جداريات في أبيدجان تحكي قصة الكرة الإيفوارية

من رفع المدافع كولو حبيب توريه لكأس 2015 مرورا بصرخة “الفيل” ديديه دروغبا بعد إحرازه هدفا إلى وجوه أسطورة الكرة بالبلاد الراحل لوران بوكو والراحل عن ثلاثين سنة شيخ تيوتيه، تحكي جداريات ملونة حول ملعب بلدية تريشفيل الترابي في قلب أبيدجان قصة كرة القدم في كوت ديفوار الفائزة بكأس أمم إفريقيا مرتين.
خط طلاب في المدرسة الفنية في أبيدجان الجداريات حول الملعب لمناسبة استضافة بلدهم لكأس أمم إفريقيا بين 13 و11 فبراير، للمرة الثانية بعد 1984.
وقرب جدارية عملاقة تصور لاعب تشيلسي الإنجليزي القائد دروغبا الذي قاد بلاده لكأس العالم ثلاث مرات متتالية في 2006 و2010 و2014.
وقال المهندس المدني إريك أكا (27 عاما) لوكالة فرانس برس إنها “جداريات مبهجة تروي قصة الكرة في بلدنا وأبرز رموزها”.
وتابع بتصميم واضح “خصوصا اللاعبين المولودين هنا في تريشفيل (أو في كوت ديفوار عموما) ثم انضموا للمنتخب الوطني”، قرب صورة صغيرة لمهاجم بوروسيا دورتموند الألماني والبلاد سيباستيان هالر المولود في ضواحي باريس.
وأشار إلى صورة عملاقة لأسطورة الكرة الإيفوارية في ستينات وسبعينات القرن الماضي لوران بوكو الذي ظل لعقود الهداف التاريخي لكأس أمم إفريقيا برصيد 14 هدفا سجلهم في نسختين فقط 1968 و1970 خلال 4 مشاركات.
وظل رقمه صامدا حتى كسره الكاميروني صامويل إيتو بتسجيله هدفه الخامس عشر في النهائيات في بطولة غانا 2008، قبل أن يصل إلى 18 هدفا إجمالا.
لكن بوكو، المولود في تريشفيل ونجم رين الفرنسي، لا يزال يحتفظ برقم قياسي آخر، فهو اللاعب الوحيد في تاريخ البطولة الذي سجل خمسة أهداف في مباراة واحدة، وذلك في مرمى إثيوبيا في بطولة 1970.
وقال أكا بحماس شديد إن صورة بوكو التي تجسده جالسا ضاما يديه لصدره “تمثل كل ما قدمه لكرة القدم الإيفوارية، خصوصا في تريشفيل، لأنه نقل الكثير من معرفته لنا”.
وأضاف “قام بتدريب أشخاص مثل شيخ تيوتيه وسيكو سيسيه، والعديد من الآخرين الذين انضموا إلى المنتخب الوطني”، إنها “لفتة لتكريم ذكراه ولتعرفه الأجيال الجديدة”.
وتجسد صورة أخرى اللاعب شيخ تيوتيه الفائز ببطولة 2015 والذي لعب لعدة أندية أوروبية أبرزها نيوكاسل الإنجليزي في قمة مسيرته (2010-2017).
وتوفي تيوتيه عن عمر يناهز 30 عاما في يونيو 2017 إثر إصابته بسكتة قلبية، أثناء مشاركته في التمرينات رفقة ناديه في الصين.
وقال أكا بحزن بالغ “تيوتيه ابن هذه المنطقة ونعرف عائلته جيدا. قصته مأساوية للغاية”.
على مقربة، تتوسط صورة لرئيس اللجنة المنظمة للبطولة فرانسوا أميتشيا عددا من اللاعبين والرياضيين العاجيين مثل العداءة مورييل أهوريه.
لكن تظل صورة توريه محتفلا بكأس 2015 بعد الفوز على غانا بضربات الترجيح تشكل “لحظة لا تصدق” في الكرة العاجية بحسب أكا وآخرين.
فكوت ديفوار كانت تملك وقتها جيلا ذهبيا بقيادة دروغبا ورفاقه لكنه خسر نهائي 2006 أمام مصر بضربات الترجيح و2012 أمام زامبيا بضربات الترجيح أيضا، بعد إهدار دروغبا ضربة جزاء قبل نهاية الوقت الأصلي بعشرين دقيقة فقط.
وقال أكا “كانت فرصتنا الأخيرة للفوز بالبطولة. لدينا بطولتان فقط، أقل كثيرا مما نستحق”.
وقال الميكانيكي سليمان تولو (54 عاما) وهو يمر بمحاذاة صورة الكأس الذهبية بعد أن تنهد “حين أراها أشعر بالفخر ببلادي، أشعر بالفخر لوجودي في كوت ديفوار. إنه مصدر فخر حقيقي لنا”.
وأضاف “هذه ليست مجرد رسومات فقط، إنها تمنحنا الروح المعنوية لدعم الفريق”.
وفيما كان في طريقه لمنزله رفقة زملائه بعد انتهاء يومهم الدراسي، قال خضر سلام (14 عاما) في زيه المدرسي رملي اللون “الجداريات تعكس فرحة كوت ديفوار بتنظيم البطولة”، مبديا حلمه أن يصبح “يوما لاعبا كدروغبا أو توريه”.
وفي أرجاء المدينة تنتشر رسومات أخرى تصور لحظات مميزة في تاريخ كوت ديفوار ولاعبيها الآخرين كلاعب مانشستر سيتي الإنجليزي يحيى توريه وجناح تشيلسي سالمون كالو، وحتى يوسف فوفانا نجم بطولة 1992.
وبفوز واحد فقط على غينيا بيساو 2-0 افتتاحا وهزيمتين أمام نيجيريا 0-1 ثم أمام غينيا الاستوائية 0-4، تأهلت “الفيلة” للدور الثاني كأسوأ صاحب مركز ثالث، وهي التي نجحت في تخطي السنغال (حاملة اللقب) الاثنين الماضي في ياماسوكرو.
وقال بإحباط “إذا لم تفز كوت ديفوار، بصراحة سنشعر بخيبة أمل، لكن بهجة كأس أمم إفريقيا لن تراوح مكانها”.
لكنه أردف بحماس “سنواصل الذهاب إلى الملاعب ودعم الفرق الأخرى. سيكون هناك دائما احتفالا بكأس الأمم وسنروي لناس قصتنا تماما كما تفعل الجداريات”.

Top