حقق الفريق الوطني المغربي لكرة القدم تأهيلا مبكرا للدور الثاني من منافسات كأس الأمم الأفريقية بالكاميرون، بعد انتصارين في جولتين، على حساب كل من غانا وجزر القمر، ليحصد بذلك ست نقاط، مبتعدا عن الغابون صاحبة الصف الثاني بنقطتين.
ومن شأن المباراة الثالثة ضد الغابون غدا الثلاثاء، تكريس زعامة “أسود الأطلس” للمجموعة الثالثة، إذ يكفيه التعادل، لملاقاة صاحب المرتبة الثالثة بالمجموعات سواء الأولى أو الثانية أو السادسة، وهي حسابات جد معقدة، لن يحسم فيها، إلا بعد إجراء مباريات الجولة الثالثة والأخيرة من دور المجموعات.
ويعد مسار المنتخب المغربي إيجابيا إلى حدود الجولة الثانية، خاصة على مستوى النتائج المحققة، دون تلقي أي هدف، مع تسجيل ثلاثة أهداف، ليبقى وفيا لسلسلة النتائج الإيجابية التي حققها خلال السنتين الأخيرتين، إذ تعود آخر خسارة تلقاها أصدقاء العميد غانم سايس إلى شهر أكتوبر من سنة 2019 بملعب طنجة الكبير أمام الغابون.
إلا أن الملاحظ أن كل الاختيارات سواء البشرية أو التكتيكية من طرف المدرب وحيد خاليلوزيتش، تكون محط نقاش أو انتقادات، أو حتى استغراب، فلا يعقل أن يقدم على قرارات، تبدو صراحة غريبة، لافتقادها المنطق السليم والاختيار العقلاني والإقناع المطلوب.
صحيح أن المنطلقات تختلف بين من يرى الأمور من بعيد، وبين من يتحمل مسؤولية تدبير المجموعة بصفة مباشرة وعن قرب، واطلاع كامل على كل صغيرة وكبيرة، إلا أن هناك أشياء يمكن وصفها بالغريبة، لكونها لا تستند لأي رؤية تقنية صحيحة.
فاللاعب طارق تيسودالي تمت دعوته في آخر لحظة للالتحاق بالبعثة المغربية بالكامرون، بعد اعتذار عبد الصمد الزلزولي عن تلبية الدعوة، والغريب أن هذا اللاعب تحول بقدرة قادر إلى لاعب أساسي، فإذا كان المدرب يؤمن إلى حد الحد بإمكانياته وفعاليته، فلماذا لم يوجه له الدعوة منذ البداية؟
حالة أخرى، تتعلق ببدر بانون السيئ الحظ مع المنتخب الوطني الأول، فبعد التأكد من عدم جاهزيته الصحية لخوض البطولة القارية، تم على وجه السرعة الاستنجاد بأشرف بنشرقي الفاقد لإيقاع المنافسة الرسمية، والذي قدم مردودا سيئا خلال كأس العرب بقطر، مع المنتخب الرديف، والمنطق يقول من الأفيد تعويض مدافع بمدافع، إلا أن العكس هو الذي حصل تماما، إذ فاجأنا الطاقم التقني باختيار خارج المنطق.
وخلال المباراة الأولى ضد غانا لعب بسامي ماي، في وسط الميدان الدفاعي، وهو مركز غريب عنه، على جميع المستويات، فلاعب فيرنكفاروس المجري، ظل تائها دون أن يتمكن من تشكيل الحائط الأول لوسط الدفاع، وهى الثغرة التي شكلت ضغطا قويا على الثنائي غانم سايس ونايف أكرد.
وعندما سئل عن سبب هذا الاختيار الغريب أجاب المدرب، أن سامي كلف بمراقبة أندري أيو، وهذه نظرية أصبحت متجاوزة بكثير من المراحل، فالتطور التكتيكي لم يعد يسمح بفرض رقابة لصيقة على لاعب من الفريق الخصم، والمنظومة التقنية الجماعية تبقى الأسلوب الأنجع للحد من خطورة لاعب أو حتى مجموعة، وإذا كان لابد من فرض رقابة على لاعب ما، فالأقرب منه داخل رقعة الملعب، يتكلف مباشرة بالمهمة، دون التضحية بعنصر معين في التشكيلة.
ودائما خلال مباراة غانا، تم إدخال لاعب توجه له الدعوة لأول مرة، عز الدين أوناحي الذي لم يتدرب مع المجموعة، ولم ينظم لأي معسكر إعدادي، ولم يخض أية مقابلة إعدادية، ليصبح بقدرة قادر، لاعبا أساسيا في مقابلة صعبة أمام “النجوم السوداء”، مع ما يترتب عن ذلك من ارتباك وعدم توازن بالمردود التقني، وتأثير ذلك على المجموعة ككل.
وفي المقابلتين معا اعتمد على الشاب زكرياء أبو خلال كلاعب أساسي، مع أنه لاعب احتياطي في كل المباريات السابقة، صحيح أنه أبان عن رغبة قوية في تقديم المردود المطلوب، وكان وراء الهدف ضد غانا، كما سجل الإصابة الثانية ضد جزر القمر، والمنطق يقول أيضا، إن سفيان رحيمي كان جاهزا لخوض منافسات الكأس الأفريقية، وهو المتوج بجائزة أفضل لاعب بآخر نسخة لكأس أمم إفريقيا للمحليين “الشان”، كما يقدم مردودا جيد جدا بالدوري الإماراتي، فما السبب الذي يجعل وحيد يتجاهله بهذه الطريقة؟
كان من الممكن أن يستعين المدرب بلاعبين محليين متعودين على الأجواء الإفريقية سواء مع المنتخب المحلي أو مع الأندية من خلال مشاركاتهم مع بالمسابقات القارية، لهم القدرة على تشكيل البديل الجاهز في أي لحظة، مع العلم أن أغلب اللاعبين الذين وجهت لهم الدعوة، نشؤوا وتكونوا ولعبوا بأجواء أوروبية مختلفة تماما، عما يلاقونه حاليا بالمدن الكاميرونية…
ومع أن الفوز غطى على كل هذه العيوب، فإن كل الملاحظات تبقى حاليا دون جدوى، على أمل أن يستمر الحظ في مساندة وحيد صاحب الاختيارات الغريبة الأطوار والعجيبة…
>محمد الروحلي