس الجمود وقد لا أجازف بالقول: نرسخ التخلف.
عبد العالي بركات