درس من واقعة القميص البركاني…

يزداد يوما بعد يوم عداء الطغمة العسكرية، المتسلطة على رقاب الشعب الجزائري الشقيق، اتجاه كل ما هو مغربي، وهذه حقيقة أصبحت واضحة للعيان، ولم يعد حتى المجال الرياضي بمنأى عنها.

آخر فصول هذا العداء التاريخي الذي عرف نوعا من التصعيد في السنوات الأخيرة، ما تعرضت له بعثة فريق نهضة بركان، واختلاق أزمة القميص، لكونه يحمل خريطة المغرب كاملة، وصل إلى حدود احتجاز السلطات الاستخباراتية للنظام العسكري، كل أفراد البعثة، بمطار الهواري بومدين بالجزائر العاصمة، دام أكثر من 11 ساعة كاملة…

وفي انتظار القرار الذي سيصدر عن جهاز الاتحاد الإفريقي لكرة القدم، بخصوص هذه النازلة، والتي تضم شقين، أولا حالات التعسف الفادحة التي تعرضت لها كل مكونات البعثة، وما نتج عن هذا السلوك الأرعن، من مصادرة القميص الرسمي، والتسبب في عدم إجراء مباراة تهم نصف نهاية مسابقة قارية، لها ممولون ورعاة، أضف إلى ذلك حقوق النقل التلفزي…

وقد أجمع الكل، على أن بعثة الفريق المغربي، تصرفت اتجاه حماقات المسؤولين الجزائريين، بكثير من الحكمة والرزانة، وعدم الانفعال، واتخاذ القرار المناسب، في الوقت المناسب، وبالسرعة التي تفرضها الوضعية، والتفاعلات اللحظية…

وهنا لابد من التركيز على الدور الذي لعبه رئيس الوفد، حكيم بنعبد الله، حيث أظهرت كل الصور والفيديوهات المسربة، والمواقف المعبر عنها في حينه، أنه كان في مستوى المهمة الصعبة التي وجد نفسه مقيدا بها، وما ترتب عن ذلك من تطورات ومستجدات، تتفرع بين ما هو قانوني، وضرورة الحفاظ على سلامة كل الأفراد، وعدم الدخول في مساومة أو قبول، أي تنازل يمس المغرب، كدولة ذات سيادة، تحترم التزاماتها، ولا تقبل أبدا بالتطاول على مقدساتها، وكل ما يشكل إجماعا وطنيا…

وبالنظر إلى كل هذه المعطيات، لابد من التركيز من الآن فصاعدا، على الكيفية التي يجب اتباعها، من حيث تشكيل الوفود الرسمية، سواء الرياضية أو غير الرياضية، لأن هذه المسألة أصبحت أساسية، أمام تصعيد خطير، أصبحت تتعامل به الطغمة العسكرية، وكل الجهات التي تتبنى أطروحتها، أو تدور بفلكها، وتتحرك بتوجهاتها..

فالمؤكد أن إمكانية توقع، ما سيحدث مستقبلا، أصبح أمرا صعبا، وبالتالي لابد من مراعاة مبدأ الكفاءة، والتكوين الشخصي، وإتقان اللغات، والخبرة في التواصل، والأهلية التي تسمح بتحمل مسؤولية قيادة وفد، وأهمية اتخاذ القرارات الصائبة، كيفما كانت الظروف والأحوال…

حالة مطار الهواري بومدين، وما سبقتها من أحداث مؤسفة، أكدت بالملموس أننا أمام نظام همجي، يمكن أن تتوقع منه أي سلوك عدواني، وبالتالي فإن التساهل مستقبلا، لم يعد ممكنا بالمرة..

>محمد الروحلي

Top