الدورة 54 لمجلس حقوق الإنسان بجنيف تناقش ملف ندرة المياه

من المنتظر أن يطرح المقرر الخاص بيدرو أروخو أغاودو، المعني بحق الإنسان في مياه الشرب المأمونة وحقه في خدمات الصرف الصحي، مسألة تأثير إقامة المشاريع الهيدروليكية العملاقة على النظم الإيكولوجية، موضوع تساؤل، وذلك خلال تقديمه بمناسبة الدورة 54 لمجلس حقوق الإنسان بجنيف، للتقرير الذي أعده تحت عنوان “إعمال حقوق الإنسان لمن يعيشون في فقر واستعادة صحة النظم الإيكولوجية: تحديان متلاقيان”.

وقال المقرر الخاص المعني بحق الإنسان في مياه الشرب المأمونة وحقه في خدمات الصرف الصحي: “إن ما سمى باستراتيجيات الإمداد القائمة على هذا النوع من البنية التحتية الضخمة التي تتلقى إعانات عامة هائلة، هي موضع تساؤل”، ملفتا إلى “أنه طوال القرن العشرين كان تطوير الأشغال الهيدروليكية الواسعة النطاق يدخل في صميم التخطيط الهيدرولوجي وإدارته، واليوم، ففي ظل وجود فهم أفضل لتأثيرات هذه الاستراتيجيات على النظم الإيكولوجية للأنهار والسكان المتأثرين على ضفاف الأنهار، تأثرا مباشرا أو غير مباشر فإن هذا الصنف من المشاريع أصبح موضوع تساؤل”.

ويظهر من خلال الطرح الذي أعلنه المقرر الخاص، القلق المتزايد بشأن الحلول المثلى لمسألة معالجة ندرة المياه، وقصور أشكال المعالجة التي تبنتها عدد من الدول لحد الآن من ضمنها المغرب، علما أن سياسة المملكة في مجال الماء، كانت دائما محط إشادة منظمات دولية، بالنظر لكونها مكنت من توفير المياه في مواسم جفاف شهدتها البلاد، بل ومكنت مناطق نائية خاصة ساكنة القرى من الحصول على مياه الشرب.

ويحذر المقرر الخاص في نفس الوقت من عمليات نقل المياه فيما بين أحواض المياه لمعالجة مخاطر الجفاف الناشئة عن تغير المناخ ولتوفير الإمدادات لمشاريع الري الكبيرة في الأحواض الملتقية، مردفا بالإشارة “إلى أن عمليات نقل المياه إلى الأنهار في دورات الجفاف بسبب نقص التدفقات القابلة للنقل، فإن هذه المشاريع الكبيرة تولد توقعات مرتفعة ومطالب متزايدة تؤدي، عند الإحباط إلى تفاقم الندرة وليس حلها”، وفق تقدير المقرر الخاص.

هذا وفي التقرير الذي تم برمجة مناقشته ضمن أجندة مكثفة الدورة 54 لمجلس حقوق الإنسان الأممي بجنيف، والتي ستنطلق يوم الاثنين القادم، أرجع المقرر الخاص جذور أزمة المياه والتهديدات التي تتعرض لها مصادر هذه المادة وتوفيرها لفائدة ملايير الأشخاص عبر العالم، إلى تردي النظم الإيكولوجية المائية، والتي ترتبط بـ 11 سببا، تشمل تعرض مصادر المياه للتلوث بشتى أنواع، والاستغلال المفرط لطبقات المياه الجوفية والنمو السكاني خاصة في المناطق الحضرية، وتسليع المياه وخوصصتها، والاستيلاء على الأراضي والمياه وتجفيف المياه من الأراضي الرطبة، فضلا عن اجتثاث الغابات على ضفاف الأنهار وتأثير المشاريع الهيدروليكية العملاقة.

وفيما يتعلق بعنصر تسليع المياه وخوصصتها، أشار المقرر الخاص، أن اعتبار المياه مجرد سلعة اقتصادية وتحويلها إلى سلع يمكن أن يعرض للخطر عنصر استدامة النظم الإيكولوجية وحق الإنسان في الحصول على مياه شرب نقية، قائلا “إن النظم الإيكولوجية لا يمكن أن تنافس في الأسواق، فإن استدامتها معرضة للخطر، محيلا على تصريح للمقرر الخاص السباق “ليو هير” الذي سبق بدوره أن قدم تقريرا في الموضوع إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة سنة 2020، بقوله” تؤدي خوصصة إدارة المياه والصرف الصحي بغية تحقيق أرباح للشركات إلى زيادة ضعف أشد الفئات فقرا”.

أما بشأن تجفيف الأراضي الرطبة من المياه أو نقلها، فقد نبه بالتأكيد “على أنه كثيرا ما تكون التنمية مبررا لنزح المياه من الأراضي الرطبة وتجفيفها، وهذا يؤدي إلى تدهور الوظائف الأساسية لهذه النظم ويعرض للخطر إمدادات المياه ومصايد الأسماك والوظائف التنظيمية الحيوية التي يستفيد منها سكان المناطق الواقعة على ضفاف الأنهار المعرضون لخطر الجفاف والفيضانان بسبب تغير المناخ.

Top