من أجل تقوية التحرك

بالرغم من أن الاجتماع الخامس غير الرسمي حول الصحراء، الذي جرى في مانهاست تحت رعاية الأمم المتحدة، لم يتمخض عن جديد بارز في سياق السعي إلى حل سياسي نهائي للنزاع، فإن العديد من المراقبين ربطوا انعقاده بالسياق الإقليمي الراهن، خصوصا ما جرى في تونس، وأيضا الاحتجاجات الداخلية التي شهدتها الجزائر، علاوة على تصريحات مسؤولين إسبان، ضمنهم وزيرة خارجية مدريد التي أكدت، عشية الاجتماع، أن هناك بدائل أخرى لحل النزاع في الصحراء من غير الاستفتاء، وهذه المعطيات تقود إلى التساؤل عما إذا كانت ستكون لها انعكاسات على مسلسل التفاوض، وخصوصا في اتجاه تغيير موقف الجزائر والبوليساريو.
الاجتماع الخامس واصل العمل بالمقاربة المجددة التي شرع فيها في الاجتماع السابق، وقام الوفد المغربي بتفسير وشرح المقترح الخاص بالحكم الذاتي، وعرض أفكارا ملموسة لتسريع وتيرة المفاوضات بهدف التوصل إلى الحل السياسي المنشود.
وجاءت أحداث تونس لتعيد التنبيه إلى أهمية حماية الاستقرار في المنطقة المغاربية، كما أن احتجاجات الجزائر، والتوترات الداخلية المتواصلة، يرى بعض المحللين أنها ستجبر النظام الجزائري في النهاية على الوعي بضرورة التجاوب مع المطلب الأممي الرامي لحل النزاع، والانتقال للعمل من أجل اندماج مغاربي حقيقي، وتوحيد جهود بلدان المنطقة في مواجهة كل الرهانات الأمنية والإستراتيجية والتنموية المطروحة عليها.
وفي السياق نفسه، فإن التصريحات الأخيرة الصادرة عن أركان الحكم في مدريد تحيل على وجود شيء ما يتحرك لدى الجار الشمالي للمملكة، وتجعل الموقف الإسباني ينضاف لمواقف عدد من الدول الأوروبية والأمريكية، التي ترى أن الاستفتاء بات متجاوزا، وأن المقترح المغربي الخاص بمنح الأقاليم الجنوبية حكما ذاتيا موسعا في إطار السيادة المغربية، يبقى المدخل الوحيد الجدي وذي المصداقية، والقادر على إخراج المسلسل من المأزق.
المرحلة تقتضي اليوم أن ترفع الديبلوماسية المغربية من إيقاع الضغط الدولي، وتقوية حضورها في أوروبا وأمريكا، واستثمار مختلف الأوراق المتاحة على الصعيد الإقليمي والدولي، وأيضا داخل مخيمات تيندوف، وذلك من أجل تحويل كل هذه التغيرات إلى دعامات إضافية  للترافع المغربي.
من جهة ثانية، فإن الحضور الفاعل في الميدان ووسط ساكنة الأقاليم الجنوبية، من خلال مواصلة البرامج التنموية والتدابير الاجتماعية لفائدة المواطنين، وأيضا من خلال تعزيز دينامية سياسية ديمقراطية وسط هذه الأقاليم، وبمشاركة الهيئات السياسية الجدية، سيجعل المقاربة ذات نفس ديمقراطي تنموي، وسينقل الخطاب إلى دائرة الفعل الملموس، وسيكرس علاقة جديدة تقوم على القانون وعلى احترام كرامة الناس ومواطنتهم.
الظرف مناسب لتقوية التحرك، والمسؤولية على الجميع..

Top