شكلت جائحة كوفيد-19 حدث سنة 2020 بامتياز باعتبار التداعيات التي خلفتها وما زالت عبر دول العالم، على أكثر من قطاع، بما في ذلك قطاع الثقافة والفن بالمملكة الذي “تجمد بشكل شبه تام”، إلى جانب الخسارة الفادحة التي تكبدها برحيل عدد من رواده، ما يجعل من السنة التي نشرف على توديعها بمثابة “سنة شبه بيضاء متشحة بالسواد”.
فمنذ بدء العمل بحالة الطوارئ الصحية التي فرضت بالمملكة لتجنب تفشي فيروس كورونا، عرفت الشهور التسعة الأخيرة من سنة 2020، في المجمل، توقفا شبه تام للفعاليات الثقافية والفنية التي كانت أول ما طاله المنع وآخر ما تم استئنافه، بل إن بعض الأنشطة لم تستأنف بعد بسبب طبيعتها الجماهيرية، سواء تعلق الأمر بالمسرح أو السينما أو المهرجانات الموسيقية.
هذا التشخيص أكده محمد لطفي المريني، رئيس مؤسسة سلا للثقافة والفنون، الذي اعتبر أن سنة 2020 كانت “بالنسبة للثقافة والفنون سنة شبه بيضاء”، موضحا أن السبب في ذلك يعود إلى كون معالجة جائحة كوفيد -19 فرضت قيودا على الحركة والتجمعات، وتسببت في إرجاء التظاهرات الكبيرة، وفي إقفال المكتبات والمؤسسات الثقافية بما فيها قاعات العرض، وإلغاء عروض المهرجانات التي كانت تقام في الساحات العمومية.
وأضاف المريني في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن هذا الأمر “أدى إلى شلل شبه تام للوظائف الفنية والثقافية في الفضاء العمومي”، كما أرخى بثقله على الوضع الاجتماعي لفئة واسعة من العاملين في القطاعات المرتبطة بالفنون والثقافة، حيث إن “ما يناهز مائة ألف عائلة يعمل أربابها في هذا المجال، تضررت بشكل مباشر من هذا التوقف”.
واعتبر رئيس مؤسسة سلا للثقافة والفنون أن الدعم الاستثنائي الذي منحته وزارة الثقافة والشباب والرياضة قد خفف من شدة آثار الجائحة على المشتغلين في القطاع، خاصة في مجالات النشر والإبداع، وذلك “في وقت شحت فيه الإعانات التي تقدمها الجماعات الترابية لارتباطها الوثيق بتنظيم التظاهرات الثقافية والفنية”.
وفي واقع الأمر، فوحده “الهبوط الاضطراري” للأنشطة والتظاهرات الفنية والثقافية في العالم الافتراضي، أفسح المجال للفن للصمود في مواجهة الجائحة حيث لجأ منظمو العديد من المهرجانات السينمائية والتظاهرات الموسيقية إلى عقد نسخ افتراضية على وسائل التواصل الاجتماعي، سعيا إلى ضمان استمرار التواصل مع الجمهور، وتخفيف التداعيات على نفوس العديد من المواطنين أمام حالة اللايقين التي خلقتها الجائحة، لاسيما خلال فترة الحجر الصحي.
وفي هذا الصدد، يرى المريني أن استغلال الوسائط الاجتماعية من طرف الفاعلين الثقافيين لتقديم الأنشطة الثقافية قد ساهم في “تعويض نسبي لما ضاع من العرض الثقافي”، معتبرا في الوقت ذاته أنه “كان من الممكن للقطاع الوصي وللجماعات الترابية أن تساهم بشكل مكثف في إحداث منصات فنية رقمية وتطوير آليات مبتكرة لتشجيع الإنتاج الفني وتوسيع دائرة مشاركة الجمهور الواسع، لكنها اكتفت بتدخلها الروتيني الذي بدا باهتا في هذه الظروف الاستثنائية”..
ولم يخف رئيس مؤسسة سلا للثقافة والفنون تخوفه من أن السنة المقبلة “لن تكون أفضل من سابقتها”، لاسيما وأنها سنة انتخابية “لا تسمح بتطوير برامج جديدة لحكومة في نهاية ولايتها”.
> عبد اللطيف أبي القاسم (و.م.ع)