توصلت دراسة جديدة إلى أن الأشخاص الذين يعيشون في منطقة ذات تلوث هواء مرتفع هم أكثر عرضة للوفاة بعد الإصابة بفيروس كورونا.
وجاءت هذه النتائج عبر دراسة أجراها باحثون في جامعة “هارفارد” ونشرت نتائجها جريدة “دايلي ميل” البريطانية، حيث وجد الباحثون أن للتلوث آثارا أكبر على المصابين بفيروس كورونا المستجد في جميع أنحاء العالم.
وركزت الدراسة على جزيئات صغيرة يقل حجمها عن 2.5 ميكرومتر، وهي ملوث خطير ينبعث من مصادر مختلفة، بما في ذلك عوادم السيارات.
كما وجد الباحثون أن زيادة طفيفة قدرها ميكروغرام واحد فقط لكل متر مكعب من هذا التلوث تزيد من فرصة الوفاة بعد الإصابة بفيروس كورونا وبنسبة تبلغ 11 في المئة.
وجمع فريق البحث بيانات عن حالات كوفيد-19 والوفيات من جامعة “جونز هوبكنز” وهي الجامعة التي ترصد انتشار الفيروس وحالات الإصابة منذ ظهوره في الصين نهاية العام الماضي ثم انتشاره حول العالم في بداية العام الجاري.
وتم جمع بيانات تلوث الهواء في جميع أنحاء الولايات المتحدة من خلال مجموعة من قراءات الغلاف الجوي ونماذج الكمبيوتر.
وتم جمع البيانات حتى 18 يونيو 2020 وجاءت من 3089 مقاطعة في الولايات المتحدة تمثل 98 في المئة من السكان الأمريكيين.
وتظهر البيانات المستمدة من الدراسة أن مستويات المادة التي تسبب التلوث والتي تدعى “PM2.5” في جميع أنحاء الولايات المتحدة تتباين بشكل كبير، مع وجود بعض المناطق التي لا يوجد بها تقريباً أي نقاط ساخنة، وفي الغالب حول المدن الكبرى، حيث تزيد المستويات عن 12 ميكروغرام لكل متر مكعب.
وجمعت الدراسة البيانات في الولايات المتحدة فقط، لكن الباحثين يقولون إن التلوث تجاوز المستويات الآمنة في جميع أنحاء العالم، وهذه الآثار تنطبق على المصابين بكورونا أينما كانوا في العالم.
وحدد الباحثون التلوث المرتفع بمستويات “PM2.5” التي تزيد عن 13 ميكروغراما لكل متر مكعب من الهواء، وذلك على الرغم من أن الحد الآمن الذي أوصت به منظمة الصحة العالمية هو 10 ميكروغرام لكل متر مكعب للمتوسط السنوي.
وقال الدكتور مارك ميللر من جامعة إدنبرة، والذي لم يشارك في الدراسة: “كانت مستويات تلوث الهواء في هذه الدراسة متواضعة إلى حد ما”.
وأضاف: “بينما يتم إجراء هذه الدراسة في الولايات المتحدة الأمريكية، فانه لا يوجد سبب للاعتقاد بأن وضعاً مشابهاً لن يحدث في بريطانيا أو في أي مكان آخر في العالم”.
وكان القائمون على الدراسة قد أصدروا سابقًا نتائجهم الأولية في نيسان/أبريل، ومن ثم شهد الباحثون ارتفاعاً بنسبة ثمانية في المئة في معدل وفيات مرضى كورونا بعد ارتفاع قدره 1 ميكروغرام لكل متر مكعب في “PM2.5”.
وقالت فرانشيسكا دومينيتشي، أستاذة الإحصاء الحيوي والسكان وعلوم البيانات بجامعة هارفارد: “إذا أخذنا منطقتين جغرافيتين متشابهتين جدا مع بعضهما البعض، لكن إحداهما تعرضت لمستوى أعلى من تلوث الهواء، وحتى مستوى أعلى قليلا من تلوث الهواء، من المنطقة الأخرى، فإن المنطقة الأكثر تلوثاً ستشهد مستوى أعلى من الوفيات بكورونا”.
ولم تقدم الدراسة أي تفسير لسبب ارتباط تلوث الهواء بزيادة خطر الوفاة بعد الإصابة بفيروس كورونا، حسب ما أورد تقرير “دايلي ميل” إلا أنه من المعروف أن “PM2.5” تسبب أضرارا عندما تدخل في الجهاز التنفسي العلوي، مما يتسبب في إحداث فوضى في الأنف والحلق والرئتين.
وكتب الباحثون: “لقد تم الافتراض بأن التعرض المزمن للتلوث يسبب إفراطا في التعبير عن مستقبل الإنزيم المحول للأنجيوتنسين ويضعف دفاعات المضيف”.
ويضيف المؤلفون: “يمكن أن يتسبب هذا في شكل أكثر حدة من كوفيد-19 في الرئتين المستنفدين للإنزيم المحول للأنجيوتنسين 2 مما يزيد من احتمالية النتائج السيئة، بما في ذلك الموت”.
ويضيف الدكتور ميلر: “بشكل عام، تسلط هذه النتائج الضوء على رابط يحتاج بشكل عاجل إلى مزيد من الدراسة لفهم ما إذا كانت هذه المخاطر المتزايدة هي نتيجة مباشرة لتلوث الهواء، وإذا كان الأمر كذلك، فكيف يحدث ذلك”.
يشار إلى أن تلوث الهواء انخفض في جميع أنحاء العالم في أعقاب عمليات الإغلاق الأولية لفيروس كورونا حيث حدت الإجراءات الصارمة من السفر والتنقل ما قلل من استخدام المركبات والطائرات.
وكشفت دراسة سابقة أن إغلاق الصين وإجراءات مكافحة فيروس كورونا أدت إلى خفض تلوث الهواء بمقدار الربع في بعض المدن.
ويقول العلماء إنه إذا استمر هذا المستوى المنخفض من التلوث، فسوف ينقذ ما يصل إلى 36 ألف شخص شهري.
التلوث يفاقم من أزمة وباء كورونا
الوسوم