وضع الخروج المبكر للفريق الوطني المغربي لكرة القدم، من مسابقة كأس إفريقيا للأمم بكوت ديفوار، الطاقم التقني تحت رحمة الانتقادات، وكثرة الملاحظات، وطرح علامات استفهام كبيرة، بخصوص العمل الذي يقوم به هذا الطاقم الطويل والعريض…
وطبيعي أن توجه سهام النقد لوليد الركراكي، بصفته المسؤول الأول عن هذا الطاقم، لكن يتساءل الكثيرون عن حقيقة العمل الذي يقوم به أساسا المساعدون، ونعني بهما رشيد بنمحمود وغريب أمزيل، وظهر النقص واضحا بالخصوص بعد قرار توقيف الركراكي، من طرف الاتحاد الإفريقي للعبة (الكاف)، وعدم تمكنه من الإشراف المباشر على قيادة “أسود الأطلس” ضد زامبيا.
خلال المقابلة الثالثة عن دور المجموعات، تم اللجوء لعملية التواصل من المدرجات، وهو الحل الذي يكتسي طابع الصعوبة، نظرا لعدم اتخاذ القرارات الآنية في التوقيت المناسب، وهنا تبرز الحاجة إلى مدرب مساعد قادر على اتخاذ القرارات في حينها، مع التنسيق بطبيعة الحال، مع المسؤول الأول عن الطاقم التقني.
مصادر متطابقة، تتحدث عن عدم رضا إدارة الجامعة عن قيمة العمل الذي يقوم مساعدا الركراكي، فأمزيل لم يقدم أي إضافة تقنية أو تكتيكية، بينما يكتفي بنمحمود بالحديث مع اللاعبين، وخلق أجواء مرحة فيما بينهم، في حين لا يلاحظ أي دور تقني أو تكتيكي، يفترض أن يقوم به الاثنان، كجزء أساسي من فريق عمل، تتكامل داخله مختلف الأدوار.
أمام هذه الملاحظات، تبدو أن هناك رغبة قوية في اتخاذ قرار يقضي بتغيير الطاقم التقني، أو تطعيمه بأسماء مخضرمة، قادرة على مساعدة وليد الركراكي في عمله، حتى يتمكن من تطوير الأداء التكتيكي للمنتخب المغربي.
ويظهر ذلك من خلال ردود الفعل المختلفة، والحقيقة أن تكوين الطاقم التقني المرافق لوليد جاء متسرعا، فمباشرة بعد تأهل “أسود الأطلس” لمونديال قطر 2022، وفك الارتباط مع المدرب وحيد خاليلوزيتش، كان من الضروري الإسراع بتعيين طاقم جديد، وتحت ظروف ضاغطة، تمت الاستعانة بخدمات الأسماء التي تعمل إلى جانبه حاليا، والتجربة أكدت أن النتائج ليست في مستوى التطلعات…
بنمحمود ارتبط بمهمة المساعد، إذ سبق له أن اشتغل كمساعد للطاوسي بالمنتخب الأول، ثم مساعدا للحسين عموتة بالمنتخب المحلي، ومساعدا لنفس المدرب بفريق الوداد البيضاوي.
أما أمزيل فاشتغل كمساعد لمدرب ليتروا الفرنسي المنتمي للدرجة الأولى بالدوري الفرنسي.
والإشكال الحقيقي هنا، أننا أمام سيناريو مكرر لحالة مصطفى حجي الذي سبق أن اشتغل كمساعد طيلة ثماني سنوات، تواجد خلالها إلى جانب كل من بادو الزاكي، هيرفي رونار ووحيد خاليلوزيتش، حيث اكتفى خلال هذه المدة الطويلة، بدور أقل ما يقال عنه أنه شكلي، ليس إلا…
بعد كل هذه المدة الطويلة لم يظهر حجي أي تطور يذكر، بعد أن فضل دائما البقاء بعيدا عن الأضواء، كما لم يبد أية رغبة في تحمل المسؤولية، فهو لم يحرك ساكنا في اتجاه تجاوز أدوار شكلية، يمكن أن يقوم بها أي شخص عادي، لا تليق باسم كبير في تاريخ الكرة الوطنية، سبق له أن توج بالكرة الذهبية الإفريقية…
والواقع حاليا يؤكد تكرار نفس التجربة التي سبق أن عاشها الطاقم التقني للمنتخب منذ سنوات خلت، أي أنها لم تفرز وجود مدرب مساعد له القدرة على التطور، مرشح لتسلم المشعل بعد رحيل المسؤول الأول عن الطاقم التقني، مدرب مساعد يشتغل بكفاءة، ووفق تقسيم واضح للأدوار والمهام، يظهر رغبة في تحمل المسؤولية، وليس مجرد مساعد يوزع الأقمصة، ويمازح اللاعبين، ويضرب على أكتافهم لحظة التبديل…
مدرب مساعد مؤهل لقيادة المنتخب المحلي مثلا، أو أية فئة أخرى، في إطار خيط منتظم تشرف عليه الإدارة التقنية للمنتخبات، ويلعب وسطها المدرب الأول دورا أساسيا، هذا هو المطلوب من تواجد فريق عمل، يكلف الكثير من الناحية المالية، بعيدا عن أية مجاملة تتحكم في عملية التعيين التي تتداخل خلالها -أحيانا- الصداقات الخاصة، والحرص على تقديم خدمة اجتماعية…
نعتقد أنه يمكن الإبقاء على بنمحمود وحتى أمزيل، وهو قرار يعود لإدارة الجامعة، لكن لابد من الاستعانة بخدمات إطار وطني آخر، يشتغل كمدرب مساعد حقيقي لوليد الركراكي، إطار مؤهل ليصبح في المستقبل القريب أو البعيد، مدربا قادرا على قيادة الفريق الوطني…
هذا هو التعيين الذي يدخل في إطار خدمة المستقبل، وضمانا للاستمرارية، داخل تركيبة الإدارة التقنية للفريق الوطني، حتى لا تكون هناك قطيعة لحظة أي تغيير، سواء أكان طارئا أو مخططا له…
محمد الروحلي