قطعت الحركة الامازيغية أشواطا، وخطوات متعددة قبل أن تحظى ببعض من المكاسب، ولعل أبرزها اعتراف الدولة المغربية بالمكون الثقافي الامازيغي، وروافده المتعددة.
وكان خطاب “أجدير” محطة هامة في تاريخ الحركة الامازيغية، حيث انبثق عنه ما بات يعرف “بالمعهد الملكي للثقافة الامازيغية”، ومن أبرز المهام المنوطة بهذه المؤسسة، إعادة الاعتبار للمكون الثقافي الامازيغي، الذي هو جزء لا يتجزأ من النسق الثقافي العام للشعب المغربي.
فالإنسان الامازيغي منذ عهود، لا زال يبحث عن كسب اعتراف رسمي بهويته ولغته وثقافته من خلال دستور ديمقراطي يحترم كل مكونات الشعب المغربي. ومن بين أهم المكاسب أيضا للحركة الأمازيغية، تدريس اللغة الامازيغية في المدارس الحكومية، لكن هذا المكسب يصطدم بعدة صعوبات وعراقيل ويعاني من مجموعة من الاختلالات مست جميع هياكله من التكوين إلى التدريس، فتدريس الامازيغية في بداية المشوار الدراسي للتلميذ، يصطدم بإشكالية اكتساب المعارف بالنظر إلى صعوبة التكيف مع هذا الوافد الجديد،
وكذا عدم ملائمة المقررات الدراسية وعمر التلميذ، فهي مقررات لا تراعي الجانب السيكو-ذهني للتلميذ، فآلية اكتساب المعارف هي آلية جد معقدة بالنظر إلى المستوي العمري لفئة التلاميذ، كما أن تدريس ثلاث أنماط من الحروف (عربية، فرنسية، أمازيغية) في المرحلة الابتدائية، هي عملية يمكن وصفها بالصعبة والمعقدة. ورغم هذا فان الإنسان الأمازيغي، استحسن هذه البادرة، فهي في نظره التفاتة صريحة لشخصه وثقافته. وفي هذا الصدد، يقول أحد أساتذة التعليم الابتدائي: “تواجه عملية تدريس الامازيغية عدة عراقيل، في مقدمتها ضعف التكوين والتأطير لأساتذة هذه المادة الدراسية (كيف تصبح أستاذ اللغة الامازيغية في ظرف أسبوع)، فهو تكوين ضعيف تشوبه عدة ثغرات وكذا عدم قدرة التلميذ على مسايرة هذا الكم الهائل من المواد الدراسية خاصة في المرحلة الأولى من التعليم الابتدائي، إلى جانب صعوبات أخرى، من قبيل صعوبة الخط الامازيغي (تفيناغ) في الشكل والنطق” ويقول أستاذ آخر: “اللغة الامازيغية هي موضة العصر الحالي بالمغرب، الكل يسعى وراءها خدمة لمصالحه الشخصية وتدريس اللغة الامازيغية، ما هي إلا لعبة سياسية تتباهى بها الدولة المغربية من اجل إسكات الصوت الامازيغي والمعهد ليس إلا وسيلة لعكس هذا التباهي”·
وعن الجدوى من تدريس الامازيغية يقول احد الآباء: “أش غادي كاع تزيدنا هذه الامازيغية إلى قرينها وحلين تا مع العربية والفرنسية” في حين يقول شاب آخر”حنا خاصنا الخدمة والامازيغية ما كلينا بها الخبز”· هناك عدة أراء حول هذا الموضوع، فهي متباينة ولكن هي مفيدة لفهم واقع تدريس اللغة الامازيغية. فالمهم ليس تدريس هذه اللغة، بل إدماجها في الحياة السياسية والثقافية وكل المجالات الحياتية للمواطن المغربي باعتبارها لغة حية ومستمرة في الزمان والمكان وجعلها رسمية إلى جانب اللغة العربية. وفي هذا الصدد، يقول احد تلاميذ الثانوية التأهيلية بويزكارن: “اللغة الامازيغية تعاني من التهميش ومن الجيد أنها تدرس ولكن يجب أن تكون هناك استمرارية والمتابعة حتى نهاية المسار الدراسي للتلميذ” ويضيف آخر “يجب تعيين أساتذة متخصصين في اللغة الامازيغية (ماجستير الدراسات الامازيغية) ذوي تكوين عالي كما يجب على الدولة إنشاء مدارس عليا لأساتذة اللغة الامازيغية على غرار باقي المواد”·
وبالرغم من كل هذه الآراء والاقتراحات يبقى الحل لهذه المسالة في يد السلطات المعنية التي مازلت متعسفة في حق هذا المكون العريق.