أعلن وزير الداخلية، مؤخرا في مجلس النواب، أن الحكومة عاقدة العزم على العمل رفقة الفرقاء السياسيين من أجل إعطاء دفعة جديدة للعمل السياسي، لافتا إلى أنها ستعمل على إشراك الفاعلين السياسيين في إعداد الإطار القانوني والتنظيمي وفق المنهجية الديمقراطية المبنية على الحوار والتشاور، كما أبرز أن السنة المقبلة ستتميز باتخاذ التدابير اللازمة لإعداد النصوص التشريعية والتنظيمية ذات العلاقة بتدبير الملف الانتخابي، فضلا على استعداد الحكومة لدراسة كل المواضيع التي حظيت بنقاش كبير داخل الحقل السياسي الوطني منذ دخول قانون الأحزاب حيز التنفيذ، وذلك قصد إيجاد حلول ملائمة لكل الإشكاليات التي أفرزتها الممارسة عند تفعيل مضامين هذا القانون.
المرجح إذن، أن مطلع السنة المقبلة سيشهد انطلاق المشاورات بين الحكومة والأحزاب حول إصلاح القوانين الانتخابية، وأيضا قانون الأحزاب، وهي المشاورات التي ستتم عاما قبل الموعد الانتخابي القادم، ما يمثل فرصة للانكباب على بلورة إصلاحات حقيقية تروم معالجة مختلف الاختلالات ومظاهر العبث التي باتت لصيقة بحقلنا الانتخابي والسياسي.
إن ما جرى أثناء الدخول البرلماني لهذه السنة، وخصوصا ما يتعلق بالترحال البرلماني، ومستوى أدائنا البرلماني بصفة عامة، كل ذلك يفرض اليوم نقاشا صريحا وواضحا حول مستقبل التجربة الديمقراطية لبلادنا، وحول حاجة المغرب إلى جيل جديد من الإصلاحات القانونية والسياسية.
وإن التحديات التي تحيط ببلادنا، تجعل من تعزيز الجبهة الداخلية اليوم ورشا وطنيا ذا أولوية، ما يعني ضرورة تعزيز الإصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وتسريع وتيرة البرامج التنموية، بما يستجيب للمطالب الاجتماعية لشعبنا، ويكرس ثقة المغاربة في وطنهم وفي مستقبل بلادهم.
وفي كامل منظومة الورش المذكور، تبرز محورية الدور السياسي والتأطيري للأحزاب الوطنية الحقيقية والجادة، وواهم من يعتقد أن المغرب يمكن أن ينجح في إعمال إصلاحات سياسية وديمقراطية من دون أحزاب قوية وذات قرار مستقل.
إن الأحداث التي عاشتها بلادنا في الفترة الأخيرة، سواء ما تعلق باستهدافها من طرف بعض وسائل الإعلام الإسبانية والفرنسية والخليجية، أو ما جرى في العيون، كلها تحمل في ثناياها وفي عمقها، الحاجة إلى إشراك أكبر للأحزاب وتقوية قدراتها وإمكانياتها في التأطير وفي الحضور إن داخل أقاليمنا الجنوبية أو على الصعيد الديبلوماسي الدولي والإقليمي.
إن مصلحة بلادنا تفرض اليوم استحضار هذا الدرس، ويقتنع الكل أن المغرب لا يمكن أن ينجح في رهانه الديمقراطي من دون أحزاب قوية، ومن دون حياة حزبية تعددية ودينامية وقائمة على الأفكار والبرامج، وعلى التخليق والفعالية.