اللامنطق في كرة القدم

تتواصل بمنافسات بطولة كأس الأمم الإفريقية بكوت ديفوار، سلسلة المفاجآت والصدمات، والأحداث المثيرة، والتي تؤكد بالفعل أن هذه النسخة، من أقوى الدورات، وأشدها غرابة وقساوة، بل يمكن القول، إنها استثنائية بجميع المقاييس…
خلال دور المجموعات، شهدت هذه البطولة الكثير من المفاجآت، بالخروج المبكر لمنتخبات كانت مرشحة للتتويج، بينما عانت أخرى لكي تضمن تأهلا صعبا وشاقا، في حين واصلت تلك التي توصف بـ “الضعيفة” طريقها، بين كبار الدور الـ16 للمرة الأولى.
غادرت الجزائر إلى ديارها، وودعت تونس باكرا، وأقصيت غانا بطريقة لا تليق ببطلة القارة أربع مرات، بينما حققت كوت ديفوار البلد المنظم، تأهيلا يمكن وصفه بالمعجزة، عن المجموعة الأولى، بعد هزيمتين أمام كل من نيجيريا وغينيا الاستوائية، وانتصار سهل في مباراة الافتتاح على حساب غينيا بيساو.
وفي أولى مباريات دور الثمن، التحقت مصر بكوكبة المغادرين، وتبعتها موريتانيا، بعد وصول تاريخي لهذا الدور، تبعتها أيضا غينيا الاستوائية وأنغولا والكامرون، والبقية تأتي…
إلا أن منتخب الفيلة الذي وصل لهذا الدور، بفضل هدف ثمين وقعه المغربي حكيم زياش، أبقاه على قيد الحياة، حيث انهزمت زامبيا أمام “أسود الأطلس”، في آخر جولات دور المجموعات، نتيجة واحد لصفر، خدمت مصالح البلد المستضيف، وكرست بالتالي اللامنطق في كرة القدم، وبطريقة تكاد لا تصدق…
فالتشكيلة الإيفوارية حققت التأهيل ضمن كوكبة الأربعة أصحاب المركز ثالث، وبفارق الأهداف فقط، ثم تخلت في الطريق عن مدربها؛ كما رفض الفرنسي هيرفي رونار، لعب دور العجلة الاحتياطية، إلا أنها تمكنت من تكذيب كل التكهنات، وأمام ذهول كل المتتبعين، استطاعت إقصاء منتخب السنغال حامل اللقب، وأكبر مرشح للفوز بالنسخة الـ (34).
ففي موقعة مثيرة، امتدت إلى منتصف ليل الاثنين-الثلاثاء، شهدت القارة ومعها كل المتتبعين عبر كل بقاع العالم، كيف غادر “أسود التيرانغا” عن طريق الضربات الترجيحية القاتلة، ضيعوا تسديدة واحدة لا غير، فودعوا المسابقة من دور الثمن، بعدما دخلوا المسابقة بثوب البطل.
تسلح الإيفواريون بطموح جارف، استعانوا بمدرب محلي مغمور، تقووا بجمهور صاخب، ليحققوا ما كان يعتقد أنه من سابع المستحيلات، خاضوا جولة ثانية مثالية، تمكنوا من ضمان التأهيل لدور الربع، بعدما كان سحرة السنغال سابقين للتسجيل.
استمات رفاق البديل فرانك كيسيه في الشوطين الإضافيين، ليتم الاحتكام لضربات “الحظ” التي ابتسمت لهم، وأبكت الملايين من السنغاليين الذين راهنوا بقوة على أصدقاء النجم ساديو ماني.
إنها بالفعل قمة اللامنطق في كرة القدم، ومخطئ من يراهن دائما على الأرقام والمعطيات والدلالات، فكثيرا ما تحمل مغالطات، تكذبها أرضية الملعب التي لا تؤمن إلا بالجاهز آنيا، وفي اللحظة والوقت المناسبين…

>محمد الروحلي

Top